البروفيسور بن حبتوركتبوا عن البروفيسورمكتبة القلم

موسوعه البروفيسور ابن حبتور جديره بالقراءه

اللواء الركن/محمد ناصرالعاطفي- وزير الدفاع قائد لواء الصواريخ الأسبق

بونٌ شاسعٌ بين مَن تنقاد لهِ الْمُفرداتُ، وتنساق إليه الأفكارُ طوعاً، وبين مَن بعتسف الكلام، ويستعصي عليه سلامة البَوْح به، وفرق واضح بين السّياسيّ الذي يتنفس نظافة، وصدقاً، وثقة، وإيماناً.. وبين السّياسيّ الذي يجتزئ المواقف، ويركب مُوجاتها دون درايةٍ ببواطنها، ودون نظافةٍ، ودون مصداقيّةٍ في التعامُل بها ومعها.

اخترتُ هذا المُدخلَ للحديث عن سياسيِّ نظيفٍ، وأكاديميِّ مُتمكّنٍ، ومُنّكِ اتقن فنّ القيادة برُؤيةٍ، وهُدوءِ، وحكمةٍ، ونقاء نفس..

لديه من المعرفة ما يستطيع أن يُعطي الآخرَ أكثرَ ممّا يأخذ .

إنّ الحديث هُنا ليس تزلّفاً، أو إشادة فارغة في شخصٍ ليس له هُويّة، أو أنّه مجهول، إنّنا هُنا نتحدث عن هامةٍ وطنيّةٍ عملاقةٍ.. إنّه السّياسيّ والأكاديميّ البروفيسُور عبد العزيز صالح بن حبتُور، وما هذا الطّرح إلا مُقارنة صادقة ومُنصفة لما قدّمه من  إبداع، ومن نتاج فكريّ وسياسيّ يصل مداه الزّمنيّ إلى أربعة عُقودٍ ونيّفٍ من الزّمن، ومثل هذا النّتاج الابداعيّ لم يُترك نهباً للضّياع، أو السّفر في ملفاتِ تائهةٍ من الإهمال. . وإنّما هو نتاجٌ إبداعيّ تمّ احتواؤه في إطار مصفَوفةٍ إبداعيّةٍ ، اسميتْ الموسُوعة، ووصل عددها إلى عشرين جُزءاً، تحمل في طيّاتها تاريخاً حافلاً بكافة المتغيّرات، وبأحداثِ عاشتها اليمنُ، وعاشها الأكاديميّ، والسّياسيّ، والمثقف البروفيسُور عبد العزيز بن حبتُور – رئيسُ مجلس الوزراء، وهي تتعدّد وترتحل من قضيّةٍ إلى قضيّةٍ أخرى، ومن أحداثِ مرحلةٍ إلى
أحداثِ مرحلةٍ أخرى. .

وحسناً فعل ذلك في انتظام كلّ تلك الفعاليّات، والمُعايشات، والمُشاهدات في إطار الأجزاء العشرين من موسُوعة ابن حتُّور؛ لأنّ مُحتوى هذه الأجزاء ليستْ ملكاً لابن حبتُور، ولكنّها ملكٌ لكلّ اليمنيين، ولكلّ المُهتمّين، وكلّ المُؤرّخين، والإعلاميين، بل والسّياسيين، فهي ذاكرة وطنيّة خصبة، وهي مُعايشاتٌ واقعيّة، وإبداعاتٌ أكاديميّ غزير المعرفة، ومُتعدّد الاطلاع، وصادق الانتماء لهذه الأرض الطيّبة.. وهي أيضاً مُساهمة جادّة من سياسيّ عالي الاحتراف، ونقيّ السّريرة، ونظيف المواقف. . إذْ لم يعهدْ على ابن حبتُور أنّ السّياسة ساقته إلى مُنز لقاتٍ، أو خفايا من خفايا السّياسيين الذين تجدهم بألف لونٍ، وألف موقفٍ وألف وجهٍ.

لذا فإنّ الإبحار في يمِّ الإبداع الحبتُوري هو إبحارٌ مأمُونٌ، ويعود على مُبحريه بالنّفع والجدوى.. وأعني هُنا الجدوى المعرفيّة، والثقافيّة، والقراءة المُعمّقة للإبداع لهذه القامة العلميّة والمعرفيّة التي ترتحل بقارئها إلى آفاقٍ رحبةٍ من
سعة الإدراك، ومن معرفة دقائق الأحداث، وتيقن وفهم الأهداف العظيمة التي تحفل بها الأجزاء العشرون ..

ومثل هذا الأكاديميّ، والسّياسيّ، والمُثقف ليسِ من السّهل أن يحظى القارئ، أو المُتابع أو المُطلع بالوصُول إليه بسُهولةٍ؛ لينهلَ من معرفته وعلمه، ولكنّه في نتاج إبداعه هذا فانّك تجد نفسك تقف أمامَ سهلٍ مُمتنع، وأمامَ إبداع بعيداً عن التعقيد، والإطالة المُملة، أو السّرد المُزعج..

ممّا لا شكٍّ فيه أنّ مَن عرف هذه الهامة الوطنيّة، و العلميّة، والثقافيّة، والسّياسيّة المُحنّكة سيفخر بهذا الإنجاز، والعمل الموسُوعيّ المُتقن، والمُتعدّد، والواسع الذي يختزل عُقوداً من الحضُور السّياسي، ومن العمل الأكاديميّ،
ومن ثمار الخدمة المُجتمعيّة التي يحفل بها تاريخٌ هذا الرّجل الكريم ذي الخُلق، والعطاء واحترام الذّات، واحترام تاريخ هذا البلد الطيّب. من مُنطلق أنّ ما حظي به هذا العمل الموسُوعيّ ليس ملكاً خاصّاً بالسّياسيّ، والأكاديميّ البروفيسُور عبد العزيز بِن حبتُور، وإنّما تحوّلتْ إلى سِفْرٍ وثائقيّ، ومُحتوَى إبداعيّ معرفيّ ملكِ لكلِّ اليمنيين، ولهذا فإنّ الكتابة عن هذا العمل الموسُوعيّ، أو إعادة قراءة التّفاصيل التي حفل بها أو التعليق عليه سيظلّ أمراً مُتعارفاً عليه، وستبقى الكتابة على هامشه مسألة مطلوبة، ومُحبّذة لدى كافّة المهتمّين بالمعرفة، وبالحقائق التّاريخيّة .

وللأمانة، ومن مُنطلق المصداقيّة، والإنصاف لهذا الجُهد الكبير فإنّ العمل الموسُوعيّ لابن حبتُور هو إضافة قيمة معرفيّة إلى المكتبة اليمنيّة، وعزّز من قيمتها لما له من أثرٍ كبيرٍ في سدّ ثغراتٍ معرفيّةٍ عديدةٍ فيها..

ومن هنا وبكلّ امتنانٍ، وعِرفانٍ دعونا نقلْ لابن حبتُور: سلمتْ يداكَ، وبُوركتْ كلَّ جُهودكَ العلميّة، والسّياسيّة، والمُجتمعيّة، وندعو اللّهَ أن يمُدكَ بالعافية، والصّحّة، والعُمر المديد؛ لتواصلَ جُهدك الوطنيّ، والعلميّ الجميلِ في التأسيس والتأهيل لإبداع يمنيّ خالصٍ، وعطاءٍ معرفىّ مُتجدّدٍ دوماً، ليُسجّلَ حقائق التاريخ، ويُنصفَ هذا الوطن المعطاء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى