
ذاكرة وطن… عدن من الاحتلال إلى الاستقلال
كاتب: علي ناصر محمد القسم: الكتب الالكترونية الناشر: دار المدى منشور: يونيو 1, 2020 وسوم: اليمن الجنوبي | ذاكرة وطن | عدن | علي ناصر | مذكرات More Detailsذاكرة وطن
المؤلف: علي ناصر محمد
سنة النشر: 2020
النوع: مذكرات سياسية، تاريخ حديث، سيرة ذاتية
فكرة الكتاب الأساسية
في كتاب “ذاكرة وطن”، يقدم الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد شهادته على واحد من أكثر العهود اضطرابًا في تاريخ اليمن الحديث، خصوصًا في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب اليمني سابقًا).
الكتاب ليس مجرد سرد مذكرات شخصية، بل هو قراءة تحليلية نقدية للتحولات السياسية والاجتماعية الكبرى التي عصفت باليمن الجنوبي، ويمثل شهادة على مرحلة شديدة التعقيد، شارك فيها المؤلف كشاهد وصانع للقرار.
أولًا: مضمون الكتاب
🔹
1. الطفولة والنشأة
وُلد علي ناصر محمد في منطقة دثينة بمحافظة أبين عام 1939م.
نشأ في بيئة ريفية بسيطة، حيث كانت أبين، كغيرها من مناطق الجنوب اليمني، تعيش تحت الاحتلال البريطاني، وكانت من معاقل النضال المبكر ضد الاستعمار.
“نشأت في أبين، حيث تغرس الثورة جذورها في الأرض قبل أن تفوح رائحتها في السماء.”
هذه البيئة الريفية البسيطة، المفعمة بروح التحدي والكرامة، شكلت الأساس لشخصيته النضالية اللاحقة.
🔹
2. مناضل وثائر
انخرط مبكرًا في صفوف الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن، وهي التنظيم الذي قاد الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني.
- شارك في النضال الثوري العسكري والسياسي.
- كان أحد قيادات العمل الفدائي المنظم.
- عاصر مراحل التحرير المختلفة التي أدت إلى استقلال الجنوب في نوفمبر 1967م.
🔹
3. صعوده السياسي
بعد الاستقلال:
- تولى عدة مناصب سياسية وإدارية:
- وزير الداخلية.
- رئيس الوزراء.
- وأخيرًا، رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بين عامي 1980 و1986م.
سعى خلال فترة رئاسته إلى:
- تحديث مؤسسات الدولة.
- تطوير البنية التحتية رغم قلة الموارد.
- التقريب بين الفصائل الثورية المتنافسة.
لكنه واجه أيضًا تحديات جسيمة داخل الحزب الاشتراكي اليمني، وصراعات أيديولوجية معقدة.
🔹
4. أحداث 13 يناير 1986
يقدم شهادة تفصيلية على الصراع الدموي الداخلي الذي حدث في يناير 1986م:
- خلافات حادة داخل الحزب الاشتراكي.
- تحول الخلاف السياسي إلى نزاع مسلح دموي.
- انهارت خلاله جبهة علي ناصر محمد، مما اضطره إلى مغادرة البلاد.
“كان صراع الرفاق أقسى من مواجهة الاستعمار… دماء أبناء الوطن سالت بأيدي بعضهم البعض.”
يحلل جذور الأزمة بعيدًا عن التبرير الذاتي، مشيرًا إلى:
- غياب الديمقراطية الحقيقية داخل الحزب.
- انعدام قنوات التصحيح السياسي.
🔹
5. الوحدة اليمنية
يتحدث عن دوره في تمهيد الطريق للوحدة بين الشمال والجنوب:
- رغم أحداث يناير، ظل يؤمن بفكرة الوحدة.
- دعم جهود التواصل مع الشمال بقيادة الرئيس علي عبد الله صالح.
- يحلل كيف أن الوحدة وُلدت بطريقة لم تعالج الجراح العميقة ولم تستوعب المخاوف الجنوبية.
🔹
6. مراجعات نقدية للتجربة
ينتقد في مذكراته:
- التحول السريع نحو تطبيق نماذج اشتراكية مستوردة لا تناسب طبيعة المجتمع اليمني.
- الغرق في الصراعات الداخلية.
- غياب الثقافة المؤسسية وسيطرة عقلية الفرد الواحد.
ويؤكد أن:
“التاريخ لا يرحم من يعجزون عن التغيير في الوقت المناسب.”
ثانيًا: اقتباسات مهمة
- “الوطن ليس حقيبة تحزمها وقت الأزمات، بل هو ذاكرة لا تبرح القلب.”
- “لم نفهم حينها أن بناء الدولة لا يتم بالسلاح وحده، بل بالحوار والشراكة والاحترام المتبادل.”
- “من يقرأ التاريخ بعين واحدة، يصنع مستقبله بعينين معصوبتين.”
- “الوحدة كانت حلمًا نقيًا، أفسدته أيدي الساسة العاجزين.”
ثالثًا: تحليل نقدي
🔹 نقاط قوة الكتاب:
- يقدم شهادة من الداخل حول فترة شديدة الحساسية من تاريخ اليمن.
- يدمج السرد الذاتي بالتحليل السياسي بلغة سلسة وواضحة.
- يكشف خفايا الصراع في الحزب الاشتراكي اليمني.
🔹 نقاط نقدية:
- قد يُؤخذ على الكاتب ميله إلى تبرير مواقفه في بعض المحطات.
- يغلب الطابع الشخصي أحيانًا على السرد، مما قد يقلل من الموضوعية في بعض التحليلات.
ومع ذلك، يظل الكتاب وثيقة تاريخية لا غنى عنها لأي باحث في تاريخ اليمن المعاصر.
خاتمة
“ذاكرة وطن” أكثر من مجرد مذكرات شخصية؛ إنه مرآة لجيلٍ عاش الثورة، وذاق مرارة الصراع، وشهد الوحدة والانقسام.
يضعنا علي ناصر محمد أمام مراجعة صريحة لمرحلة مليئة بالآمال والخيبات، تاركًا خلفه سؤالًا مفتوحًا:
“هل يتعلم اليمنيون من ذاكرتهم المثخنة بالجراح؟”