البروفيسور بن حبتورالمقالاتمكتبة القلم

مقدمة كتاب مبادئ الإدارة العامة 

بقلم دولة البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور

مقدمة كتاب مبادئ الإدارة العامة 

 

يسرني أن أقدم لزملائي الأساتذة، ولطلابي في كلية الاقتصاد والإدارة، كتابي هذا مبادئ الإدارة العامة ــ دراسة مقارنة ــ . ومع أن الكتاب استوعب مفردات الإدارة العامة ومباحثها، إلاَّ أنه امتاز عن بقية مراجع الإدارة، والإدارة العامة بفصول درست، وبحثت باستقصاء لأول مرة.

ابتداءً قسّم الكتاب إلى: ثمانية أبواب، ضم الباب الأول خمسة فصول في الأول منها درست تعريف الإدارة العامة وتحديد طبيعتها، أما الفصل الثاني: فقد تطرق على علاقة الإدارة العامة بالعلوم الأخرى.

فالإدارة العامة، منظومة كبيرة متشعبة في نشاطاتها، وفعالياتها، الأمر الذي جعلها على صلة وثيقة بإدارة الأعمال، وبالسياسة، والقانون الإداري، والاقتصاد، وعلم النفس.

أما الفصل الثالث: فقد أنصبَّ على مدارس الإدارة العامة وأبرز نظرياتها، بينما تطرق الفصل الرابع إلى النظرية البيروقراطية ودورها في التراث الإداري.

في الباب الثاني: تم استيعاب وبحث المبادئ العامة للإدارة العامة ووظائفها، في الفصل الأول منه درس التخطيط، وفي الفصل الثاني أنصبَّ الاهتمام على التنظيم ودوره المتميز في الإدارة العامة.

أما الباب الثالث: ” القيادة الإدارية واتخاذ القرار ” فقد تمت دراسة القيادة وصفاتها في الفصل الأول، بينما درست وظائف القيادة (التنسيق، الاتصال، الرقابة) في الفصل الثاني.

في الباب الرابع: تمت دراسة تاريخ الدولة كمؤسسة سياسية ذات صلة وثيقة بالإدارة العامة، فالإدارة العامة يمكن تعريفها بإيجاز دقيق “عمل الحكومة وفعالياتها في الإدارة ” وطبيعة هذه الحكومة، وهويتها وفلسفتها السياسية، إنما يتحدد بشكل الدولة، من هنا كان الفصل الأول قد تمركز حول أركان الدولة، بينما أشار الفصل الثاني إلى ولادة الدولة والاعتراف بها. وأشكال الدولة وصلتها بالإدارة العامة في الفصل الثالث.

وبودي أن أتوقف قليلاً عند الباب الخامس، فالزملاء أساتذة الإدارة العامة في الجامعات العربية يفتتحون كتبهم بالإشارة وباختصار جداً إلى الإدارة العامة في الحضارات القديمة، الإدارة في عصر الفراعنة، الإدارة الصينية، واليونانية، والرومانية، والفارسية، وهذا ما فعلته أيضاً ولكني لم أفعل ما فعلوه من خطأ تاريخي كبير في ضم الحضارة العربية الإسلامية، ونمط الإدارة، والإدارة العامة فيها، إلى الإدارات في الحضارات القديمة. هذه المسألة في غاية الأهمية من الناحية العلمية والمنهجية.

فالحضارات القديمة توقفت في سنة 476م بالغزو البربري لروما بينما تفتحت الحضارة العربية الإسلامية بعد ذلك بقرن، في العصر الوسيط، العصر الذي انطلقت فيه الدولة العربية الإسلامية بجدارة واقتدار فكانت بحق القوة الدولية الأبرز في المسرح الدولي في ذلك العصر.

لقد كوّن العرب إمبراطورية واسعة امتدت على كل قارات العالم القديم، على قارة آسيا، أفريقيا، أوروبا، هذه الإمبراطورية تمكنت من إدارتها دولة قوية جهاز إداري متمكن، حفظ وحدة الكيان السياسي لقرون، ووفرَّ خدمات الإدارة العامة لشعوب عديدة، صارت كلها تعتقد وبإيمان راسخ أنها أجزاء حية من أمة قوية. هذه الدولة، وهذه الأمة بتعدد شعوبها ما كان لها أن تستمر لولا الجهاز الإداري القوي المقتدر، والمتماسك من الداخل بثبات، قادر على استيعاب واحتواء المشاكل والتغلب عليها.

هذه التجربة الفريدة في تاريخ الإدارة وفي تراثها، لا يصح ولا يجوز تجاهلها لكونها جزءاً من تراثنا العربي المشرق، واستوعبت قروناً من تاريخ البشرية، وأعطت ثمرةً وتجربة في الإدارة العامة نستحق الفخر بها، وقد تواصلت في مسيرتها ونجاحاتها طيلة العصر الوسيط الذي ينتهي بسقوط القسطنطينية عام 1476م، فكيف جاز لكتّاب ودارسي الإدارة العامة أن يدخلوا هذه التجربة الهائلة في وسط التاريخ القديم!..

في الفصل الثاني من هذا الكتاب: تمت دراسة الإدارة العامة في الدولة العربية الإسلامية / عصر الرسول (() ومع أن تجربة الإدارة العامة في هذا العصر كانت تجربة بسيطة لكنها غنية، ثرية، فقد وضعت الأسس القوية التي سارت عليها الحكومات العربية الإسلامية في السنين اللاحقة. وبساطة التجربة ترتبط ببساطة الحكومة التي أوجدها الرسول محمد (().

لقد استوعب الفصل الثالث تجربة الإدارة في العصر الراشدي، وفيه تم تحرير جميع الأراضي العربية من السيطرة الرومانية. هذه التجربة في الإدارة العربية، تجربة غنية وزاخرة لأنها ورثت تقاليد إدارية قديمة راسخة، استطاعت بمرور الزمن تطويعها، بحيث أصبحت جزءاً طبيعياً من المنظومة الإدارية العربية الإسلامية.

أما الفصل الرابع والخاص فقد كرس لدراسة تجربة الإدارة العامة في العصر الأموي، العصر الذي حلَّ فيه العرب في أوروبا، والعصر العباسي، العصر الذي نضجت فيه المؤسسات الإدارية واستقرت وتنوعت.

ومن المهم أن أشير هنا إلى أن كتب الإدارة العامة في الجامعات العربية بشكل عام والجامعات اليمنية بشكلٍ خاص، لم تول التاريخ السياسي لليمن وصلاته القوية بالإدارة، والإدارة العامة، الاهتمام والعناية الكافيين. بحيث توضح فيه التطور التاريخي للإدارة في وطننا، طيلة القرون الوسطى، هذه الحقيقة دفعتني إلى دراسة تاريخ اليمن وحكوماته من عصور ماقبل الإسلام وحتى العصر الحديث لكي تتوضح أجزاء الصورة الكبيرة والجميلة بشمولها.

إن نطاق البحث في هذا المصدر، يتوسع توسعاً واضحاً وكبيراً ليحتوي مفردات الإدارة العامة بما فيها مفردات الإدارة العامة في الدولة العربية الإسلامية بما فيها تجربة اليمن.

وقد تنوعت مصادر الدراسة ومراجعها بحيث ضمت المراجع الأساسية للإدارة العامة ومكانة الدولة في القانون الدولي وصلتها بالإدارة العامة، بالإضافة إلى المصادر الأساسية للتاريخ الإسلامي الخاص بالدولة العربية الإسلامية.

إن من واجبي هنا التنويه إلى أن كثيراً من الأفكار الهامة التي ضمنتها هذا الكتاب تم استحياؤها من طلابي في قسم إدارة الأعمال من وحي مناقشاتهم الجادة وحواراتهم العلمية الرصينة التي ساهمت في توجيه اهتمامي العلمي لموضوعات تمت معالجتها في متن هذا الكتاب، وخاصة تلك الموضوعات التي تناولت تاريخنا العربي الإسلامي وعلى وجه التحديد التاريخ اليمني.

كما لا يفوتني هنا أن أشكر العديد من زملائي الأساتذة في جامعة عدن الذين زودوني بالمراجع العلمية والبيانات والمصادر المختلفة التي ساهمت في إثراء الكثير من الموضوعات المثارة ويقع على رأسهم الأصدقاء أ. د. صالح علي باصرة، أ. د. عبدالرزاق علي الأنباري، والدكتور/ أحمد صالح منصر هؤلاء كان لهم فضل كبير في المساهمة في تصحيح وتنقيح بعض الموضوعات الواردة في الكتاب، جزاهم الله علي ما فعلوه خيراً وجعله في موازين حسناتهم. والحمدالله الذي أعنني على إنجاز هذا العمل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى