
بَاب المندب يُقابله بَاب رَفح والبادئ أظلم
بقلم دولة البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور
بَاب المندب يُقابله بَاب رَفح والبادئ أظلم
ارتفع ضجيج الأصوات المحتجة من الدول الغربية الأوروبية والأمريكية وبعض الأصوات العربية التي استبدلت هويتها وجنسيتها العربية إلى الجنسية الصهيونية وأصبحت ناطقة بلسان ما تتناقله وسائل الإعلام الصهيونية اليهودية من فلسطين المحتله ومن خارجها ، ارتفعت أصواتها منددة ومحتجة ضد قيام الجيش اليمني بالإعلان صراحتا عن إغلاق باب المندب جنوب البحر الأحمر في وجه السفن الصهيونية والسفن المملوكة للغير التي تنقل بضائع ومستلزمات وتجهيزات وخلافه إلى الموانئ الصهيونية اليهودية ، كميناء إيلات الواقع على ضفاف البحر الأحمر او ميناء حيفا الواقع على البحر الأبيض المتوسط أو غيره.
وحينما صدر القرار التاريخي والشجاع والصادق بالمشاركة في التضامن مع أهلنا في غزة من قبل القيادة الثورية والسياسية من العاصمة صنعاء بقيادة قائد الثورة اليمنية المباركة / الحبيب / عبدالملك بن بدرالدين الحوثي حفظه الله ورعاه ، بأن من أبسط موجبات إلتزام اليمن بالمبادئ الإنسانية والأخلاقية والدينية أن نتضامن تضامناً فعلياً مع أهلنا في فلسطين الذين يتعرضون الآن لمذبحة بشرية إجرامية لليوم ال 70 منذ الإنطلاقة المباركة لثورة طوفآن الأقصى في 7 / أكتوبر / 2023م ، من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي الصهيوني المحتل ، والمدعوم سياسياً ودبلماسياً وعسكرياً وأمنياً ولوجستياً واقتصادياً وإعلامياً من رأس الشر العالمي وهي حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ، ومدعومة من حلف شمال الأطلسي العسكري الإستعماري القديم الحديث.
لقد شكل محور المقاومة العربي / الإسلامي للمشروع الصهيوني الغربي الأمريكي مجال أوسع وأوثق لمقاومة وصمود أهلنا في فلسطين المحتلة وتحديداً في قطاع غزة من كل هذه الهجمة العدوانية الوحشية التي يتعرض لها الفلسطينيون العزل في قطاع غزة والضفة الغربية ، وأثبتت المقاومة الصادقة في جنوب لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن العظيم بأنها عند عهدها ووعدها وثباتها في وحدة صف المقاومة ضد المشروع الصهيوني بأوجهه اليهودية والأمريكية والأوروبية والعربية ، كل هذه الألوان الصهيونية لاتختلف في جوهرها ومشروعها عن بعض وإن إختلفت في اللهجة والحرف واللغة والسحنة.
الغريب والعجيب والمحير لنا أيضاً ، هو في ما نسمعه في بعض وسائل الإعلام العربية والأجنبية من إستغرابهم واستنكارهم حد تضامنهم مع العدو الإسرائيلي الصهيوني ، ليقولوا لماذا تتورط الجمهورية اليمنية وعاصمتها صنعاء في هذه الحرب التي ليس لليمن فيها لاناقة ولاجمل ! ! ! .
وأنا هنا أكرر إستغرابي الجاد من طرح السؤال على هذا النحو من السطحية والغباء حد الفجور ، ولذلك سأطرح السؤال بشكل آخر ربما نستطيع أنا والقارئ اللبيب بأن نستطيع أن نجيب عليه.
هل نحن بشر أسوياء وعرب أقحاح ومسلمين أنقياء بالفطرة ونحن نشاهد عبر وسائل الاعلام كل تلك الجرائم في حق أهلنا الكرام في فلسطين العزيزة؟
كيف نشعر كبشر ونحن نشاهد أشلاء أطفال ونساء وشيوخ غزة تتمزق بين أبنيتها وشوارعها ومدارسها ومساجدها وكنائسها ومستشفياتها ؟
كيف نتلقى أنين وبكاء الأمهات وهن يودعن أحبابهم بالآلاف من الشهداء الذين لم يستطيعوا حتى دفن أجسامهم الطاهرة في المقابر الغزية المنتشرة في ربوعها؟
كيف ، وكيف ، وكيف ؟ ولو استمريت لأكتب وأملي الصفحات لما وسعت كل تلك التساؤلات الطبيعة أما مشهد الجريمة المروعة التي ترتكب نهاراً جهاراً وفي وضح النهار ، دون أن يرف جفن العالم الظالم لما يحدث في فلسطين ، لكن جاء الرد الطبيعي في المشاركة الصادقة من الشعب اليمني العظيم مع أشقائهم في فلسطين من خلال قرار إغلاق بوابة باب المندب اليمني على السفن الإسرائيلية والسفن التي تتخادم مع الكيان الصهيوني ، وللتذكير بأن باب المندب يعد جزء أصيل من السيادة اليمنية وليس غيرها.
هذا الرد اليمني المباشر على جرائم العدو الصهيوني الإسرائيلي هو الرد المنطقي والطبيعي من قبل جميع العرب الملزمين بالدفاع عن فلسطين وأهلها المظلوم ، وهذا الرد قد تأخر كثيراً جداً ، أي تأخر 75عاماً على نجدة ، وفزعة أهلنا بفلسطين.
أما العرب الصهاينة الذين يودون ويرغبون في تغييب القضية الفلسطينية عن الخارطة العربية الإسلامية ، ولصالح المشروع الصهيوني الأمريكي الأوروبي الأطلسي ، هؤلاء سيلحقهم العار الأسود ، والخزي والفضيحة الكبرى إلى يوم الدين ، وستلاحقهم لعنات الأحرار العرب والمسلمين والعالم أجمع على مدى التاريخ المقروء والمكتوب والمنقوش على جدار الزمن الذي لن تمحيه لا الأيام ولا السنوات ولا القرون ولا كل الأزمان ، لأنهم يخونون أشقائهم العرب الفلسطينيون ، ويخونون الأراضي المقدسة ، ويخونون أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، ويخونون مسرى رسول الله إلى سابع سماه.
إن ثمن الخيانة التي يقترفها بعض القاده العرب هي في نداء أطفال ونساء وشيوخ فلسطين العظيمة الذين يخرجون من تحت ركام الأنقاظ من تحت أبنيتهم المهدمة على رؤسهم وهم يرددون الدعاء الخالد ، حسبنا الله ونعم الوكيل ، وأنهم وكل ما يملكون فداء لفلسطين والمقاومة الفلسطينية الباسلة ، واللعنة والعار الأسود على المتخاذلين الأنجاس التافهين من العرب المتواطئين مع العدو الصهيوني وحلفائه.
بعد سبعين يوم من الصمود والثبات والغضب العاصف للشعب الفلسطيني و مقاومته البطلة ، وبعد هذا العمل الوحشي الذي قدمت فيه دولة الكيان الصهيوني النموذج النازي الفاشي في السلوك والممارسة بقتل 18787 شهيداً وشهيدة ونحو 50,900 جريح، في حصيلة غير نهائية ، 70% منهم من الأطفال والنساء ، وبلغ عدد الجرحى 50900 جريح ، وبقاء أزيد من 7000 مفقود تحت ركام الأبنية المهدمة جراء طيران وصواريخ دولة الإحتلال الصهيوني ، وبعد كل ذلك الدمار الوحشي في جميع مجالات الحياة في غزة ، نستشف الآتي :
أولاً : بعد تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة ، طلب السيد / انتونيو غوتيريش بعقد جلسة مجلس الأمن الدولي ، لأن ما يحدث من حرب في غزة ضد المدنيين الفلسطينيين هي جريمة ضد الإنسانية ، وطالب بإيقاف الحرب لأسباب انسانية ، صوت مع قرار الايقاف 13 عضو بما فيهم ثلاثة من الاعضاء الدائمين لمجلس الامن الدولي وهم الاتحاد الروسي ، والصين الشعبية ، وجمهورية فرنسا ( الديمقراطية ) ، واستخدمت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض للقرار ( الفيتو ) ، وتحفظت بريطانيا ( العظمى ) على القرار.
هذه الحادثة في حكاية التصويت زادت من تلطيخ وجه أمريكا وبريطانيا الكالحتان بالعار والفضيحة أمام الرأي العام العالمي بأنهما نصيرين صادقين مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي القاتل لأطفال ونساء فلسطين.
وحينما اجتمع مجلس الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وعدد أعضائها 193 عضو ، واتخذ قرار بأغلبية 153 عضواً لصالح قرار وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في قطاع غزة ، وتمت معارضة القرار من 10 أعضاء من بينهم أميركا ( USA ) ودولة الكيان الإسرائيلي الصهيوني العنصري ، وإمتناع 23 دولة عن التصويت.
هكذا هي أمريكا صاحبة السجل الإجرامي في قتل أحرار العالم في فلسطين والعراق واليمن وافغانستان وفيتنام وكوريا وكوبا وفنزويلا وغيرها من بلدان العالم ، والين تقف إلى جانب القتلة المجرمون في كيان العدو الصهيوني.
ثانيا : أثبت العالم الغربي الأوروبي الأطلسي بأنه كاذب في كل الشعارات التي يروّج لها ليل نهار ، بدءً بالحركة التنويرية للمفكرين من عصر التنوير في أوروبا الغربية كما يسموها ، وبحقوق الإنسان ، وحقوق الأطفال ، وحقوق المرأة ، وحقوق الحيوانات ، والديمقراطية والمساواة والعدل ، وحرية الفكر الثقافي والإعلامي والأكاديمي وخلافه ، كل هذه العبارات المكتوبة والمعلقة على اليافطات والواجهات وفي الدساتير والقوانين التي ينادون بها ، كلها أصبحت في مزبلة التاريخ ، لماذا ؟ لأن الفاعل للجريمة هم الصهاينة اليهود والمحميين من الصهاينة الأوروبيين والأمريكان ، ولهذا. ما يمارسوه من جرم وحشي بحق الفلسطينيين العزل من أي سلاح سوى الإيمان والتمسك بحق الأرض والهوية ، ولهذا عمل الصهاينة اليهود هو أمر مباح ومسموح به لأن الفاعل منزه في نظرهم والمجني عليه حيا الله من العرب المسلمين ، هكذا هي المعادلة العنصرية المقيتة التي تحكم قانون وناموس الحضارة الغربية الاستعمارية القذرة.
ثالثاً :ما ساهمت به الجمهورية اليمنية وعاصمتها صنعاء وجيشها البطل في حربها لإغلاق باب المندب اليمنية ، يقع ضمن نطاق إلتزامها الأدبي والقانوني والأخلاقي والديني والعروبي والإسلامي ، باعتبارها جزءً من محور المقاومة ، وجزء من الأمة العربية ، وجزء من الأمة الإسلامية ولهذا فنصرة أهلنا في فلسطين وتحديداً في قطاع غزة هو واجب مقدس ستظل تتابع فصوله وتنفيذ خططه حتى يُرفع الحصار عن أهلنا في غزة.
رابعاً :سيلعن الله من سابع سماه وفصول التاريخ المحكي والمكتوب كل الصهاينة العرب الذين وقفوا يتفرجون علي ما يحدث من قبل العدو الصهيوني لاهلنا في فلسطين ، وكأنه شأناً لا يعنيهم وانشغلوا بالمؤتمرات والحفلات والرقصات والتفاهات وغيرها ، وأهلنا في غزة يموتون بحمم أسلحة العدو الصهيوني اليهودي ، ويتضورون جوعاً ، ويموتون دون أن يلقوا العلاج في المستشفيات والمصحات التي دمرها العدو اليهودي الصهيوني.
خامساً :أعادت المقاومة الفلسطينية البطلة القضية الفلسطينية بتاريخ 7 أكتوبر 2023م ، إلى وضعها الطبيعي كقضية مركزية للشعب العربي والإسلامي ، وأنها قضية حية أراد المستعمرون البرجوازيين الأوروبيين حل ومعالجة قضية اليهود في أوربا والعالم إلى أرض فلسطين من خلال وعد بلفور البريطاني المشؤوم ، لكن المقاومة ذكرت الطغم والاولغارشيا الاوروبية والأمريكية ، بأن فلسطين عربية مسلمة من البحر إلى النهر والى يوم القيامة.
سادساً : أثبت الواقع اليوم والمُعاش بأن النظام العربي الرسمي ، هو نظام موال للغرب وللمشروع الصهيوني الغربي وبالتالي هو نظام موافق على بيع فلسطين من النهر إلى البحر ، وإن موقف ما يسمى ( بالسلطة الوطنية الفلسطينية ) في هذه الأحداث وفي علاقتها بدولة الكيان الصهيوني اليهودي الإسرائيلي هي علاقة النظام وأجهزته الموالية والتابعة للكيان ، ولم يعد صالحاً أو ممثلاً أو شريكاً للشعب الفلسطيني في إدارة أموره بعد هذا العدوان الصهيوني اليهودي الوقح .
سابعاً : أثبت محور المقاومة بأنه محور قوي متماسك ولديه رؤية إستراتيجية واضحة من جميع الجوانب ، فالإلتفاف حولها والتحالف معها والإنضمام إليها هي ضمانة للنصر القادم باذن الله على جميع المشاريع الصهيونية الغربية الإستعمارية المهزومة بإذن الله وبقدرة أبطال المقاومة .
الخلاصة :
إن دماء آلاف الشهداء العرب والمسلمون الذين سقطوا على مذابح الحرية في أرض فلسطين وفي اليمن السعيد ، وفي لبنان وفي مصر وفي العراق وسوريا وفي أرض إيران الإسلامية ، جميعهم سقطوا فداءً وتضحية من أجل تحرير فلسطين كل فلسطين من النهر الى البحر ، وسيندحر المشروع الصهيوني من أرض فلسطين الحرة ، إما اليوم أو في الغد القريب بمشيئة الله العلي القدير ، وبضربات سواعد أبطال المقاومة الأبطال.
[وَفَوَقَ كُلْ ذِيْ عِلْمٍ عَلَيَمْ]