
دار ابن حبتور: عقدٌ من الزمان يُزهر بالمعرفة والانتماء
بقلم/ الدكتور طلال منصور بن حبتور - المدير التنفيذي للمؤسسة
في مثل هذا اليوم، قبل عشرة أعوام، لم تكن البداية مجرد إعلانٍ عن كيان مؤسسي جديد، بل كانت إشعالًا لشمعة في زمنٍ أحاطه الظلام، وانطلاقةً لمشروعٍ وطنيٍّ يحمل في روحه همّ الإنسان اليمني، ويضع في قلب أهدافه ترسيخ قيم الهوية، والوعي، والانتماء.
تُحيي مؤسسة دار ابن حبتور الخيرية اليوم ذكرى مرور عقدٍ كامل على إشهارها، عشرة أعوام من العمل المتواصل، والعطاء الثقافي، والحضور التنويري، في زمنٍ يحتاج فيه الوطن إلى من يرمّم الوعي ويصون الكلمة.
لماذا وُلدت المؤسسة؟
جاء تأسيس دار ابن حبتور الخيرية من إيمانٍ عميق بأن المجتمعات لا تُبنى فقط بالحديد والحجر، بل بالعقول النيّرة، والقلوب المؤمنة، والأفكار القادرة على الصمود. وقد شكلت تجربة البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور، بما تحمله من فكرٍ وطنيّ ووعيٍ تنويري، البذرة التي انطلقت منها الفكرة، لِتُصاغ في هيئة مؤسسةٍ تحمل الرسالة، وتحفظ الذاكرة، وتبني للمستقبل.
لقد أرادت المؤسسة منذ بدايتها أن تكون صوتًا يعبر عن همّ المواطن اليمني، ومنصةً مستقلة للفكر النقي، ومنبرًا يُقاوم مشاريع الطمس والتشويه، ويرسّخ جذور الانتماء في نفوس الأجيال.
محطات بارزة في المسيرة التنويرية
خلال عقدٍ من الزمن، سلكت المؤسسة طريقًا واضحًا يقوم على البناء الثقافي، والإسهام في الحراك الوطني، وتوثيق التجربة اليمنية فكرًا وموقفًا. من بين أبرز إسهاماتها:
1. التوثيق والنشر
أرشفت المؤسسة مئات الوثائق والمقالات والخطب ذات القيمة الوطنية والفكرية، وفي طليعتها ما كتبه وقدّمه البروفيسور بن حبتور، إلى جانب حفظ مساهمات يمنية وعربية غنية في الفكر، والسياسة، والتاريخ المعاصر.
2. طباعة الكتب
قامت المؤسسة بطباعة وإعادة نشر عدد من الكتب النوعية التي تناولت القضايا الوطنية والهوية اليمنية من زوايا فكرية وثقافية، بما يُغني المكتبة اليمنية، ويعزز مكانة الفكر المقاوم في وجه التغريب والتهجين.
3. إحياء المناسبات الوطنية والثقافية
نظّمت المؤسسة على مدار السنوات فعاليات نوعية لإحياء المناسبات الوطنية، وتكريم رموز الفكر والنضال، وخلق فضاءات للحوار الثقافي البناء.
4. الرقمنة والتوثيق الإلكتروني
أسست المؤسسة أرشيفًا رقميًا متطورًا، يتيح للجمهور الوصول إلى مراجع ووثائق مهمة، بهدف نقل المعرفة من الرفوف إلى الأجيال، وتحويل الذاكرة إلى مصدر حيّ للإلهام.
التجديد مع كل عام
عشرة أعوام مرّت، لكن الرسالة لم تهرم، بل ازدادت تألقًا. ففي كل عام، تجدّد دار ابن حبتور الخيرية عهدها مع الفكرة التي بدأت بها: أن اليمن جديرٌ بفكرٍ نقيّ، ووعيٍ حيّ، ومؤسساتٍ تصنع الفارق.
وها هي اليوم، في ختام عقدها الأول، تستعد لعبور العقد الثاني بطاقةٍ متجددة، ورؤية أكثر اتساعًا، تعبر من الذاكرة إلى التأثير، ومن التوثيق إلى المبادرة.
ختامًا
في ذكرى الإشهار، لا نحتفي بالسنوات فحسب، بل نحتفي بكل كلمةٍ طُبعت، وكل فكرةٍ أُطلقت، وكل قلبٍ أُنير، وكل موقفٍ وثّقته المؤسسة في سجل اليمنيين ووجدانهم.
دار ابن حبتور: عقدٌ من الزمان يُزهر بالمعرفة والانتماء… والرحلة مستمرة.
﴿يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُوا۟ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْعِلْمَ دَرَجَـٰتٍۚ﴾
د. طلال منصور بن حبتور
المدير التنفيذي لمؤسسة دار ابن حبتور الخيرية
17-Jun-2025