البروفيسور بن حبتورالمقالاتمكتبة القلم

من دروس الذكرى العاشرة للعدوان السعودي والمشيخات الخليجية على الجمهورية اليمنية، وعاصمتها صنعاء(مارس ۲۰۱۵م – مارس ٢٠٢٥م )

بقلم دولة البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور

من دروس الذكرى العاشرة للعدوان السعودي والمشيخات الخليجية على الجمهورية اليمنية، وعاصمتها صنعاء(مارس ۲۰۱۵م – مارس ٢٠٢٥م )

أمضيت يوم الأربعاء ۲۵ مارس ۲۰۱۵م متنقلاً مع عدد من المرافقين بمعيتي بين عدد من المواقع الحكومية في مدينة عدن ، بحكم منصبي محافظاً لمحافظة عدن يومذاك ، وكان برفقتي عدد من الأصدقاء المسؤولين الذين حضروا معي اجتماعاً مهماً في مبنى المقر الرئيس لمحافظ محافظة عدن الواقع في الطرف الجنوبي لحي المعلا …

اجتماعاً ضم عدداً من أعضاء مجلس النواب ممثلي مديريات مدينة عدن، وأعضاء المجالس المحلية بالمحافظة ، ومدراء الأمن العام ( الشرطة ) بالمديريات ، ومدراء المديريات، والعامين بالمحافظة، استمر الاجتماع لأزيد من ساعة ونصف ، ونقاط محور الاجتماع، هي كيفية الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين في المدينة من عبث العابثين والمسلحين، والخارجين عن القانون ، وكلفت جميع المسؤولين التنفيذيين، والقيادات على مستوى الخدمات بالمحافظة بمختلف درجاتهم، وصلاحياتهم، بأن يعمل الجميع على خدمة المواطن العذني اليمني، ومنع إثارة الفوضى؛ كيلا تصل إلى هؤلاء المواطنين.

اتذكر أن في تلك الساعات الحرجة لحركة المواطنين انتشار فوضى حركة السير ) جيئة وذهاباً ) ، وبدء أعمال النهب والسرقة ، وبدء الهروب الجماعي لجميع المسؤولين القياديين بمختلف درجاتهم، ومناصبهم من مدينة عدن إلى محافظتي أبين وشبوة، بدءاً من منصب وكيل محافظة، ووزارة، وضابط عسكري ومدني، مروراً بالوزراء وأعضاء مجلسي النواب والشوري، وقادة الوحدات العسكرية، والأمنية، وصولاً إلى هروب الرئيس الأسبق / عبدربه منصور هادي ذاته مع أصدقائه وحاشيته، وعائلته.

كنا في وداع الرئيس هادي للمرة الأخيرة ذهبت، وعدداً من الشخصيات السياسية، والعسكرية الزيارة مقر الرئيس عبدربه منصور هادي في مسكنه الشخصي، والرسمي في حي المعاشيق من ضاحية كريتر لزيارته والاطمئنان عليه، والاطلاع على آخر الأخبار لديه ، وإلى أين سارت، وتسير الأمور، ولأن هناك تعقيدات في المشهد فلن أتطرق إلى أسماء الشخصيات التي رافقتني في هذه الزيارة، ومنذ ولوجنا بوابة مجمع مباني المعاشيق في كريتر لم نجد تلك الحراسات للقصر الجمهوري المعتادة، ولم تقابل سوى أعداد محدودة من العسكر بعدد أصابع اليد الواحدة، وسألت ذلك الضابط الذي اعتاد أن يستقبلنا بحرارة كلما زرنا القصر ، فقد وجدناه جالساً وحيداً مهزوماً نفسياً في البوابة الأولى بجانب نادي التلال الرياضي ، وكان يُرشدنا إلى دخول المعاشيق بكلتا يديه ، واصلنا السير بموكب سياراتنا، وكانت قافلة طويلة نسبياً؛ نظراً للشخصيات التي قررت زيارة الرئيس عبدربه ، وواصلنا الحركة، والسير إلى البوابة الثانية، وهي في الجهة المقابلة لقاعة فلسطين، وهنا لم نجد أحداً من الحراسات بالمطلق ، وواصلنا السير باتجاه طلوع العقبة المؤدية إلى مباني الرئاسة في قمة جبل المعاشيق حتى وصلنا إلى المبنى الذي يُقيم فيه فخامة الرئيس، وهنا أيضاً لم نجد أية حراسات سوى ثلاثة عشر جندياً تقريباً، هم من أقارب الرئيس، وكي يطمئن قلبي سألت أحد حراساته المعروفين لدي ، هل مازال الرئيس عبدربه منصور موجوداً بالمكان ، أوما لي بالإيجاب، وهنا اطمان قلبي بأنه مازال موجوداً.

دخلت – مع بقية الزملاء القادمين لزيارة الرئيس – بهو المبنى الذي يقيم فيه الرئيس، واستقبلني الدكتور / محمد على مارم الذي عين حديثاً مديراً لمكتب الرئيس، والعميد / ناصر الإسرائيلي، مدير مكتب اللواء / ناصر منصور هادي وكيل جهاز الأمن السياسي في عدن ولحج وأبين، وهو شقيق الرئيس عبدربه منصور هادي ، ولم نجد غيرهم في

كل ارجاء دار الرئاسة ( مباني المعاشيق كلها ) ، أي لم يبق في هذا المبنى الرئاسي سوى الرئيس عبدربه منصور ، ومدير مكتبه، ومدير مكتب شقيقه وابنه جلال عبدربه منصور، وثلاثة عشر جندياً وحارساً ، مع أن حراسات القصر الجمهوري قيل لي أنهم يتجاوزون خمسة آلاف جندي، وضابط وقائد ، هذه من عجائب الأمور في تاريخ اليمن، وتفريعاته.

أتذكر أن من حضر لزيارة الرئيس كل من :

الدكتور / عبد العزيز صالح بن حبثور محافظ محافظة عدن؛ الدكتور / مهدي على عبد السلام، العولقي عضو مجلس النواب، اللواء / عبدريه الطاهري المصعبي البيحاني، قائد المنطقة العسكرية الجنوبية عدن وضواحيها، العميد ركن / فرج حسين العتيقي العولقي، قائد معسكر بئر أحمد؛ اللواء / غازي أحمد على محسن الحول المصعبي، مدير أمن عدن الأسبق الدكتور / حاتم باسردة الحميري، أستاذ محاضر بجامعة عدن الدكتور / على حسن الأحمدي العولقي رئيس جهاز الأمن القومي ،الأستاذ/ محمد بن حصامة العولقي كادر معاون في الأمن القومي…

ملحوظة عابرة : إن جميع من حضر آنفاً لالتقاء الرئيس عبدربه منصور في ذلك الزمن الحاسم، هم من أبناء م/ شبوة فحسب.

انتظرنا جميعاً في قاعة الاستقبال لدقائق إلى أن حضر إلينا الرئيس ، يرافقه ولده جلال عبدربه، وأخذ مقعده على يميني، وكان في حالة يأس، وإحباط شديدين ، لكن يتضح من حديثه أنه في حالة انفصال عن الواقع ، وكان ما يدور في الشارع العدني لا يُدرك مآلاته، ولم يستوعب معطياته، ولا حتى نتائجه ، وأن أقصى ما يُفكر فيه، هو كيفية هروبه إلى الخارج، هو وشلته، وأسرته .

وقال ما نصه خلاص خلاص ، كُل شيء انتهى، والجماعة في أطراف مدينة عدن، ويقصد ( جيش أنصار الله الحوثيين ، والحرس الجمهوري للجيش اليمني ) ، وأردف بالقول لقد أخذوا، و أسروا الأخ / محمود الصبيحي وزير الدفاع، والأخ / ناصر منصور هادي، وكيل الأمن السياسي عدن، والأخ فيصل رجب، قائداً عسكرياً ، وعليه فإن كل واحد منكم، يعود إلى منزله، هكذا بكل وضوح، ودون زيادة أو نقصان ، لكنه أعطى في تلك اللحظات الضائعة بعض التوجيهات العسكرية غير الدقيقة لقائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء / عبدربه الطاهري المصعبي ، وكأنه كان منفصلاً عن الواقع تماماً، أي أنه لا يعرف ماذا يدور على أرض واقع عدن في تلك اللحظات، وقال لقائد المنطقة العسكرية الجنوبية، اصرف المحافظ عدن ۲,۰۰۰ قطعة سلاح كلاشنكوف صنع روسي ( الفي قطعة كلاشنكوف ) ، وكذلك مليوني طلقة رصاص، أي مليوني طلقة نارية ، رد عليه قائد المنطقة بكثير من الأدب، والانضباط بالقول، ولكن يا سيدي فخامة الرئيس جميع أبواب معسكر جبل حديد قد تم اقتحامها من قبل الفوضويين، وعصابات النهب ، وبدئت الشرقة لمحتوياته من جميع أنواع الأسلحة والذخائر، وغيرها، نهب من قبل الجماعات المسلحة، والشعبية غير المنظمة في عدن ، كما أنهم قد نهبوا بقية المعسكرات الأخرى للجيش والأمن ، وحتى مكتب القصر الجمهوري المسمى قصر ۲۲ مايو في التواهي تعرض منذ صباح هذا اليوم للنهب والشرقة من قبل الناس المجاورين للمواقع التي لهبت .. رد عليه الرئيس بعبارات قاسية، وصارمة، وقال له: يا هذا نفذ التوجيهات دون تلكو وبس .

وهنا أود أن أشير إلى أن تلك الأسلحة نوع “الكلاشنكوف الروسي” التي وجه بها الرئيس / عبدربه منصور هادي ، بأمر قائد المنطقة الجنوبية اللواء الطاهري البيحاني كي يصرفها في هذه اللحظات الضائعة لمحافظ محافظة عدن ، هي تلك الأسلحة التي أرسلها الرئيس / فلاديمير بوتن الرئيس الروسي ، أرسلها في سفينة حربية من روسيا إلى اليمن قبل أشهر، ووجه الرئيس / عبدربه منصور هادي بتحويل شحنتها من ميناء الحديدة إلى ميناء عدن ، ووصلت في نهاية شهر يناير ۲۰۱٥ م ، وأنا حينها قد أصبحت محافظاً لمحافظة عدن ، وقمت أنا شخصياً باستلامها رسمياً من سعادة السفير الروسي في الجمهورية اليمنية ، حتى إننا واجهنا معضلة معقدة في تفريغ شحنة السفينة المكونة من ١٩٤ كونتينرز خوفاً عليها، أو على أجزاء منها من السطو المسلح من قبل العصابات الارهابية المسلحة، والتي انتشرت في تلك الأيام بالقرب من مدينة عدن ، وقد رسمنا خطة عسكرية محكمة؛ للتفريغ، والإنزال في المساء لعدد من الليالي بعد أن أغلقنا عدداً من الطرقات العامة المؤدية إلى بوابة معسكر جبل حديد ، حتى إننا نجحنا في تأمين إنزالها، ووصولها، وتفريغها في معسكر جبل حديد.

هذه حكاية مهمة وددت سردها فيما يتصل بالأسلحة المهداة من جمهورية روسيا الاتحادية إلى الجمهورية اليمنية ودوري الشخصي استلامها، وتخزينها كما يجب .

وبعد الشد والجذب بين الرئيس، وقائد المنطقة الجنوبية ، وفي هذه اللحظات الصعبة علينا جميعاً ، فإننا قد طلبنا الاستئذان بالمغادرة ، وأذن لنا الرئيس بالمغادرة ، وكنا ) أنا وزملائي ) على يقين تام بأنه قد خطط هو والمقربون منه، وله من المغادرة، إما عبر طائرة مروحية ( هيليكوبتر ) ، وإما عبر سفينة ترسو بالقرب من الشواطئ اليمنية وتحديداً شواطئ مدينة عدن ، هكذا كنا نتوقع مغادرته.

اتجه موكبنا باتجاه منزل اللواء / غازي احمد على محسن لحول، في الضواحي الشمالية لحي دار سعد / عدن لتناول وجبة الغداء، والاستراحة بعد عناء يوم طويل من الاجتماعات واللقاءات والمتابعات، والمشاحنات .

النهب الجماعي لمحتويات قصر المعاشيق / كريتر / غذن، ولحظة هروب الرئيس هادي من عدن :

وفور خروجنا بطابور طويل من سياراتنا من بوابة منطقة مباني المعاشيق، وقد شاهد خروجنا عوام، وعامة الناس في ضاحية كريتر، اعتقد المواطنون بأن الرئيس قد غادر قصره في المعاشيق ، وعليه اعتقدوا أن المكان قد خلا من مرتاديه، وسكانه، وعساكره ، وهنا انقض المواطنون – من معظم الأحياء السكنية المتاخمة، والمجاورة لنادي التلال الرياضي ، وحي القطيع – وهجموا مشياً على الأقدام، وتسلّقوا زحفاً في طريق عقبة المعاشيق بارتال من المواطنين قدرت بالألاف ، وانقضوا على الفلل والشقق السكنية، والمكاتب الرئاسية، والاستراحات الخاصة بالرئاسة، وهجموا على كل محتوياتها من أثاث، وتجهيزات، ومعدات مكتبية، وغيره، والعجيب في الأمر بأن البسطاء ينهبون الأثاث البسيط الرخيص، بينما عدد من الأشخاص المتنفذين قد نهبوا مستودعات الأسلحة والذخائر، والأوراق الخضراء والزرقاء غالية الثمن، والشعر، والقيمة .

وفي لحظات الاقتحام، والتكسير، والتحطيم، والنهب مازال الرئيس / عبدربه منصور هادي ، يقبع في غرفة نومه ، ويسترخي في استراحته الوثيرة المطلة على البحر العربي، بأفاقه اللامتناهية النظر على المحيط الهندي في القصر الرئاسي، يشاهد بأم عينيه، المواطنين من ضاحية كريتر، وهم ينهبون أمام ناظريه محتويات دار الرئاسة في المعاشيق بضاحية كريتر العدنية

لكن الرئيس قرر السفر إلى الخارج عبر الطريق البري إلى سلطنة عمان ، واضطر لطلب العون العسكري والحماني من قائد المنطقة الجنوبية، اللواء / عبدربه الطاهري المصعبي البيحاني، والعميد / فرج بن حسين العتيقي العولقي مع مرافقيهم من الجنود، علماً بأن القائدين العسكريين بعد أن غادرنا، وإياهم معاً دار المعاشيق، هم كذلك قرَّروا المغادرة إلى محافظتهم شبوة ، وفي منتصف الطريق اتصل بهم الرئيس، وطلب منهم العودة لمرافقته وحمايته أثناء السفر إلى سلطنة عمان عبر محافظات أبين ، وشبوة، وحضرموت، والمهرة، وصولاً إلى حدود السلطنة العمانية، ومن هناك – كما يعرف الجميع وصل باليوم الثاني – وكان في استقباله؛ لأخذه إلى الرياض الأمير / محمد بن سلمان، ابن ملك مملكة العدوان السعودي على الجمهورية اليمنية .

ومازال أرشيف القنوات الفضائية العربية، والأجنبية يحتفظ بمقولة الرئيس / عبدربه منصور هادي، حينما سئل عن عدوان عاصفة الحزم السعودية الخليجية الموجهة ضد اليمن، قال: لا أعرف ، لقد كنا نسير طيلة الليل، ولم نسمع بأخبار الحرب مطلقاً، ولم نعرف بها سوى بعد وصولنا إلى عمان.

هذا التصريح التاريخي الموثق بالصوت والصورة يُعد بمثابة وثيقة تاريخية قاطعة تدين العدوان السعودي والإماراتي، والخليجي على اليمن ، تديلهم إدانة دامغة لا لبس فيها .

وهنا علينا التأكيد للقارئ اللبيب، ومن وحي المعايشة المباشرة، والشهادة للتاريخ بأن جميع المسؤولين اليمنيين القياديين الذين كانت تمتلئ بهم فنادق، ولو كندات أحياء، وضواحي عدن ، والشقق والفلل المفروشة في مدينة عدن وضواحيها قد هربوا براً وبحراً وجواً ، وتركوا المدينة، وأهلها البسطاء لمصيرهم المجهول مع أهوال آية مواجهة ، ذهبوا إلى دول الجوار لينعموا بدف العيش والسكنى في فنادق ومنتجعات الرياض وأبوظبي، والدوحة، وحتى المنامة.

هنا يتبادر السؤال المركزي الآتي، ماذا يمثل الوطن، وشرف حمايته، والدفاع عن قيمه الأخلاقية، والدينية بالنسبة لهؤلاء المسؤولين اليمنيين الذين هربوا، ولجأوا إلى الرياض ؟ ، ومن هناك يجتمعون؛ ليُصادقوا، ويبصموا على الاعتداء على وطنهم اليمن ! ! !.

هل يُمثل الوطن لهؤلاء المسؤولين الحزبيين، والقياديين من أصحاب ( الفخامة ، و المعالي ، والسعادة و و و و و ) سوى أنها قطعة أرض جافة يبني عليها مسكنه الشخصي، ولا يعنيه الوطن بشيء سوى أن يأويه فحسب، ولا يمثل له أية قيمة من حيث شرف المكان ، وعظمة، وطهارة الأوطان ، وقدسية التراب اليمني الذي انتمى، وترعرع على ترابه الطهور، واستنشق عبير هوائه التقي العليل، هكذا هو تراب الوطن الذي يجب الدفاع عنه، وبذل الروح والجسد، لحمايته من أي اعتداء .

إن الإنسان الذي يهرب من الأرض، والوطن الذي ينتمي إليه تجنباً لبطش الغازي أياً كان هو أشبه بالإنسان الذي يسمح طواعية بدخول رجل غريب منزله الخاص، يرتع وينام، ويستمتع بوقته مع أقرب المقربين من أسرته، وأهله ، هكذا هو التشبيه الأقرب للمسؤول الذي هرب في وقت الشدة من مدينته، وقريته ووطنه، والأدهى، والأمر من ذلك أن يضع يده في يد العدو المعتدي على وطنه الأم ، وهنا تبدأ خيانة شرف الوطن، وترابه الطاهر .

يوم الخميس – الموافق ٢٦ / مارس / ۲۰۱۵ م انطلاق العدوان السعودي الخليجي على اليمن :

كان الرئيس / عبدربه منصور هادي آخر المسؤولين اليمنيين الفارين الهاربين من عدن، وفي صبيحة يوم الخميس انطلقت صواريخ الحقد والكراهية الخليجي ضد اليمن، ونعني بالدول الخليجية :

المملكة العربية السعودية

مملكة البحرين

دولة إمارة الكويت

دولة إمارة قطر

مشيخة الإمارات العربية المتحدة

وكان الاستثناء الوحيد هو سلطنة عمان، قد رفضت الاشتراك في العدوان رفضاً قاطعاً ، وقال وزير خارجيتها يومذاك الشيخ / ….. بن علوي إن سلطنة عمان، وجلالة السلطان قابوس – رحمة الله عليه – لا تريدان بأن يكتب التاريخ العربي في المستقبل بأنها اشتركت بجيشها في العدوان الخليجي العروبي على الجمهورية اليمنية، وشعبها الشقيق.

ويتذكر الرأي العام العربي والإسلامي، والأجنبي بأن المدعو / عادل الجبير، وزير خارجية المملكة السعودية أعلن عدوان ) عاصفة الحزم ) على اليمن كما أسماها الأعداء من العاصمة واشنطن ، العاصمة الأمريكية ، وتبجحالوزير، وولي عهد المملكة السعودية بأن الحرب على اليمن لن تستغرق أسبوعين أو شهرين على أبعد الحدود الزمنية ، وها نحن نحتفل بالذكرى العاشرة لاندلاعها المشؤوم .

يتذكر الرأي العام اليمني، والعربي والاسلامي، والأجنبي ذلك الهجوم العسكري الجوي الغادر في تلك الساعات المبكرة من يوم الخميس، حيث انهالت حمم الصواريخ الهوجاء؛ لتوزع الموت على اليمنيين يميناً وشمالاً، وهم في حالة سكون، وهدوء وفي ليلة آمنة ، جاءت الطائرات العسكرية من القواعد العسكرية السعودية والإماراتية والقطرية، كي توزع هدايا صباحية على مدن اليمن الآمنة في صنعاء ، وعدن ، وصعدة ، والحديدة ، وذمار ، وعتق ، وحضرموت ، ومارب ، وحوطة لحج ، وتعز ، والبيضاء ، وبيحان ، وزنجبار، وصولاً إلى تدمير جسر في قرية الغرير المتواضع، الواقع في غيل حبان.

استمر الهجوم الجوي العدواني المتوحش لأشهر، وسنوات ، دمر فيها العديد من البنى التحتية، والجسور والطرقات، والسدود، وآبار مياه الشرب، ومحطات الكهرباء، والأسواق، وأجهز على معظم المعاهد والمدارس والجامعات ، وحتى الأشجار، والمساجد لم تسلم من عدوانهم ، ولم تسلم من الاعتداء الموانئ البحرية، والجوية وتدمير الطائرات المدنية الرابضة في المطارات اليمنية الآمنة، وحتى الآثار اليمنية التاريخية هي الأخرى كانت هدفاً للعدوان، والحقد التاريخي للشيوخ الأغراب الخليجيين.

بذل المال الخليجي شبه السائب الموظف لتدمير مقومات الأمة العربية والاسلامية :

لسنا بحاجة، ولا القارئ العادي لمقالتنا هذه إلى احتساب أموال البترو دولار المتدفقة على دول مجلس التعاون الخليجي ( الخمس ) التي شنت العدوان الوحشي على اليمن؛ لأن ما تسجله، وتحتسبه أرقام الماكنة الحاسبة الإلكترونية في كل دقيقة، وساعة، ويوم، وأسبوع، وشهر، وعام من عائدات الأموال السائلة للبترو دولار تصل إلى التريليونات من الدولارات، وهي محفوظة، والحمد لله في بنوك وخزائن أميركا، وغرب أوربا .

وهذه الأموال الطائلة هي ملك، وحق لهم، وبارك الله لهم في استخدامها، والاستفادة منها، كما شاؤوا، ورغبوا لأغراضهم، وأسرهم، واحتياجاتهم، وحتى بذخهم الفاحش، وليس لنا، ولا لغيرنا أية ملحوظات في التصرف بها ، ومن حق دول الخليج المتخمة بالدولارات أن تنفق جزءاً من أمولها، أو حتى معظمها على أية دولة عربية، أو اجنبية ، لكن بشرط واحد أنها توظف لصالح الأمة العربية والاسلامية في الشأن العام ، وليست لتدمير

الأمة ومستقبلها؛ لأنها أموال مشروطة، ومستخرجة من باطن الأرض العربية الاسلامية ، أي من أراضي الحرمين الشريفين، وجوارها ، وهي هنا أرض ريعية مشاعة للمسلمين جميعاً، وليست أموالاً خاصةً منتجة من عرق جبينهم ، أي أنها ليست ملكاً خاصا للأسر الحاكمة في مشيخات مجلس التعاون الخليجي، بل إنها مال للأمة العربية والاسلامية جميعاً ، وليست أموالاً خاصة، ووقفاً على أسر ومشيخات فاسدة فاجرة مجرمة سلطتها الماسونية الصهيونية العالمية الغربية على رقاب العرب والمسلمين جمعاء، والى وقت ليس بالبعيد؛ أي إلى مطلع السبعينيات من القرن العشرين، وحينما كانت دول مجلس التعاون الخليجي فقيرة، ولم تأت عائدات البترول بعد، فقد كانت جميع دول مجلس التعاون الخليجي تتلقى الهبات والعطايا، والمساعدات، وعائدات الزكاة من حكومات الصومال والمملكة المتوكلية اليمنية، ومن مستعمرة عدن، ومن المملكة المصرية العربية، والجزائر، وغيرها من بقية الدول والأقطار العربية، نعم هكذا كانت هذه الدول الخليجية الفقيرة تستقبل المساعدات من شقيقاتها من الدول العربية والتي للأسف تحولت اليوم إلى رأس حربة في تدمير، وتمزيق البلدان العربية خدمة للأجنبي الطامع في ثروات الأمة كلها، كمصر، والعراق وسوريا ولبنان واليمن، والجزائر .

لنأخذ أمثلة حية على ما تشير إليه على النحو الآتي :

أولاً :

منذ مرحلة الخمسينيات من القرن العشرين، وبزوغ حركة التحرر العربية من الاستعمار الأوربي بقيادة الزعيم /جمال عبد الناصر، ونشوء، وتأسيس الأحزاب القومية العربية التحررية، كحزب القوميين العرب، وحزب البعث ، لعبت الدول الخليجية دور ممثل الرأسمالية الصهيونية العالمية ، ومعول هدم لجميع الجبهات التحررية في عالمنا العربي والإسلامي، ونصيراً خفياً للكيان الإسرائيلي الصهيوني، وحليفاً علنياً سافراً للدول الرأسمالية الاستعمارية المتصهينة.

فالمملكة السعودية – ومن خلال الوثائق التاريخية المعلنة لعبت دوراً رئيسياً في تدمير الجيش العربي المصري وهزيمة الزعيم جمال عبد الناصر في ما سمي بنكسة ٥ / حزيران / ١٩٦٧ م ، نكاية بما قدمته مصر / جمال عبد الناصر من دعم وإسناد للثورة اليمنية الأم ٢٦ / سبتمبر / ١٩٦٢م ، وثورة ١٤ / أكتوبر / ١٩٦٣م في جنوب اليمن .

ومنذ ذلك الانكسار، وهزيمة العرب تقوت شوكة الكيان الصهيوني الإسرائيلي من جهة، وزادت معاناة الشعب العربي الفلسطيني، والمصري واللبناني، والأردني والسوري من جهة أخرى.

ولولا تلك المؤامرة الرخيصة التي دبرها قادة المملكة السعودية مع الخبراء الأمريكان لما وقعت نكسة الأمة العربية المؤلمة التي مازالت آثارها السلبية واضحة، وبينة لكل الأمة العربية .

ثانياً :

منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية في عام ۱۹۷۹م بقيادة الشهيد المجاهد الثائر / آية الله الخميني – رحمة الله عليه -، وجميع دول مجلس التعاون الخليجي تتأمر عليه ليل نهار ، وتضع العصي في دولاب الثورة من خلال المساعدة المباشرة في المقاطعة، والحصار الأمريكي الأوربي الإسرائيلي على الشعب الإيراني المسلم المجاهد ، ومن خلال تمويل، وتشجيع الرئيس العراقي / صدام حسين على شن حرب واسعة على الثورة الإيرانية الإسلامية، والغاء الاتفاقية الحدودية الموقعة بين جمهورية العراق، والإمبراطورية الإيرانية الشاهنشاهية بقيادة ملك الملوك محمد رضاء بهلوي، والموقعة عام ۱۹۷۵م في جمهورية الجزائر يومذاك.

مازال التاريخ حياً، ومكتوباً بأحرف من نور العزة والكرامة، والشرف ، حينما اتخذ الإمام آية الله الحميني قراره الشهير بقطع العلاقة الدبلوماسية، والسياسية والاقتصادية والثقافية مع كيان العدو الإسرائيلي ، وتحويل السفارة اليهودية الإسرائيلية إلى سفارة دولة فلسطين، وحضور الرئيس الشهيد / ياسر عرفات – رحمة الله عليه يومذاك لافتتاحها شخصياً ، وطرد السفير الأمريكي ، واحتجاز موظفي السفارة الأمريكية في طهران لعدد من الأشهر، كل تلك المواقف الإسلامية الشجاعة أقدم عليها توارُ إيران الأحرار .

وبالمناسبة هنا للتذكير فحسب للقارئ اللبيب فإنه لم تثر قصة، ونعرة الطائفية الدينية بين الطائفتين المسلمتين، وهما الطائفة المسلمة الثنية الكريمة، والطائفة المسلمة الشيعية الكريمة ما قبل الثورة الإيرانية في زمن شاهنشاه إيران / محمد رضاء بهلوي، الحاكم المطلق لإيران الشيعية، وحليف الصهيونية الإسرائيلية الأمريكية، ولم تثر إلا بعد الثورة ، حيث انبرت إعلام وأبواق الحركة الصهيونية، والبلدان الأوربية، والأمريكية، وأبواق إعلام الصهاينة العرب من دول الخليج، وأبواق حركة الإخوان المسلمين، ومن في فلكهم، ودوائرهم المسمومة تحض على الافتراق، والخصام، وحتى المعاداة العلنية، والصريحة، تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان؛ للضحك والتدليس، والمغالطة على العوام الدهماء من أقوام المسلمين، وهم كثر للأسف، واشترك في تلك الحملة الدعائية علماء دين اسلاميين من الطراز الرفيع، أمثال الشيخ / عبد المجيد الزنداني من اليمن، والشيخ / الدكتور / عبد الله النفيسي من الكويت ، والشيخ / سلمان العودة من السعودية ، والشيخ / خيرت الشاطر، ومحمد على بشر من جمهورية مصر العربية ، والدكتور / الشيخ / حسن الترابي من السودان، والشيخ . على صدر الدين البيانوني من الجمهورية العربية السورية ، و و و.

إضافة إلى الأبواق الإعلامية الرسمية في الدول التي تنهج المذهب الإسلامي السني للأسف ، مع أن ابسط، وأصغر كاتب، أو كويتب في صحيفة مغمورة في بلد معزول في هذا العالم يستطيع التمييز بسهولة ويسر، وأن هذه الحملة الإعلامية المسعورة الرخيصة التي تستهدف جمهورية إيران الاسلامية، وثورتها الظافرة ما هي إلا من صناعة المخابرات المركزية الأمريكية المتصهينة، وحليفتها الموساد اليهودي، والحكام العرب المتصهينيين بطبيعة الحال.

ثالثاً :

تم استدراج نظام الرئيس العراقي / صدام حسين لغزو، واحتلال إمارة الكويت، وهذا مخالف للغرف الأخوي والمنطق، وحق الجوار، والقانون الدولي برمته بطبيعة الحال، وهنا حشدت دويلات مجلس التعاون الخليجي معظم الدول الكبرى ، ومؤلتها بالمال، والعتاد، وحشدت لها العالم أجمع، وانقضوا على العراق، ودمروه، وأعادوه كما يُشير الخبراء الاستراتيجيين ثلاثين عاماً، وأزيد إلى الخلف، وفرضوا عليه حصاراً برياً، وجوياً، وبحرياً حتى تم افلاسه ، وتحول الإنسان العراقي إلى إنسان فقير معدم باع حتى أثاث منزله الشخصي؛ كي يعيش فحسب، ومن جراء الحصار الظالم القاهر مات قرابة مليون طفل عراقي بسبب الحصار، ومات قرابة مليون إنسان باسباب مختلفة جراء ذلك الحصار الأمريكي الصهيوني الجائر، وكان رأس الحربة في معاداة الشعب العراقي الشقيق، هي دولة ممالك، ومشيخات مجلس التعاون الخليجي .

وكلنا يتذكر رد وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية المتصهينة / مادلين أولبرايت حينما سألها الصحفيون بالقول بأن حصار الأمريكان للشعب العراقي قد تسبب في وفاة مليون ونصف المليون طفل عراقي ، هنا ردت بوقاحة مفرطة : بأن القضية تستحق الثمن ..

والعالم المنافق يشهد بأن التهمة الحجة التي ساقتها دوائر الغرب الصهيونية، هي عبارة عن أكذوبة علنية ساذجة بأن العراق يمتلك أسلحة محرمة أمريكياً، لكن السؤال الواضح هو ماذا كان دور الخلايجة العرب في تلك المؤامرة على العراق الشقيق ؟.

رابعاً :

جميعنا سمع التصريح الشهير المتلفز لوزير خارجية حكومة قطر، ورئيس وزرائها الشيخ / حمد بن جاسم بن جبر ال ثاني ، حينما قال شكلنا غرفة عمليات، ومقرها الأردن الهاشمية؛ من أجل اسقاط النظام الجمهوري في الجمهورية العربية السورية، أي اسقاط نظام الدكتور / بشار الأسد ، وكانت غرفة العمليات مكونة من حكومة قطر ، والمملكة السعودية، والمملكة الأردنية الهاشمية ، وجمهورية تركيا الطورانية، وعرابة المؤامرات العالمية، وهي الولايات المتحدة الأمريكية المتصهينة.

قال الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني: لقد كان ملف اسقاط النظام العربي السوري بأيدينا ، هكذا صرح بالأمر بوضوح عجيب، ودون أي خجل، لا من الله، ولا من رسوله، ولا من المؤمنين، والمسلمين جميعاً ، أي ملف سوريا بيد حكومة قطر، وقد تم صرف ما يقارب ١٥٠ مليار دولار لتمويل الجماعات المسلحة التي استقدموها من أزيد من ۷۷ دولة، وجنسية، وعرقاً من حول العالم؛ لقتال النظام العربي السوري المقاوم للعدو الصهيوني وقال الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وفي أحد اجتماعات الدول الخمس في إطار الغرفة المقامة؛ لغرض اسقاط النظام السوري ، احتج الأمير الملكي السعودي / بندر بن سلطان آل سعود في أن يكون الملف بيد قطر ، الارهابية من قطعان تنظيم القاعدة وداعش، وغيرهم من الارهابيين، وكان المدعو أبو محمد الجولاني الذي تحول اسمه إلى أحمد الشرع الذي قاد الجماعات الارهابية حتى أسقط النظام العربي السوري، وعاصمته دمشق بتنسيق تام وقال: السعودية أولى بهذا الملف المهم بشرط أن تسلموني ترليوني دولار، وأنا سأسقط النظام في غضون أشهر ، وهنا انسحبت قطر من اللجنة الخماسية، وعملت بمفردها، وبتنسيق مع الحكومة التركية في تمويل الجماعات مع الحكومة التركية، بأجهزتها الاستخباراتية، والأمنية، وأموال دولة إمارة قطر، مع مرافقة إعلامية صاحبة الشبكة قناة الجزيرة القطرية.

خامساً :

كلنا يتذكر بأن دول مجلس التعاون الخليجي، وتحديداً السعودية، وقطر، والإمارات المتحدة، والبحرين عملوا بشكل تضامني فيما بينهم؛ من أجل التامر، والتخطيط لإسقاط النظام العربي الليبي، وقائده الشهيد / معمر القذافي ، النظام المعادي للكيان الصهيوني الإسرائيلي، وتم حشد الأموال، والإعلام، والأسلحة الخليجية؛ من أجل تدمير، وإسقاط النظام العربي الليبي ، كما أن الخليجيين دعوا قوات حلف شمال الأطلسي المعادي للشعوب التحررية، وحرياتها للاشتراك في قصف، وتدمير المدن، والمعسكرات الليبية، وبناها التحتية وصولاً إلى إلقاء القبض عسكرياً على الزعيم الشهيد / معمر القذافي، وقتله بطريقة لا توصف سوى بالوحشية الهمجية، وغير الأخلاقية.

ولعب المال، والإعلام الخليجي – المهووس بالعظمة الصحراوية البدوية الفاجرة – دوراً في تخريب، وتدمير مقدرات الشعب العربي الليبي ، كما قاموا بدور محوري في تقسيم ليبيا سياسياً، وجغرافياً حتى يومنا هذا.

سادساً :

لعبت إمارة قطر، والحكومة التركية العثمانية، وعصابات جماعات الإخوان المسلمين المسلحة ، وسموم قنوات الجزيرة القطرية دوراً محورياً خطيراً؛ لتخريب دولة عربية محورية عظيمة، هي جمهورية مصر العربية ، وعملوا على تدمير المؤسسات الأمنية والعسكرية، والمدنية التي كانت هي الضامنة لأمن وسلامة، وعصرنة مؤسسات جمهورية مصر العربية، وامتداد لدور مصر بمؤسساتها التاريخية الكبيرة، عملوا كل ذلك؛ من أجل أن تخدم دولة الكيان اليهودي الإسرائيلي الصهيوني، وخدمة للمشاريع الصهيونية العالمية.

ولولا التدخل العسكري الحاسم للجيش المصري البطل، وفي اللحظات التاريخية الحاسمة، وإعادة البوصلة إلى اتجاهها العروبي الحق ، لقلنا إن مصر العروبية العظمي قد ضاعت إلى الأبد.

سابعاً :

شئت السعودية، وحليفاتها المشيخات الخليجية، أو الخلايجية ( الخمس دول الخلايجية ) باستثناء الشقيقة سلطنة غمان ، شلت عدوانها الوحشي والهمجي على الجمهورية اليمنية، وعاصمتها صنعاء ، ولم تكتف بجيوشها الجرارة وأسلحتها الفتاكة في هذا العدوان غير الأخلاقي، وغير الإنساني ، بل إنها استعانت بوحدات عسكرية من الجيش السوداني ( الشقيق ) ، وتحديداً من عصابات الجنجويد السودانية ، في زمن الرئيس / الإخونجي / عمر أحمد البشير، كما دعوا عصابات أمنية أمريكية من مجرمي البلاك ووتر”، وغيرها من العصابات الأمنية المحرمة، كما أرادوا توريط الحكومة الباكستانية، وجيشها المسلم في الاعتداء على اليمن، ولحسن الحظ فقد اعترض البرلمان الباكستاني على المشاركة في العدوان.

لكن قبل العدوان، وتحديداً فيما كان تُسمى ثورات الربيع العربي – العبري صرفت حكومة إمارة قطر المليارات العديدة من الدولارات التي لم تعد ولا تحصى لثوار عصابات الإخوان المسلمين في اليمن، ومن لف لفهم من المرتزقة، والمنتفعين، وقائد ثورتهم اللواء العجوز / على محسن الأحمر السنحاني الذي بدوره قاد الانشقاق في الجيش اليمني لمصلحة المتمردين في ساحة التغرير ( ساحة جامعة صنعاء ) ، وقبض مقابل ذلك الانشقاق مليارات الدولارات الأمريكية ، والوثائق الدامعة تظهر ذلك .

أما حكومة الإمارات العربية المتحدة هي الأخرى صرفت مليارات الدولارات للعصابات الانفصالية في جنوب الوطن، وكذلك لتمويل مقاتلي تنظيمي القاعدة، وداعش في حضرموت وشبوة، وأبين ، كما أسسوا وحدات عسكرية وأمنية، واسموها حراس الجمهورية ، الحزام الأمني ، قوات النخبة الشبوانية، والحضرمية، والسقطرية ، خراس الوطن، ودرع الوطن، وكلها عبارة عن عصابات مسلحة؛ لنهب المواطن اليمني، وقتل أحراره الشرفاء.

لقد عبث ( الأشقاء ( الخلايجة غير الأسوياء بالمطلق ، وطيلة عشر سنوات عجاف ، أذاقوا فيها المواطن اليمني صغيره، وكبيره، وشيخه من العذاب، وعلقم القهر الإنساني، وتعاملوا مع شعبنا اليمني الكريم بشيء من الدونية حد الاحتقار، وباستخفاف فظيع، ربما لن نجد له مثيلاً بين الأعداء، فكيف بالأشقاء، واستهانوا كثيراً بكرامة الإنسان اليمني على طول اليمن وعرضها ، وعبثوا عبثاً لا يوصف بحياتهم المعيشية والأمنية، والصحية، والثقافية والاجتماعية، وغيرها.

ذلك الاستخفاف بكرامة الإنسان اليمني جاء نتاج تصرفات، وسلوكيات حفنة تافهة، ورخيصة من المرتزقة اليمنيين ومن خونة اليمن الذين هرعوا إلى الرياض، وأبو ظبي، والدوحة، ودبي، وإسطنبول ، وهُمُ الخونة اليمنيون الذين فضلوا الانبطاح، والارتماء في أحضان حكام آل سعود، وآل نهيان ، وآل ثاني.

ملحوظة مهمة قبل الخلاصة :

كيف يفكر هؤلاء الملوك، والمشائخ، والأمراء، وأعوانهم من أعداء اليمن العظيم الذين استلذوا، واستمتعوا طيلة عشر سنوات بقتل أبناء الشعب اليمني، وفي تعذيب وتجويع، وممارسة التنكيل بالمواطنين اليمنيين الكرام ؟ ، كيف يهنئون بأطايب، وملذات الحياة في معيشتهم، ورغدهم، وهم يُشاهدون كل ذلك البؤس الذي صنعوه عنوة بهذا الشعب اليمني العربي الكريم ؟ ، كيف يتسامر هؤلاء الأمراء والشيوخ، وجلساؤهم، وهم يصنعون – بإتقان شديد – ذلك الحقد والكراهية في عقول وقلوب اليمنيين الذين تجرعوا ويلات المأساة طيلة عشر سنوات ؟

هم يعلمون، وعقلاؤهم أيضاً يعلمون بأن الضيم، والقهر الذي لحق بالمواطن اليمني حتما لن ينساه ، وسيلاحق بالقانون الوضعي، والقانون الإلهي هؤلاء الظلمة الفجرة المجرمون من اليوم حتى يوم القيامة، بعون الله، وصبر الأوفياء ! ! !

الخلاصة :

إن عشر سنوات عدوان، وحصار، وتجويع، ونشر أمراض الدنيا، والدين بين أوساط الشعب اليمني ، وعمل كل ذلك الإجرام غير المبرر بحق شعب عزيز كريم سيخلف، ويولد لكم أيها الحكام الخلايجة المستبدون عواقب وخيمة

ستندمون عليها أجيالاً وأجيالاً، وأن التسامح، والكرم الأخوي اليمني الذي تعودتموه من اليمنيين الطيبين بعد كل هذه الفترة من العدوان، والصلف، والعنجهية المقيتة لم يعد متاحاً على الإطلاق في تقديري ، وسيحاسب هذا الشعب اليمني الأصيل كل من عمل على قتله، وحصاره وتجويعه، وتدميره ، وسيلاحق بالقانون الخونة، والمرتزقة من اليمنيين، ويحاكمهم على خيانتهم اليمن العظيم.

 

“وَفَوْقَ كُلَّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ”

ا.د. عبد العزيز صالح بن حبتور

عضو المجلس السياسي الأعلى للجمهورية اليمنية / صنعاء

 

بواسطة
رأي اليوم 26 سبتمبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى