
عقد من العطاء الذي لا ينضب .. و الرساله الحضاريه المستمره
بمناسبه الذكرى العاشره لتاسيس دار بن حبتور الخيريه للثقافه والعلوم والتوثيق - بقلم الدكتور ابوبكر محمد الشكلية الحميري
في السابع عشر من يونيو 2015 م ، شهدت الساحه اليمنيه ولاده صرح معرفي وانساني متميز ، هو دار بن حبتور الخيريه، التي جاءت كاستجابه فكريه وروحيه لحاجه المجتمع الى هكذا مؤسسه تعنى بالعلم والثقافه والتراث، وتسهم في بناء الانسان والتنميه المجتمعية ،تحت قياده المؤسس والمفكر الوطني العملاق البروفيسور عبد العزيز صالح بن حبتور، الذي جسد من خلالها رؤيه عميقه لاحياء روح اليمن العلميه والتاريخيه، واستعاده دورها الحضاري المتجذر وامجادها الانسانيه في الايمان والحكمه اليمنيه.
جاء تاسيس الدار في ظل ظروف سياسيه واقتصاديه معقده ،حيث كانت اليمن تمر بتحولات كبرى متمثله في الحرب العدوانيه الغاشمه والظالمه التي شنت على شعبنا العزيز تحت ما سمي بعاصفه الحزم تقودها السعوديه في تحالف دولي تعسفي – اكثر من 17 دوله – لتدمير وطننا وتخريب وتعطيل بناه التحتيه وسحق قواه الثوريه الوطنيه المقاومه وفرضها حصارا شاملا قاسيا ولا اخلاقيا برا وجوا وبحرا استمر لسنوات عشر حتى يومنا هذا ، والتي القت بظلالها وتداعياتها على كل مفاصل الحياه.. ورغم ذلك ، لم تكن هذه الحرب الوحشيه التي استهدفت الارض والانسان والصعوبات التي صنعتها الماثله عائقا امام الاراده الصلبه والرؤيه الثاقبه للبروفيسور بن حبتور، الذي استطاع بايمانه العميق بالمشروع الثقافي ان يضع اللبنات الاولى للدار ، مستندا الى خبراته الاكاديميه والعلميه والقياديه والاداريه ووعيه الموسوعي الصادق من خلال اعماله الكامله التي جمعت حتى الان نحواً من ثلاثين مجلدا ، وبأهميه دور المؤسسات الفكريه والثقافيه في حمايه المجتمعات البشريه من الانهيار المعرفي والقيمي والاخلاقي الانساني .
وتعددت الصعوبات بين شح الامكانيات والموارد بمختلف عناصرها ، وضبابيه الرؤيه لدى البعض في زمننا الحاضر حول اهميه الثقافه في بناء الاوطان ، وانعدام الدعم الرسمي وغير الرسمي ،الا ان البروفيسور بن حبتور، وبروح العالم المؤمن بقضيته ،تجاوز ذلك بصبره الجميل ، والحكمه البالغه ، وبناء شراكات فاعله مع المفكرين والمثقفين والمبدعين والباحثين، حتى اصبحت الدار اليوم مناره اشعاع علمي وفكري وانساني يشار اليها بالبنان .
( علمية، ادبيه، فكريه، ثقافيه، تربويه، تعليميه،اجتماعيه، تاريخيه وتراثيه).
نميزت دار بن حبتور منذ تاسيسها بادوارها المتعدده و تنوعها غير المحدود، حيث مثلت مركزا جامعا
لعدد واسع من الجوانب الهامه في حياتنا :
• الادبية و الفكرية والثقافيه:
من خلال تنظيم الفعاليات الادبيه والثقافية بل وتبني التخطيط العلمي لاقتراح ووضع التصورات المسبقه مكانا وزمانا والعناصر البشريه المنفذه والمنخرطه في إنجازها من خلال الكتابه التشاركيه والتعاونيه التبادليه وتقوم من حين لاخر بالمشاركه و الاشراف المباشر على تبني ملتقيات وصناعه المنتديات واداره الندوات والمحاضرات التي حيت من جديد التراث اليمني الاصيل ناصحين كل باحث مهتم بدراسة الاعمال الكامله الموسوعيه في شتى جوانب المعرفه الشامله للبروفيسور بن حبتور .
• العمية والتعليميه :
من خلال دعم الابحاث والدراسات، ورعايه الباحثين ، وانتاج وتوثيق المعرفه ، مع التركيز على بناء جيل جديد يمتلك ادوات العلم والتعلم الحديثين دون الانفصال عن جذوره التاريخيه والثقافيه والعقديه.
• الاجتماعية والتربويه :
من خلال مشاريع تنمويه (المتحف والمكتبه وغيرها ) وتوعويه تستهدف بناء الانسان الواعي المنتمي والملتزم بثوابت وطنه، القادر على المشاركه الايجابيه في بناء الوطن بحسب قدراته وامكاناته ومهاراته.
التاريخيه والتراثية:
من خلال الحفاظ على المخطوطات والوثائق، واللقى والآثار، وتوثيق مراحل مهمه ومفصليه من التاريخ اليمني القديم والحديث والمعاصر بطريقه علميه منهجيه مدروسه .
مع تطور التكنولوجيا وظهور الذكاء الاصطناعي كقوه فاعله في عالم المعرفه، تواجه دار بن حبتور اليوم تحديا جديا وجديدا : كيف يمكن الاستفادة المتوخاة والماموله بشكل نوعي متسارع من هذه التقنيات الحديثه المتطوره بشكل متلاحق في تحقيق اهدافها دون فقدان خصوصيتها الثقافي!؟ الاجابه تكمن في العمل – من وجهة نظري على الاقل- على ما يلي :
• رقمنه المخزون المعرفي وتوفير قاعده بيانات معلوماتيه رقميه ضخمه تتيح للباحثين من داخل اليمن وخارجه الوصول الى مصادر التراث والمخطوطات الموثوقه .
• توظيف الذكاء الاصطناعي في جمع وتحليل البيانات التاريخيه ، وتصنيف الوثائق ، وترميم واصلاح ما عطب من المخطوطات مع تقادم الزمن عليها ، وللترجمه والتاريخ التفاعلي النزيه غير المزيف.
• انشاء منصه معرفيه تفاعليه تربط بين الباحثين والمفكرين والدارسين والطلاب،وتوفر محتوى عالي الجوده مدعوما بتحليل واقعي وذكي وسهل التناول (ضمن الموقع الإلكتروني للدار الذي تم الإعلان عنه مؤخرا وتناقلت نبأ إشهاره كثيرا من وسائل التواصل الاجتماعى).
في الذكرى العاشره لتاسيس الدار، لابد من التفكير برؤيه مستقبليه بعيده الافق لتصنع الفارق المميز والمنشود عن غيرها من المؤسسات المشتغله في هذا المجال مثل:
• انشاء “مركز دراسات يمنيه رقميه ” داخل الدار ، يعنى بانتاج المعرفه حول اليمن وتاريخه وتراثه الهائل وثقافته باستخدام ادوات تحليل البيانات بالذكاء الاصطناعي .
• اطلاق “مجله علميه محكمه” تنشر ابحاثا نوعية ، وتكون مرجعيه للباحثين في اليمن وخارجه .
• عقد مؤتمرات سنويه تجمع النخب الاكاديميه والفكريه لمناقشه قضايا اليمن المعرفيه والنهضوية حاضرا ومستقبلا .
• فتح بوابات للتعاون الاقليمي والدولي مع مراكز ابحاث ودراسات ومنظمات ثقافيه بهدف تبادل الخبرات والتجارب وتوسيع دائره التاثير.
دار بن حبتور الخيريه ليست مجرد مؤسسه، بل هي ضمير وطني ومعرفي حي ،تمثل التقاء الايمان بالعلم، والحكمه بالعمل ، والتراث بالرؤيه المستقبليه .. وهي اليوم ، وبعد سنوات عشر من الانشاء ، مدعوه اكثر من اي وقت مضى لتكون حامله لواء التجديد الحضاري، القائم على الاصاله والانفتاح ، وعلى العقلانيه و النقد البناء،وعلى الانتماء الوطني المرتبط بالهويه الايمانيه اليمنيه الجامعه التي قال عنها الرسول الكريم سيدنا محمد المصطفى (صلوات ربي وسلامه عليه وعلى اله) : ((الايمان يمان والحكمه يمانيه والفقه يمان)).
وفي الختام وبهذه المناسبه المجيده ، لا يسعنا الا ان نبارك لهذا الصرح الشامخ انجازاته ،ونحيي مؤسسه العالم المبدع والمفكر الكبير والقيادي الوطني البارز البروفيسور عبد العزيز صالح بن حبتور ، وندعو كل المهتمين برؤية ورسالة وأهداف هذا الصرح الى التكاثف والتعاضد والتعاون والتشارك الفعال من اجل الدفع بمسيرته المباركه نحو آفاق ارحب واوسع واروع واجمل ،ليبقى مرجعا مستداما ومصدراً لإشعاع فكري وثقافي وحضاري للاجيال القادمه …