البروفيسور بن حبتورالمقالاتمكتبة القلم

مقدمة كتاب الثروة الدائمة فيصل علوي

بقلم دولة البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور

مقدمة كتاب الثروة الدائمة فيصل علوي

 

                     بسم الله الرحمن الرحيم

فيصل علوي ، ذلك الفنان الجميل الذي غادرنا قبل عام تقريباً إلى دنيا الخلود، يستحق أن تخلده كتب التاريخ الفني لليمن

وتتذكر ذلك الفنان الذي ولد في قرية(الشقعة) وتفتقت موهبته الفنية بعد أن أنتقل مع أسرته في سن مبكرة من قريته إلى عاصمة محافظة لحج “الحوطة” حيث تبلورت وصقلت وظهرت موهبته في الغناء والعزف والموسيقي على آلة العود، ومنذ ذاك استطاع فيصل علوي بموهبته واجتهاده وجديته أن يصبح اسماً وعلماً فنياً شامخاً على مستوى اليمن والجزيرة العربية.

لقد كان لصوته الجميل ومثابرته في تقديم اجمل ألحان لحج الأثر النفسي والعاطفي الكبير عل جمهور عشاقه الذين أحبوا فنه وترنموا بأغانيه في سكونهم وترحالهم.

سيظل هذا الفنان ولمدة طويلة بأغانيه وألحانه حاضراً في الاحتفالات ومجالس السمر وأهل الفن والطرب ،وسيبقى اسمه وصوته يتردد صداهما في فضاءات الفن الأصيل، وسيظل عشاقه ومحبيه يستمعون إليه بشغف شديد، ويتذكرون ذلك الفنان اذي امتلك نفسية رائعة وبسيطة أسرت كل من استمع إليه او عرفه.

لقد بدأت أسمع صوت الفنان فيصل علوي وأنا طالب في المرحلة الثانوية، مذ أ كنت شاباً يافعاً ، ولازلت بين الحين والآخر أستمع إلى مقاطع من أغانيه وألحانه، بل غنني دما كنت في تلك المرحلة، أذهب مع زملائي لمشادة حفلاته، والسمر معه في الحفلات التي كان يقيمها بمناسبات مختلفة، في عدد من المدن اليمنية.

إنني أتذكر عندما كان يزورني في مكتبي في صنعاء، وكنت استمتع كثيراً بلقائه وحديثي معه حول همومه الشخصية وهموم الفن عامة.. فكان نقي السريرة ، وطيب القلب.

واستمر هذا الفنان في عطاءه يقدم لمحبيه ومشجعيه كل ما لديه من فن وجهد إبداعي اعتصره على مدى سنين عمره ليقدمه فناً رائعاً لمستمعيه، وظل مواصلاً عطاءه المتدفق من معينه الفني الغني حتى الأشهر الأخيرة من حياته.

وطوال أربعون عاماً كان فيصل علوي يدندن ويلحن ويسهر الليالي من أجل أن يسعد الناس ، ويسعد المحبين والعاشقين لهذا الفن اللحجي الأخاذ. كان الفنان فيصل علوي أحد أهم الفنانين الذين نهض بالأغنية اللحجيه ووظف بشكل جميل ترانيم وشعر الفنان الشاعر الأمير/ أحمد فضل القمندان، ليضيف إلى سجل الأغنية اللحجيه ألحان وأغاني شكلت علامة بارزه في صفحاته الزاخرة.

لقد كانت لحج ببساتينها الخضراء وأشجارها الباسقة، و فلها وكاديها، مصدراً لإلهام هذا الفنان الذي وظف بشكل عجيب ثقافة الخضرة والماء والوجه الحسن في فنه.

لقد اتحفت لحج الوطن كله بروائع الأدب والفن التراثي لأنها بيئة حقيقية للثقافة، ومثلت منبع النهر للفن، وعدن مثلت دلتاه وهذه الثنائية خلقت وأنتجت هذا الفن الأصيل، المتجذرة بالأرض وبسمو مشاعر الإنسان .

رحم الله فقيدنا الفنان فيصل علوي وأسكنه فسيح جناته، هذا الفنان الذي كرس حياته ليسعد محبيه، ويشنف أسماعهم بأعذب الكلمات والترانيم، وترك لنا تراثاً فنياً تستطيع الأجيال التزود من معينه.

فيصل علوي هو ابن لحج الخضيرة المحروسة المعطاءة التي تتماهى شخصيته مع بيئتها، تلك البيئة التي تعطي للناس ولا تأخذ منهم، تقدم للإنسان اليمني وغيره فنها وتراثها الأصيل والزرع الوفير، وتقدم أيضاً المفكرين والمثقفين والقادة العظام 

هنيئاً للحج الرائعة فنها وتراثها وثقافتها الغنية، التي هي رافد أساسي لتراث وفن اليمن كله.

والله الموفق،

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى