
استشهاد السيد حسن نصر الله: لحظة تحدٍّ كبرى لجميع الأحرار في العالم
البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور عضو المجلس السياسي الأعلى
سيظل الشهيد المجاهد حسن نصر الله حياً فينا وفاعلاً بقيمه ومبادئه وروحه الطاهرة بين جميع الأحرار في عالمنا العربي والإسلامي والعالمي.
تمر على أحرار الأمتين العربية والإسلامية مع أحرار العالم في عموم الكرة الارضية الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد سيد الشهداء المجاهد حسن نصر الله رحمه الله وأسكنه جنات الفردوس الأعلى. كان ذلك اليوم العظيم في لحظة استشهاد القائد بتاريخ 27 أيلول/سبتمبر 2024م لحظة فارقة جداً ومؤلمة حزينة بطبيعة الحال في مسار وتأريخ النضال العربي الإسلامي المقاوم للوجود الشاذ لكيان العدو الإسرائيلي الصهيوني.
نعم كانت لحظة تحدٍّ كبرى لجميع الأحرار في العالم، بفقدانهم أنبل وأعظم وأشجع قائد لبناني عروبي إسلامي في هذا الزمن، الذي أثبتت فيه المقاومة الإسلامية أنها الضامن الأوحد لمصالح الشعوب العربية الحرة، وأنها تمثل الكابح الأوحد لجميع المشاريع الصهيونية الإسرائيلية الأميركية الأوروبية والصهيونية العربية.
لقد كانت انطلاقة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023م بمنزلة إنقاذ حقيقي للقضية الفلسطينية، من تغول المشاريع الصهيونية العلنية، بأنهم ينفذون مشاريع الشرق الأوسط الكبير ومشاريع الفوضى الخلاقة في منطقتنا العربية، ومشاريع توسع هيمنة القوى الصهيونية الراديكالية على الوطن العربي. وهذه المشاريع الخبيثة أعلنتها دوائر الاستخبارات الأميركية الغربية الإسرائيلية منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين، أي أن تلك المشاريع أصبحت معلنة وليست سرية، ويستطيع أن يطّلع عليها العوام من الرأي العام العربي والإسلامي والأجنبي، فكيف بتلك الطغمة الحاكمة المستبدة على الشعوب في عالمنا العربي والإسلامي.
صحيح أن حجم الخسائر البشرية والمادية كبير جداً في كل الجبهات الحرة المقاومة، وتبدأ من فلسطين وقطاع غزة البطلة، ومن اليمن العظيم وعاصمته صنعاء الباسلة، ومن لبنان المقاوم الشجاع الحر، ومن العراق التأريخ والحضارة، ومن جمهورية إيران الإسلامية التي تحملت بشرف لافت عبء ومسؤولية كل الدعم والإسناد العسكري والمادي والإعلامي والسياسي للمقاومة الفلسطينية العربية، في ظل غياب تام، وربما تآمر خفيّ وسقوط اخلاقي وديني وعروبي للغالبية العظمى من الحكام العرب ونظامهم الرسمي الهش المتخاذل وا أسفاه.
في ظل تلك الأوضاع العسكرية والأمنية الملتهبة وما يتعرض له أهلنا الفلسطينيون من حرب عدوانية وحشية قذرة، واستخدام سلاح التجويع والتدمير الشامل للبنى التحتية وجميع الخدمات في قطاع غزة، وتواطؤ حقير مكشوف للنظم العربية والإسلامية، باستثناء إيران الإسلامية، ومن خلال غض الطرف من قبل العالم كله عما يحدث من قتل وتشريد وتدمير وتجويع من صنع الآلة العسكرية الصهيونية، في كل تلك الأوضاع الأمنية الخطيرة ظهر القائد الشهيد سيد الشهداء ليقول للعالم أجمع بصوته الجهوري الرباني، يجب أن تتوحد جميع جبهات المقاومة العسكرية والأمنية والإعلامية والسياسية مناصَرة لغزة، وطلب ترديد ذلك النداء والشعار من على منابر ومنصات جميع الجوامع والمساجد في عالمنا العربي والإسلامي، وكان لصوته الهادِر الأثر الكبير في إشعال حماسة طاقات الشباب المقاوم في جميع الجبهات.
ورد عليه قائد الثورة اليمنية الحر الحبيب عبد الملك بن بدر الدين الحوثي من اليمن، من جميع ميادين الشرف من العاصمة صنعاء وجميع المدن والقرى في المحافظات الحرة التي لم يدنّسها المحتل الأميركي البريطاني العربي السعودي الإماراتي، ليقول للعالم كله لن تبقى غزة وأهلها الكرام وحدهم، وعزز ذلك النداء الهاشمي العروبي الحر بسيل من الصواريخ اليمنية فرط الصوتية لتدك مطار اللد ومدن حيفا ويافا وميناء أم الرشراش، وزاد الجيش اليمني البطل تلك الصواريخ بأسراب متواصلة من الطائرات المسيّرة التي دكت مواقع العدو الصهيوني العسكري الحساس، وأصابته في مقتل، نعم هذا واجبنا المقدس نحن اليمانيين الأحرار، شعب الإيمان والحكمة، وشعب التحدي وشعب الصبر، نحن ذوو بأس شديد، كما وصفنا الله في قرآنه الكريم.
وتعالت بعد ذلك أصوات القيادة الإيرانية الإسلامية الحرة من أرض إيران الإسلامية الحقة، لتقدم المدد والعون والتضامن مع أبطال المقاومة الفلسطينية الإسلامية والوطنية البطلة، وما معركة الـ12 يوماً الفاصلة العظيمة القاصمة لظهر أميركا والعدو الإسرائيلي، سوى دليل أكيد وحازم على سرعة رد الجيش الإيراني البطل على العدوان الإسرائيلي الصهيوني الغادر الفاشل، وظهرت دولة إيران جيشاً وشعباً وقيادة منتصرة شامخة، والدليل أنهم أي الصهاينة طلبوا من إيران إيقاف المعركة.
نعود إلى الدور المحوري الذي قاده شهيد الأمّة الإسلامية في جميع معارك الانتصارات التي حققتها المقاومة الإسلامية اللبنانية على جيش كيان العدو الإسرائيلي، ودوره في تأصيل فكر المقاومة وتربية الأجيال المتعاقبة على معاني وقيم فلسفة المقاومة ضد أي محتل، ما بالكم بذلك الكيان الصهيوني اليهودي الغاصب القائم على وهم الخرافات الكاذبة، وتجلّى ذلك الدور المحوري في جميع المجالات.