
الذِّكرَى السَّنويَّةُ الخَالِدَةُ لِثَورةِ ١٤ أُكتُوبَر ١٩٦٣م فِي جنُوبِ اليَمَن.
بقلم دولة البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور
الذِّكرَى السَّنويَّةُ الخَالِدَةُ لِثَورةِ ١٤ أُكتُوبَر ١٩٦٣م فِي جنُوبِ اليَمَن.
هَا هِيَ الذِّكرَى السَّنويَّةُ المُهمَّةُ الَتي تَمُرُّ علينا، وَعلى جَمَاهيرِ شَعبِنا اليمنيّ العَظِيمِ، وعلى انطلاقِ الثَّورةِ اليمنِيَّةِ المجيدةِ فِي جَنُوبِ الوطن، فِي الذِّكرى 63 مِن انطلاقةِ ثَوْرةِ 14 أكتُوبر المجيدةِ، الّتي تَفَجَّرتْ مِنْ على قِمَمِ جبالِ ردفانَ الشَّمَّاءِ الشَّامِخَةِ، وَفَجَّرها المُنَاضِلُ الشَّهِيدُ البطلُ راجح بن غالب لبُوزة – رحمة اللهِ عليه -، وعددٌ مِن رِفاقِه الثّوَّارِ الأَبطال.
هَذِهِ الثَّورةُ المَجيدةُ التي فَجَّرتْها طلائعُ فِدَائِيِّي التَّنظيمِ السِّياسِيّ لِلجبهةِ القَوْمِيَّةِ لِتَحريرِ جَنُوبِ الوطنِ المُحتَلّ، وَأحدثتْ صَدًى إِعلَامِيَّاً، وثوريَّاً واسِعاً فِي جَنُوبِ، وَشمالِ الوطنِ، وظهرتْ أَخبارُها في مانشيتاتٍ عَرِيضَةٍ بَارزَةٍ فِي وسائلِ الإِعلَامِ اليمنيَّةِ والعربيَّةِ، والأجنبيَّة.
مِن هُنَا برز حَجْمُ الانتصاراتِ البَاهِرَةِ لِلفِدائيّينَ اليمنِيِّينَ الأَبْطَالِ على جُنُودِ، وقادةِ المُحتلِّ البريطانِيّ البَغِيضِ الذِي احتلَّ وطنَنَا العَزِيزَ، وتَحْدِيدًا فِي جَنُوبِهِ، زُهَاءَ 129 عاماً، هذا الزَّمنُ الاحتِلَالِيُّ المُسْتَقْطَعُ مِنْ حُرِّيَّةِ، وكَرَامَةِ، وَشُمُوخِ شَعْبِنَا اليَمَنِيّ – الَّذِي طِيلَةَ هَذِهِ الفَترةِ الزَّمنيَّةِ الطَّويلَةِ نِسْبِيَّاً – عَاشَ فِيهَا وِيلَاتٍ مِنَ الِاضْطِّهَادِ، والتَّعَسُّفِ، والفَقْرِ المُدْقِعِ، والحِرْمَانِ مِنَ التَّطَوُّرِ الِاجتماعِيّ، والسِّيَاسِيّ، والثّقَافِيّ، وغَيْرِه.
ولكِنْ، طِيلَةَ هَذِهِ المُدَّةِ الزَّمَنِيَّةِ الِاحتِلَالِيَّةِ، ثَارَ شَعبُنَا مَرَّاتٍ، ومَرَّاتٍ، وبِهَبَّاتٍ، وانتِفَاضَاتٍ، وتمرُّداتٍ قبلِيَّةٍ، وشَعبِيَّةٍ، وعَسكَرِيَّةٍ، والهدَفُ مِن كُلِّ تِلكَ الِانتِفَاضَاتِ، وَالِاحتِجَاجَاتِ، هُوَ التَّعْبِيرُ الشُّجَاعُ عَنْ مَدَى غَضَبِ، واحتِجَاجِ القَبَائِلِ اليَمَنِيَّةِ فِي كُلِّ سَلْطَنَاتِ، ومَشْيَخَاتِ، وإِمَارَاتِ جَنُوبِيّ اليَمَن كُلِّهَا.
وَأَبْرَزُ تِلْكَ الِاحتجَاجَاتِ هِي:
• احتِجَاجَاتُ، وانتِفَاضَاتُ قبائلِ آلِ الحِمْيَريّ، وآلِ سُلَيمانَ، وَآلِ بَاخَرْخُور، وَلَقْمُوش في سَاحلِ المطهَف، ورُضُوم فِي سَلْطنةِ الوَاحِدِيّ.
• انْتِفَاضَاتُ قَبَائِلِ رَبيز، ومُعْظَمِ قَبَائلِ المَحَاجِر العَوْلَقِيَّةِ ضِدَّ المُحتلِّ البِرِيطَانِيّ.
• انتفَاضَاتُ، وَتَمَرُّدَاتُ قَبَائِلِ بَنِي رَشِيد، وبَاعُوضَة، وَحُلَفَائِهِمْ فِي السَّلْطَنَةِ الوَاحِدِيَّةِ، ضِدَّ المُحْتَلِّ البِرِيطَانِيّ.
• انتِفَاضَةُ قَبَائِلِ بَنِي عَبْدَات الحَضْرَمِيَّةِ، وَآلِ الكَثِيرِيّ الهَمْدَانِيَّةِ، ضِدَّ بَرِيطَانِيَا (العُظْمَى).
• انتفَاضَاتُ قَبَائِلِ الفَضْلِيّ، والعَوْذَلِيّ، وَدَثِينَةَ، ويَافِع العُليَا؛ بِقِيَادَةِ ابنِ هَرْهَرَة، وَالسُّفْلَى، بِقِيَادَةِ السُّلطَانِ العَفِيفِيّ، ضِدَّ جُنُودِ المُحتلِّ البِرِيطَانِيّ.
• سِلسِلةُ الِانتفَاضاتِ، والتَّمَرُّدَاتِ مِن قَبَائلِ الصَّبِيحَة، والعَزِيبَةِ، والعَقَارِبِ، وكذلِكَ فِي بَيْحَانَ القصابِ الّتِي قَادَهَا مَشَايِخُ، ووُجَهَاءُ قَبَائلِ المَصْعَبِيّ، وبَلْحَارِث، وَالحَبَايبِ المَحَاضِير.
• سِلسِلةُ الِاحْتجَاجَاتِ، وَالإِضْرَابَاتِ العُمَّالِيَّةِ، والطّلَّابِيَّةِ التِي قَادَهَا المُثَقَّفُونَ، والكُتَّابُ، وَالإِعلامِيُّونَ، والسِّياسِيُّونَ مِنَ النُّخَبِ الفَاعِلَةِ فِي مَدِينَةِ عَدَن.
تُؤَكِّدُ لَنَا الأَحْدَاثُ التَّارِيخِيَّةُ، ومَسَارُهَا الثَّوْرِيُّ التَّصَاعُدِيُّ مَدَى تَرَابُطِ، وتَلَاحُمِ القُوَى الثَّوريَّةِ اليَمَنِيَّةِ فِي عُمُومِ اليَمَن، فَالثّوَّارُ الفِدَائِيُّونَ فِي جَنُوبِ الوَطَنِ كَانُوا يَستَلهِمُونَ أَفكَارَهُمْ مِنْ ثُوَّارِ26 سِبتمبر، وكَذَلِكَ كَانَ يَتَدَفَّقُ الثّوَّارُ اليَمَانِيُّونَ أَرْتَالاً، وجَمَاعَاتٍ مِن مُدُنِ عَدَن، ولَحْج، والضَّالِع، وأَبيَن، وشَبْوَةَ، وحَضْرَمُوتَ، وصُولاً إِلى المهْرَةِ، وإِلى العَاصِمَةِ التَّارِيخِيَّةِ لِليمنِ صَنْعَاءَ، وَبَقِيَّةِ مُدُنِ الشَّمَالِ اليَمَنِيّ، يَتَزَوَّدُونَ بِالسِّلَاحِ، والعَتَادِ، وَالمَؤُونِ؛ لِيَعُودُوا لِقِتَالِ المُحْتلّينَ البِرِيطَانِيّينَ.
وهَذِهِ هِيَ الحَقِيقَةُ التَّارِيخِيَّةُ مِنْ فِعْلِ، وَتَأْثِيرِ وَاحِدِيَّةِ الثَّورَةِ اليَمَنِيَّةِ شمَالاً، وجَنُوباً.
فِي هَذِهِ المُنَاسَبَةِ الثَّورِيَّةِ اليَمَانِيَّةِ العُظمَى، نَعِيشُ مَعاً حَدَثاً، واحتِفَالاً كَبيراً، ومُهمَّاً، وهُوَ مُعَايَشَتُنَا الحَيَّةُ لِلذِّكرَى الثَّانِيَةِ لِثَوْرَةِ طُوفَانِ الأَقْصَى الفِلَسْطِينِيّ العُرُوبِيّ المُبَارَكِ الَّتِي انْطَلَقَتْ فِي ٧/ أكتُوبر/ ٢٠٢٣م، وما زَالَتِ المُقَاوَمَةُ الفِلَسطِينِيَّةُ، واليَمَنِيَّةُ، واللّبنَانِيَّةُ فِي أَوْجِ عُنْفَوَانِ مُقَاوَمَتِهَا لِجَحَافِلِ كيَانِ العَدُوِّ الإِسرَائِيلِيّ الصُّهْيُونِيّ.
وما زَالَتِ الجُمْهُورِيَّةُ اليَمَنِيَّةُ، ومِنْ عَاصِمَتِهَا صَنعَاءَ، تُنَاصِرُ، وتَدْعَمُ، وتُسَانِدُ المُقَاوَمَةَ الفِلَسطِينِيَّةَ البَطَلَةَ فِي قِطَاعِ غَزَّةَ، وَمُنْذُ أَنْ أَعلَنَ قَائِدُ الثّوْرَةِ الحَبِيبُ عبدُ الملك بنُ بَدْرِ الدِّينِ الحُوثِي، وَبِصَرْخَتِهِ المُدَوِّيَةِ بِالقَوْلِ لِلْفِلَسْطِينِيِّينَ: ” أَنْتُمْ لَسْتُمْ وَحْدَكُمْ، وسَنَكُونُ عَوْناً لَكُمْ، وسَنَداً فِي مُجَابَهَةِ كيَانِ العَدُوِّ الصُّهْيُونِيّ”.
وَمُنْذُ تِلْكَ الصَّرْخَةِ المُبَارَكَةِ، اليَمَنُ، وَجَيْشُهَا البَطَلُ، وَقِيَادَاتُهَا الحُرَّةُ تُقَدِّمُ أَعَزَّ مَا لَدَيْهَا مِنْ شُهَدَاءَ مُجَاهِدِينَ أَبْطَالٍ عَلَى مَذْبَحِ الحُرِّيَّةِ لِلأُمَّةِ، والعَرَبِ أَجمَعِينَ، ومن ضِمْنِ قَافِلَةِ الشُّهَدَاءِ الشَّهِيدُ المُجَاهِدُ أحمد غالب الرَّهَوِيّ اليَافِعِيّ – رَئِيسُ الوُزَرَاءِ فِي حُكُومَةِ التَّغْيِيرِ والبِنَاء، وَرِفَاقِهِ الوُزَرَاءِ، والمَسؤُولِينَ فِي الحُكُومَة.
هَؤُلَاءِ الشُّهَدَاءُ مِنَ القِيَادِيِّينَ، وَالمِئَاتِ مِنَ الشُّهَدَاءِ مِنَ المُجَاهِدِينَ الأَبْطَالِ اليَمَنِيِّينَ هُمْ مَشَاعِلُ النُّورِ نَحْوَ تَحْرِيرِ فِلَسْطِينَ مِنَ النَّهْرِ إِلَى البَحْرِ، وَشُهَدَاءُ فِي طَرِيقِ تَحْرِيرِ القُدْسِ الشَّرِيف.
مِثْلُ هَذِهِ المُنَاسَبَاتِ الوَطَنِيَّةِ، وَالقَوْمِيَّةِ العَظِيمَةِ تُذَكِّرُنَا بِقَوَافِلِ الشُّهَدَاءِ المُجَاهِدِينَ الأَحْرَار، وَتُذَكِّرُنَا بِوَاجِبَاتِنَا تُجَاهَهُمْ، وَأُسَرَهُمْ، وصُولاً إِلَى أَقَارِبِهِم، وَهَذَا وَاجِبٌ مُقَدَّسٌ مَفْرُوضٌ عَلَيْنَا نَحْنُ – فِي قِيَادَةِ الدَّوْلَةِ، وَالثَّوْرَةِ، والمُجْتَمَعِ، لِلِاهْتِمَامِ، والعِنَايَةِ بِهِمْ، والحِفَاظِ على تَأرِيخِهِم، وَتُرَاثِهِمْ.
وَبِهَذِهِ المُنَاسَبَاتِ الوَطَنِيَّةِ، والقَوْمِيَّةِ أَرْفَعُ أَصْدَقَ التَّحِيَّاتِ، وَالتَّهنئاتِ القَلبِيَّةِ بَأنْ تَحُلَّ الذِّكرَى القَادِمَةُ، وَاليَمَنُ العَظِيمُ فِي خَيْرٍ، وسَلَامٍ، ووِئَامٍ، وَأُخَصُّ بِالتَّحِيَّةِ، وَالتَّقْدِيرِ فَخَامَةَ الرَّئِيسِ مَهْدِي مُحَمَّد المشَّاط – رَئِيسِ المَجْلِسِ السِّيَاسِيّ الأَعلى، وَالشَّيْخَ الكَبِيرَ صَادِق بن أَمين أبو رأس – نَائِبِ رَئِيسِ المَجْلِسِ السِّيَاسِيّ الأَعلى – رَئِيسِ المُؤْتَمَرِ الشَّعْبِيّ العَامّ، وَالشَّيْخَ يَحْيَى عَلِي الرَّاعي – رَئِيسِ مَجْلِسِ النُّوَّابِ الشَّرْعِيّ المُنْتَخَبِ – نَائِبِ رَئِيسِ المُؤتَمَر الشَّعْبِي العَام، وَالأُسْتَاذَ غَازِي عَلِي أَحمد لَحول – الأَمِينِ العَامِّ لِلمُؤْتَمَرِ الشَّعْبِي العَام، وجَمِيعَ قِيَادَاتِ المُؤتمرِ الشَّعْبِي العَالِيَةِ، والمُتَوَسِّطَة، والقَوَاعِدِ المُؤتمريَّةِ المُنَاضِلَةِ المُقَاوِمَةِ، ومَزِيدٍ مِنَ الصِّحَّةِ، والأَمَانِ، وَالتَّوْفِيقِ، والنَّجَاحَات.
“وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيْمٌ”
أ. د / عبدُ العزيز صالح بن حبتُور
عُضْو المَجلِسِ السِّيَاسِيّ الأَعلى فِي الجُمْهُورِيَّةِ اليَمَنِيَّة / صنعاء _ عُضْو اللّجْنَةِ العَامَّةِ لِلمُؤتَمَرِ الشَّعْبِيِّ العَامّ
كُتِبَتِ المَقَالةُ يَومَ الثلاثاء، بتاريخ ٧ / أُكتُوبر / ٢٠٢٥م