أهمية التوثيق
بقلم الإعلامي / الفقيد/ عبدالله محمد علي العديني (أبو أيمن )
إنَّ نظرة تأمُل لجوهر ومضمون الأنشطة والفعاليات العلمية والسياسية والتنويرية في مجالات العلم والسياسة والثقافة التي يؤدي فيها الأستاذ الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور دوره في الحياة الإجتماعية والمهنية التي تحظى باهتمام بالغ بالتغطية الإعلامية من قبل وسائل الإعلام المختلفة اليمنية منها والعربية والأجنبية، كما حظيت من جانبه بمزيد من الإهتمام لتوثيقها وجمعها إدراكاً منه لما تكتسبه مسألة التوثيق من أهمية بالغة يتجلى تأثيرها الإيجابي على كافة المستويات والأنشطة لمنظومة العمل انطلاقاً من كونها المرآة العاكسة لتجليات حركة التطور التاريخي للحضارة الإنسانية وما تتركه من إرث ثقافي واقتصادي متنامي على مر السنين، حيث تقدم لنا خزائن المحفوظات (التوثيق) للباحثين، وكذا خطط وبرامج التنمية من مؤشرات ومعايير لمستويات عمليات النمو لمجمل الأنشطة، ولتقييم نتائج تطورها اللاحق هذا على الصعيد المؤسسي، أما على الصعيد الشخصي للأفراد والجماعات فالتوثيق هو الذاكرة الدائمة التي تخلد سيرتهم وأدوارهم في الحياة، وكذا ذكراهم بعد الممات فيتخذونه قدوة يقتدي بها فيما خلفوه من مآثر جليلة وإبداعيةتراكمية فريدة ببعدها الإنساني والأخلاقي.
ولكن على الرغم من إدراك الجميع لفوائد عملية التوثيق إلاَّ أنَّه ومع الأسف الشديد يوجد كثيراً من الناس من مختلف المستويات العلمية والوظيفية لا يلقون بالاً ولا اهتماماً لهذا العمل.
نقول ذلك كواقع ملموس عشناه بأنفسنا نظراً لما واجهتنا من مصاعب كثيرة بالغة عندما أردنا أن نُدوِن سير كفاح ونضال وذكريات خالدة لرجال صدقواولعبوا أدواراً وطنية عظيمة وقدموا خدمات جليلة لوطنهم وأمتهم .. حتى غيبهم الموت، فلم نجد لدى أبنائهم ولا أسرهم ما يعيننا على توثيق سير حياتهم سوى الذكريات التي كتبها عنهم بعض الأصدقاء والتي هي بطبيعة الحال لا تمثل شيئاً ولا بديلاً عن الوثائق ولا ترتقي إلى مستوى الوثيقة .. وهكذا غابوا عنا، وطوى النسيان ذكراهم .
وعلى النقيض من ذلك، فقد شكل لنا اهتمام الأستاذ الدكتور/ عبدالعزيز صالح بن حبتور بهذا الجانب، والإنفاق عليه بسخاء حافزاً قوياً للقيام بإعداد تصور لبرنامج عمل يغطي حركة نشاطه الأكاديمي والسياسي والاجتماعي، وتجميع وتصنيف ما تم الحصول عليه من الوثائق والأشرطة المسجلة والمصورة وألبومات الصور الفوتوغرافية وغيرها.
ثم عملنا على إفراغ محتويات تلك الأشرطة وطباعتها ومن ثم مراجعتها لُغوياً الأمر الذي مكننا من إعادة توظيبها وتصنيفها بصورة منهجية على أساس تخصصي وزمني لتهيئتها كمشاريع إصدارات كتب نوعية بأسلوبين مختلفين، على غير العادة التي اعتدناها في إصدارات سابقة لمؤلفات د. ابن حبتور حيث سيتم إصدارها تباعاً في مجلدات وذلك لتعميم الاستفادة منها والانتفاع بها، من أجل ترسيخ القناعة لدى الجميع بأهمية التوثيق .
وعليه فإننا بعون الله وتوفيقه نضع الآن بين أيديكم كتاب (المجلد الأول) الموسوم (بالمنظور في ثقافة ابن حبتور) الذي يشتمل على العديد من الموضوعات التي قدمها في إطار فعاليات علمية وسياسية وتنويرية شارك فيها في مناسبات مختلفة ومتعددة، بدور فاعل في افتتاحها وفي إدارتها واختتامها أو بتقديم أوراق علمية في ندوات علمية, أو حلقات نقاشية أو ورشات عمل, أو محاضرات ألقاها أمام الطلاب والطالبات أو الموظفين أو أمام أفراد وضباط من قيادات الأجهزة الأمنية أو القوات المسلحة أو كلمة قدم فيها كتاباً أو ألقى خطاباً في مناسبة وطنية أو قومية أو ألقى كلمة وفاء بحق راحلين غيبهم الموت, أو مقابلات إعلامية أجرتها معه وسائل الإعلام المختلفة أو مقالات كتبها وتصدرت صفحات الصحف ... الخ.
أما المجلدات الآتية فإنهاتحتوي على كل ما تم نشره من أخبار وتصريحات في الصحافة المقروءة اليمنية منها والعربية وكذا الأجنبية في مختلف المناسبات العلمية والوطنية والدينية التي أقيم فيها عدد من الفعاليات والأنشطة التي نظمت برعايته أو بمشاركته الفعلية فيها، ولسنا هنا بصدد استعراضها .
ومما لا شك فيـه أن هـذا النشــاط المتنوع كماً وكيفاً المتميز بمصداقية موضوعاته وأطروحاته العلمية والفكرية فضلاً عمَّا تتمتع به هذه الشخصية الوطنية من قبول للرأي والرأي الآخر ومن طاقة حيوية ناشطة لا يكاد يقتصر نشاطها وأداؤها المهني على مهام الوظيفة فحسب، بل إنه يتعدى ذلك إلى المشاركة الفاعلة في المنتديات الثقافية والأندية الاجتماعية وغيرها من منظمات المجتمع المدني،فضلاً عن كونه منفتح الفكر والثقافة، وإلى جانب كونه أباً وأستاذاً وباحثاً أكاديمياً له الكثير من الإصدارات العلمية المرجعية في الإدارة العامة وإدارة الأعمال والتربية فضلاً عن الأبحاث والدراسات الأخرى التي نشر بعضها ولم ينشر بعضها الآخر بعد.
إن هذا الكتاب يحمل في طياته خلاصةذاكرة للعديد من الدروس والعبر التي ينبغي الحرص في الاستفادة منها، وتكمن أهميتها فيما يلي:
- - ضرورة الاهتمام بالتوثيق الشخصي والمؤسسي.
- - الاهتمام بتنظيم نمط وأسلوب الحياة بهدف الاستفادة من حساب الوقت.
- - ترسيخ حب القراءة والكتابة، والبحث العلمي.
- - التنفيذ الخلاق والمبدع للمهام الوظيفية.
- - المسارعة إلى تقديم العون لمن يطلبه منك .
- - توسيع دائرة النشاط لتشمل الاهتمامات الأخرى .
- - النظر إلى الوظيفية والمسؤولية على أنها تكليف لا تشريف مهما كانت، وليس هذا فحسب، بل واحتسابها رسالة تاريخية تؤدي دورها في خدمة وتلبية الاحتياجات المُلحَّة للأمة.
ولهذا فإن هذه الأجزاء من المجلدات (العمل) قصة أخرى !!
تعود فكرة إصدار هذهالمجلدات إلى عام 1997م حين كان الأخ د. ابن حبتور يشغل منصب نائب رئيس جامعة عدن، ونظراً لحركة نشاطه الدؤوب على كافة المستويات العلمية والسياسية والاجتماعية على الصعيدين اليمني والعربي برزت الحاجة إلى جمع وتوثيق فعاليات هذه الأنشطة ونتائجها من وثائق وأشرطة وغيرها.
ولم أكن حينها أنا - [جامعالمجلدات] - على معرفة قوية بابن حبتور ولكنه حينها كان على صلة وثيقة بفقيدنا العزيز الصديق الراحل السفير/ عبدالوكيل بن إسماعيل بن محيي الدين السروري (أبو فادي) رحمه الله عليه وأسكنه فسيح جناته الذي كانت تربطني به علاقة خاصة جداً وكان هو الآخر مهتماً بالتوثيق .
وحرصاً منه على عدم ضياع جهد صديقه ابن حبتور اقترح عليه البدء بجمع وحفظ وتصنيف الوثائق المتصلة بهذه الأنشطة وإصدارها في كتاب، والذي أصبح الآن مجلدات، على أن تناط هذه المهمة بإحدى الشخصيات المتميزة وحينها وقع الاختيار على الزميل [وجدي الشينة] إلا أن الأخ المذكور اعتذر عن ذلك نظراً لظروفه الخاصة وعليه اقترح ترشيحي لهذه المهمة لدى العزيز الفقيد/ السروري الذي أبدى موافقته الأولية وحدد لي موعداًلمقابلته في مكتب د. ابن حبتور بجامعة عدن، وتمت المقابلة وأسنـدت لي هــذه المهمــة الصعبة والشاقة فكـان هذاالمجلد (الأول) هو ثمرة هذا الجهـد المثابر، الذي أتشرف بإهدائه للفقيد الغالي أبو فادي رحمة الله عليه.
والأمر في الأول والأخير بالنسبة لجوهر ومضمون محتويات الكتاب نتركه لكم قُراءنا الكِرام لإبداء رأيكم وملاحظاتكم فيه بشفافية بعيداً عن المواقف السياسية المسبقة تجاه الكاتب والمؤلف ابن حبتور، حفظكم الله.
والله من وراء القصد ،،،