كتب

“العقلانيّة العلميّة ” عند غاستون باشلار

برنشفيك وباشلار بين الفلسفة والعلم

العقلانيّة العلميّة عند غاستون باشلار
“يرفض باشلار النزعة العقلانيّة البحتة، القائلة بمبادئ أوليّة سابقة على التجربة، كما أنّه يرفض النزعة العلميّة البحتة التي تربط بين العلم والواقع، وتمتحن العلم على أساس التجربة. وبما أنّه يرفض كِلا النزعتين؛ فقد أتى ببديلٍ أطلق عليه “العقلانيّة التطبيقية” أو “العقلانيّة العلميّة”، مؤكِّداً أن فلسفته تقوم على الحوار بين العقل والتجربة، وفي الوقت نفسه ترفض الانطلاق من مبادئ أوليّة، كما ترفض ربط الفكر العلمي بمعطيات الحسّ والواقع وحدها.

رأى باشلار أنّ الموقف الفلسفي المُلائم للمرحلة الحالية من تطور العلوم الفيزيائية هو موقف “العقلانية التطبيقية”، التي ترى أن الموضوع العلمي الحقيقي هو الموضوع الذي يتم بناؤه، وليس الموضوع المُعطى. ففي الفيزياء المعاصرة، تبدو القطيعة الإبستمولوجية بين المعرفتين العلميّة والعامّة في موضوع المعرفة؛ فموضوع المعرفة العامّة هو الموضوع المُعطى، أمّا موضوع المعرفة العلميّة، فهو الموضوع الذي يتم بناؤه بفضل العمل العلمي العقلاني والتقني في آن واحد.

ولكن كيف يتم بناء الموضوع في الفيزياء المعاصِرة، وفقاً للعقلانيّة التطبيقية لدى باشلار؟
يؤكِّد باشلار أن بناء الموضوع يتم عن طريق تدخُّل كل التقنيّات التجريبية، كما يتم عن طريق تدخُّل النظريّة. والنظرية، كما هو معلوم، هي الإطار الذي يسمح بالتفكير في موضوع المعرفة من خلال نسق من المفاهيم العلمية التي تم تكوينها مسبقاً.

ويجب أن نفهم أن العقلانية العلمية عند باشلار ليست واحدة، بل متعدِّدة، وأن هناك عقلانيّة خاصّة بكل عالم.
يقول: “بما أننا نريد أن نميّز العقلانية من حيث قدرتها على الانطباق والامتداد، يصبح مما لا غنى عنه أن نمتحن الميادين الخاصة للتجربة العلمية، وأن نبحث في أي شروط تكتسب تلك الميادين – لا استقلالها فحسب – بل أيضاً قدرتها على أن تقيم جدلاً خاصاً بها، أي على أن تؤسِّس قيمة للنقد لمبادئها القديمة، وقيمة للهيمنة على التجارب الجديدة”.”

__________________

برنشفيك وباشلار بين الفلسفة والعلم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى