كتبمكتبة القلم

خلاصة كتاب : الوجود والعدم: مقال في الأنطولوجيا الظاهراتية

تاليف :جان بول سارتر

خلاصة كتاب : الوجود والعدم: مقال في الأنطولوجيا الظاهراتية
تاليف :جان بول سارتر
ترجمة؛ الدكتور عبدالرحمن بدوى
الطبعة الأولى؛ ١٩٦٦م
الناشر : منشورات دار الاداب – بيروت
الطبعة الأولى: بالفرنسية
📅 سنة النشر :نُشر أول مرة سنة 1943 خلال الاحتلال النازي لفرنسا

اسم الكتاب باللغة الاصلية الفرنسية
L’Être et le Néant : Essai d’ontologie phénoménologique

اسم الكتاب بالغة الانجليزية
Being and Nothingness – Jean-Paul Sartre

📘 تصنيف الكتاب :عمل فلسفي وجودي كلاسيكي، يُعدّ حجر الأساس لفلسفة سارتر الوجودية، ويجمع بين التحليل الظاهري والتأمل الوجودي في الحرية، الذات، والآخر

🌟 الفكرة الرئيسية

يحاول سارتر في هذا الكتاب فهم ما معنى أن تكون موجودًا.

يفرق بين الوجود في ذاته (être-en-soi)، والوجود لذاته (être-pour-soi)، ويرى أن الإنسان محكوم بالحرية الكاملة، لكنه يهرب منها عبر “سوء النية”.
الكتاب هو تأمل في الإنسان بوصفه كائنًا يصنع ذاته من خلال النفي (العدم)، وليس له جوهر ثابت يُملي عليه ما يجب أن يكون.

🧭 المحاور

🔹 1. الكينونة في ذاتها ضد الكينونة لذاتها

“الوجود في ذاته” (مثل الطاولة، الشجرة، الحجر) هو وجود مكتفٍ بذاته، لا وعي له، ثابت.

“الوجود لذاته” هو وعي الإنسان، كائن يعرف أنه موجود ويستطيع أن يقول “لا” للأشياء.

الإنسان لا يملك جوهرًا محددًا سلفًا، بل يصنع معناه من خلال فعله.

🔹 2. العدم والحرية

العدم هو ما يميز الإنسان: نحن نُعرّف أنفسنا ليس فقط بما نحن عليه، بل بما لسنا عليه.

الحرية ليست اختيارًا من بين بدائل، بل هي بُنية وجودية في صلب كينونتنا.

لكن هذه الحرية مرعبة لأنها تعني غياب أي مبرر خارجي: لا إله، لا طبيعة بشرية ثابتة، لا أخلاق مفروضة.

الإنسان محكوم بأن يكون حُرًا حتى إن أراد العكس.

🔹 3. سوء النية (mauvaise foi)

هو ما يسميه سارتر “العيش في الكذب مع الذات”، أي الهروب من المسؤولية عن حريتنا.

مثل النادل الذي يتصرف كما لو أن “دوره” هو كل ما هو عليه، متجاهلًا حريته.

أو الإنسان الذي يقول: “أنا فقط أتبع الأوامر” أو “طبيعتي هكذا”.

سوء النية هو نوع من خداع الذات، هو كذب نعرف أنه كذب لكننا نقبله لتجنّب القلق.

🔹 4. الآخر والنظرة

العلاقة مع الآخر هي من أعقد عناصر الوجود:

حين يراني الآخر، أشعر أنني تحوّلت إلى “شيء مرئي”.

مثال “الخجل”: لحظة أشعر فيها بوجودي كموضوع أمام عين الآخر.

من هنا تنشأ علاقات القوة والاغتراب: نحن نحاول تملّك الآخر أو الهروب من نظرته.

“الجحيم هو الآخرون” كما قال سارتر في مسرحيته “لا مخرج”، لأن نظرة الآخر تحدّ حريتنا.

🔹 5. الجسد والزمان

الجسد هو نقطة التقاء الذات بالعالم والآخر، ليس مجرد مادة ولا كائن مستقل.

في تجربة الجسد نعيش المفارقة بين الداخل والخارج.

الزمن ليس مجرد خط كرونولوجي، بل تجربة وجودية:

الماضي هو ما لم يعد بإمكاننا تغييره

المستقبل هو ما لم يتحقق

الحاضر دائم الانزلاق

من هنا تنشأ القلق: الإنسان يعي انفتاح مستقبله وعبء قراراته

🔹 6. رفض الحتمية والجوهر الإنساني الثابت

يرفض سارتر فكرة أن الإنسان يملك “طبيعة” أو “ماهية” قبل أن يوجد.

خلافًا للأفكار الدينية أو الماركسية أو العلمية التي ترى الإنسان مشروطًا ببنى خارجية (إله، طبقة، بيولوجيا)، يرى سارتر أن الوجود يسبق الماهية.

الإنسان يختار نفسه لحظة بلحظة، ولا مفر له من المسؤولية.

💬 الاستقبال النقدي الإيجابي والسلبي

✅ الإشادات

اعتُبر الكتاب أهم عمل فلسفي فرنسي في القرن العشرين.

أثّر على الفلسفة، الأدب، علم النفس، واللاهوت.

امتدحه المثقفون الوجوديون والحداثيون لجرأته الفلسفية وعمقه في تحليل الذات الإنسانية.

❌ الانتقادات

تعرّض للانتقاد من فلاسفة التحليل المنطقي (مثل راسل) لعدم وضوحه المنهجي.

الماركسيون انتقدوا طابعه الفردي ورفضه للتاريخية المادية.

بعض اللاهوتيين رأوه دعوة للإلحاد والتشكيك الأخلاقي( تفصيل في الهامش ) .

حتى فوكو ودولوز لاحقًا رأوا أن “الذات الحرة” التي يتحدث عنها سارتر، متوهَّمة ثقافيًا.

🎯 المغزى من الكتاب

فكرته المحورية عن الحرية الفردية والمسؤولية تمثّل نواة مشروع سارتر السياسي لاحقًا.

رؤيته للحرية كموقف راديكالي أثّرت على نقده للاستعمار، ودعمه لحركات التحرّر، وتبنيه لاحقًا للماركسية الوجودية.

🖋 نبذة عن المؤلف
جان بول سارتر (Jean-Paul Sartre)

فيلسوف، روائي، كاتب مسرحي، وناشط سياسي فرنسي (1905–1980)

رائد الفلسفة الوجودية، وصاحب مفاهيم كـ “الحرية”، “سوء النية”، و”الالتزام”.

رفض جائزة نوبل للآداب عام 1964 لأنها “تسلب حرية الكاتب”.

ارتبط فكريًا وعاطفيًا بسيمون دي بوفوار.

🔍 خلاصة نهائية

الوجود والعدم كتاب فلسفي معقّد ومؤسِّس، يقدّم رؤية ثورية للإنسان ككائن لا يملك ماهية ثابتة، بل يصنع ذاته في كل لحظة عبر حريته الراديكالية.
إنه نص يخاطب القلق، والاختيار، والمواجهة مع الآخر، ويظل حيًّا في زمن الفردانية والتساؤل الأخلاقي.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
هامش

كان هناك انتقادات واضحة من الكنيسة الكاثوليكية والدوائر الدينية عمومًا ضد الوجود والعدم وأفكار سارتر عمومًا، وسنوضح لكم السبب والخلفيات:

🌿 لماذا هاجمته الكنيسة؟
كتاب الوجود والعدم نفسه لم يكن هدفًا لحملة كنسية رسمية ضخمة بالاسم (لأنه كتاب فلسفي صعب التناول جماهيريًا)، لكن:
✅ الكنيسة هاجمت الفلسفة الوجودية كتيار، وكان سارتر رمزها الأكبر.
✅ كثير من المعلقين الكاثوليك في فرنسا وإيطاليا اعتبروا الكتاب نموذجًا “للإلحاد المنهجي”.

✦ النقاط الأساسية في انتقاد الكنيسة وفلاسفة اللاهوت:

🔹 1) إنكار وجود الله كأساس للمعنى:
سارتر يرفض أي مرجعية عليا للوجود أو الأخلاق ويعتبر الإنسان هو من يمنح المعنى للعالم.
في نظر الكنيسة:
👉 هذا يؤدي إلى “فراغ روحي”.
👉 يعارض العقيدة القائلة بأن الله هو مصدر الوجود والقيمة الأخلاقية.

🔹 2) الحرية المطلقة والمسؤولية الفردية المنفلتة:
سارتر يرى أن الإنسان حر تمامًا ولا يمكنه التذرع بأي عذر خارج عنه.
اللاهوتيون رأوا في ذلك:
👉 إنكارًا لفكرة النعمة الإلهية.
👉 استخفافًا بالإرادة الإلهية والتوجيه الإلهي للأخلاق.

🔹 3) العدمية الأخلاقية والقلق:
فكرة أن الحياة بلا غاية إلا ما يضعه الفرد، انتُقدت بأنها تقود للعدمية والتشاؤم.
الباباوات وبعض الأساقفة رأوا فيها خطرًا على الشباب والمجتمع المسيحي.

🔹 4) تأثيره الثقافي:
في فترة ما بعد الحرب، انتشر الوجوديون بين المثقفين والفنانين، واعتُبر ذلك تهديدًا للقيم الدينية التقليدية.

✦ أمثلة على المواقف الكنسية:

المجلات الكاثوليكية مثل Études وLa Croix نشرت مقالات نقدية تصف فلسفة سارتر بأنها “إنجيل الإلحاد الحديث”.

الفيلسوف الكاثوليكي غابرييل مارسيل كتب ردودًا مطولة على أطروحاته، داعيًا إلى “وجودية مسيحية” بديلة.

بعض الجامعات الدينية حذرت من تدريس الكتاب أو اعتمدته كنص يجب تفنيده.

🎯 خلاصة:
صحيح أنه لم يكن هناك بيان بابوي رسمي خاص بـ الوجود والعدم وحده، لكنه جُمع ضمن “الوجودية الملحدة” التي رفضتها الكنيسة الكاثوليكية وهاجمها لاهوتيو القرن العشرين باعتبارها تقوض فكرة الإيمان والهدف الإلهي للحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى