
عدن … وحدوث جريمة مركّبة بالتجنيد للشباب للدفاع عن نجران و بالتفجير الإرهابي
بقلم دولة البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور
عدن … وحدوث جريمة مركّبة بالتجنيد للشباب
للدفاع عن نجران و بالتفجير الإرهابي
جريمة جديدة تهوي كالصاعقة على رؤوس أهلنا في عدن والمناطق المجأورة لها ، جريمة بشعة ذهب ضحيتها قرابة 171 شاب بين قتيلٍ وجريح في يوم إثنين أسود بتاريخ 2016/8/29م ، كما تناقلتها كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وانتشرت في كل شبكات التواصل الاجتماعي ، هذه الجريمة كاملة الأركان أعلن عن مسؤوليتها تنظيم ما يُسمى بالدولة الاسلامية (داعش) وأُعلن عن أسم الانتحاري ويُدعى أحمد سيف والمكنى بأبو سفيان العدني من أبناء مدينة عدن حي بلوك 12 بضاحية المنصورة ، إلى لحظة كتابة هذه الأسطر مازلنا في حالة ذهول وصدمة مرعبة في استيعاب وفهم مغزى هذا الخبر الفاجع الذي ابكى عدن كلها تقريباً ، بكى مواطني عدن تضامناً مع أمهات وآباء وأقارب وأصدقاء الأسر العدنية والأبينية و اللحجية الذين فقدوا فلذات أكبادهم وهم في ربيع العمر ، تخيلوا هذا العدد الكبير من الشباب يضيعون فجأة من بين أُسرهم ، يخسرونهم للأبد ، لا أستطيع شخصياً تصور هذه الصدمة القاتلة ، وهذه الحادثة ليست هي الجريمة الأولى التي تقع وتحدث لهؤلاء الشباب الأبرياء ، فقبلها شاهدنا التفجير الانتحاري في معسكر رأس عباس بضاحية عدن الصُغرى ، وفي تجمع طالبي التجنيد في معسكر الشهيد / بدر و أمام منزل القائد الصبيحي بضاحية خور مكسر ٠
من هو المسؤول عن تكرار حدوث هذه الجرائم ؟
ومن يتقاعس في أداء مهمته الإدارية والأمنية لحماية هؤلاء الشباب اليافعين الذاهبين للتجنيد ؟
وبغض النظر عن صحة وصوابية ما سعى إليه الشباب المغرر بهم للبحث عن ( فرصة عمل ) وتكاد تكون الوحيدة لجلب الرزق من أي مصدرٍ كان ليواجهوا بها متطلبات حياة أُسرهم الفقيرة والمعدمة ، لكننا حتماً سنختلف مع العديد من السماسرة مسؤولي ( الحكومة الشرعية ) بالرياض أو أبوظبي أو في عدن ، الذين لا هم لهم سوى ترتيب أوضاعهم الشخصية والأسرية والمادية الجشعة ، والانتفاع المالي الرخيص ، من خلال السمسرة في تجنيد الشباب الفقراء وتقديمهم قرابين وأُضحية على مذبح الوطن ، وبإرسالهم إلى جبهات القتال في داخل اليمن وحتى للدفاع عن مدن سعودية كنجران وجيزان والربوعه ، أي انهم يحولون شبابنا في عدن إلى مُرتزقة مأجورين مقابل ان يستلم الواحد منهم 1500 ريال سعودي فحسب ، أما السماسرة فتظهر الأرقام التي ترد بين الحين والآخر مئات الملايين من الدولارات والريالات العربية المسمومة ، ولماذا لا يقدم هؤلاء السماسرة أبناءهم للتجنيد اذا كان من أجل الوطن ؟٠
والغريب انه حينما يتساءل المواطن العدني المُفجوع بصدمة هذه التفجيرات الإرهابية التي تحدث هنا وهناك ، يقولون له بسذاجة مُقرفة ان هذه من فعل خلايا نائمة ( حوثية وعفاشية ) ، ويرد مسؤول أمني ( كبير ) آخر ، والله ما لنا علم لا بالتجنيد ولا بتجمع الشباب من أساسه ، ويقول لك مسؤول ثالث ان المشير / علي محسن الاحمر هو من أعطى الإيعاز بالتجنيد و ان المنفذين ماهم سوى دُمى تحركها المصالح المادية الرخيصة المقدمة من ممثلي مشيخة الإمارات والسعودية ، وهكذا تتوإلى التفسيرات التافهة للإجابة على حدوث الجريمة التي أدمت قلوب وعقول ونفسيات المواطنين جميعاً دماً وحسرةً وكمداً على الضحايا ، إذاً حدوث هذه الجريمة كان بسبب الإيعاز بالتجنيد ، والتجمع في مدرسة بارباع الإبتدائية بحي السنافر التي يتمركز فيها فصيل مسلح يسمي نفسه كتائب المحضار ، ويعلم بذلك كل ( سماسرة الشرعية ) المتاجرة بأبناء عدن وهم المعينون ( من ما يُسمى بالرئيس الشرعي لليمن ) كوزير الداخلية ونائبه ، قائد المنطقة العسكرية الرابعه ، محافظ عدن ،مدير أمن عدن ، وغيرهم من المتواطئين في حشر الشباب بهذا الموقع للتضحية بهم ٠
كيف تتحمل ضمائر هؤلاء ( المسؤولين المتواطئين ) وهم يسوقون شبابنا إلى التهلكة مرتين ؟؟؟
الحالة الأولى :
حينما يتم تحشيدهم وحشرهم في أمكنة غير آمنة بهدف القيد والتسجيل وتركهم دون أية إحترازات أمنية كافية ليكونوا فريسة سهلة لتفجيرات الإرهابيين ، كما حدث في معسكر التجنيد برأس عباس بالبريقاء ، ومن أمام منزل القائد الصبيحي بخور مكسر ومدرسة بارباع بحي السنافر بالمنصورة ، وقبلهما التفجيرين الإرهابيين الرهيبين في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت٠
الحالة الثانية :
تخيلوا إلى أي مستوى هابط ومتدنِ في السلوك والأخلاق يحمله هؤلاء ( المسؤولين ) ، الذين يستغلون حاجة وفاقة شباب عدن ليقذفوا بهم إلى الجحيم والموت المحقق ، ان مجرد مشاهدة صورة السفن الراسية في ميناء عدن وهي تتأهب لنقل أبناءنا من شباب عدن إلى ميناء عَصّب في الجانب الارتيري في مشهد نقلهم بالآلاف في سفن وهي بالأصل مخصّصة لنقل المواشي ( أبقار وأغنام وجواميس ) بين اليمن والقرن الأفريقي ، هذا مشهد مُرعب وللتاريخ نسجل بانها جريمة انسانية تُرتكب بحق أبناء عدن والمدن المجأورة لها ، الذين يساقون إلى معسكرات عسكرية وأمنية تدريبية ،وينقلوا بعدها إلى جبهات القتال في نجران ، الربوعه ، عسير وغيرها في محارق المعارك بين اليمن والسعودية ، ولن تستقيم الأمور مطلقاً بشكلها القانوني الانساني الاّ بفتح ملف تحقيق وطني و دولي لنبش كل الخفايا التي تقف خلف كل الكوارث التي حاقت بالوطن ، وقضية التجنيد والترحيل للشباب اليمنيين إلى ميناء عَصّب ومن ثم نقلهم إلى محرقة القتال للدفاع عن الحدود الجنوبية للمملكة السعودية ، ينقلونهم إلى هناك للقتال بالايجار ، اليست هذه وصمة عار ستُطبع في تاريخ وجبين كل من قرر ونفذ هذه المهمة الخسيسة وغير الأخلاقية ، وسيحاكم كل هؤلاء غداً أو بعد غد ٠
ماهي الرسائل المراد إيصالها من هذه العملية الانتحارية الإرهابية؟:
أولاً : تأكيد الحضور اللافت للتنظيمات الإرهابية في عدن ، وانها قد وجدت إحتضان شعبي من قبل الأهالي إما بسبب الإغراء المالي أو الترهيب أو التدليس بانهم يقأومون الاحتلال الأمريكي ٠
ثانياً :عدن مدينة أستباحها وأستوطن بها الغوغاء و البلاطجه والمجموعات المسلحة من سلفيين معتدلين ، وسلفيين جهاديين ، وتنظيمات ارهابية من مشارب متعددة ٠
ثالثاً : لا يوجد حي واحد ولا ضاحية في عدن تعد منطقة آمنة ، والدليل كل هذه التفجيرات والاغتيالات والاختطافات ، وهذه مسألة مُحيّرة للبعض من المتابعين وخاصة حينما يسمعوا بوسائل الاعلام بان ( السلطات الامنية ) بعدن تُعلن باستمرار إلقاءها القبض على الجماعات الإرهابية ، ويقدمون الدعوة العلنية عبر وسائل الاعلام لكل المسؤولين المهاجرين القاطنين بفنادق الرياض وأبوظبي للعودة إلى عدن لمباشرة مهامهم اليومية لان عدن أصبحت مدينة للسلام والأمان وان الخدمات بها على خير ما يرام !!!٠
رابعاً : ظهرت وتظهر بين الحين والآخر تباينات متعددةٍ في مواقف ومصالح دول حلف العدوان على اليمن وحلفائهم في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة ، ويتم التعبير عنها بتلك الأساليب العنيفة كرسائل توجه لبعضهم البعض ، وكل هذه التباينات تنعكس سلباً على المواطنين الأبرياء في شكل دورات الدم المُرعبة التي شاهدناها مؤخراً ، لكن فهم هذه الحوادث ينطلق من فهمنا لدوافع الإحتلال وخططه التكتيكية والإستراتيجية التي تظهر لنا في صورة المشهد الكلي للوقائع ٠
الخلاصة :
ان الواقع المعاش لمدينة عدن وضواحيها اليوم في الجوانب الأمنية والخدمية والمعيشية ، أي في زمن الإحتلال كان و مازال مُراً وعلقماً لم تشهدها عدن من قبل ، لا بزمن الإحتلال البريطاني ( البغيض ) ، ولا بزمن الحكم الشمولي العنيف للجبة القومية والإشتراكي لاحقاً ، ولا بزمن الوحدة اليمنية المباركة ولا حتى مع بدايات زمن العدوان في نهاية مارس 2015م وحتى يوليو من ذات العام ٠
انها مصيبة كُبرى حلت على أهل عدن ، نسأل الله تعإلى ان يخلصهم منها في القريب العاجل بإذنه ، والله أعلم منا جميعاً.
﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾