
التفاهة وفوضى المفاهيم الدالة على عمق الأزمة الأخلاقية لدولتيّ العدوان السعودي و الإماراتي
بقلم دولة البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور
التفاهة وفوضى المفاهيم الدالة على عمق الأزمة الأخلاقية لدولتيّ العدوان السعودي و الإماراتي
فمصطلح الفوضى الخلاقة أو الفوضى العابثة ، الفوضى العشوائية أصبحت مفردة تدل على أن بعض السياسيين أو السياسيات وصفوا الإصطلاح لتسويق فكرتهم أو مخططهم ، كالسياسية الأمريكية كوندليزا رايس وزيرة خارجية أميركا يصادف القارئ الحبيب والمستمع الحصيف لمفردات وكلمات ومفاهيم أصبحت شائعة ومتداولة وهي بطبيعة الحال لا تستحق كل ذلك التداول في سياق حواراتنا ونقاشاتنا وخطاباتنا وأحاديثنا الرسمية والعابره ، لكنها وبحكم سيطرة وسائل الإعلام المقرؤءة والمسموعة والمشاهدة وإنتشار شبكات التواصل الإجتماعي ، أصبحت كل تلك المفردات وكان ترديدها من بديهيات وعناصر الحوارات .
USA حينما أرادت أن تبعثر عالمنا العربي والإسلامي بسياساتهم الجهنمية ، ونتج عنها ما سمّي ( بالربيع العربي ) الذي خدم السياسة الأوربية الغربية والأطلسية والأمريكية وربيبتهم كيان العدو الصهيوني اليهودي.
ونتج عن ربيعهم المشؤوم تدمير عدد من الدول العربية المصطفة في محور المقاومة ضد المشروع الصهيوني الأمريكي / الأوروبي / اليهودي ، وقتل وتشريد الملايين من شعوبنا العربية في كل من سوريا والعراق ومصر وليبيا واليمن ، وهكذا تم توظيف الإصطلاح ( الفوضي ) في تدمير عالمنا العربي.
لقد تردد كثيراً مصطلح ( الإرهاب ) في القاموس الغربي الأوروبي الأمريكي ، وتم إضافته وربطه بالتطرف الإسلامي ، وعملت جميع مخابرات الدول الأوربية الغربية وأجهزتها ومراكزها الإعلامية على تحشيد الرأي العام العالمي لتوظيف المصطلح لخدمة الدول الغربية التي تسمي ذاتها ( بالعالم الحر ) أو الليبرالي ، وتتهم الإسلام والمسلمين وتلصق بهم تهمة الإرهاب ، مع أننا نتذكر في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر حينما تم توظيف أحزاب الإخوان المسلمين وبدعم مالي سخي باذخ من المملكة العربية السعودية وعدد من المشيخات الخليجية لدعم شباب الإخوان المسلمين لشحنهم من جميع الأقطار العربية والإسلامية بما فيهم الشباب من شطري الوطن اليمني يوم ذآك ، لتوجيههم إلى جمهورية أفغانستان لمحاربة الجيش الروسي ، الإتحاد السوفيتي السابق الداعم للسلطة اليسارية في جمهورية أفغانستان الديمقراطية بقيادة الرئيس / بابراك كارمال رئيس الجمهورية ، وزميله الرئيس / محمد نجيب الله الذي أعدمته حركة طالبان في إحدى ساحات العاصمة الأفغانية كابول حينما انتصرت .
والمصطلح ( الإرهاب ) تم توظيفه لعشرات السنين ليتحول إلى شمّاعة ضد الإسلام والمسلمين ، وتم تطوير الفكرة لتتحول إلى مصطلح ( داعش ) وهي التعبير عن مسمى الدولة الإسلامية في العراق وسوريا وبقية العالم الإسلامي ، وإن أخذت لها مسمّيات خاصة بكل بلد على حده ، بهدف ضرب الروابط الأخوية بين المسلمين من طائفتي السنّة والشيعة الكريمتين ، وقد نجحت المخابرات الغربية الأمريكية في تجييش الشباب المسلم لتدمير عدد من البلدان العربية ومنها العراق ، سوريا ، لبنان ، ومصر ، وليبيا واليمن والصومال وقبلها الجزائر ، وللأسف كان بتمويل مالي سخي من المملكة العربية السعودية وإمارة قطر وعدد من دول الخليج العربي .
الغريب في الأمر بأن الأنشطة الإرهابية لتنظيمات القاعدة وداعش وجبهة النصرة وبوكو حرام ، والسياف وغيرها من التنظيمات المسلحة الإرهابية لم تصل طلائعها الجهادية القتالية إلى أرض فلسطين المحتلة ، وكان إحتلال إسرائيل الصهيونية اليهودية لأرض فلسطين هو حلال زلال ومسموح به ولايجوز الجهاد ضد الصهاينة في أرض المقدس الشريف ، عجباً لسلوكهم الشاذ وارتباطهم بمخابرات SIA الأمريكية ، وبمخابرات بريطانيا العجوز M16 ، وغيرها من المخابرات الغربية الإستعمارية.
اتحفنا الدكتور / آلان دونو عالم الإجتماع الكندي في كتابه المعنون ( التفاهة ) وهو يسرد بشكل نقدي حاد النظام السياسي الرأسمالي الإحتكاري المسيطر على غرب أوروبا والأمريكيتين ، ويصفه بنظام التفاهة وإحتقار شديد ، لكني لا أود الخوض في معترك محتواه مع اتفاقي أو إختلافي مع بعض ما جاء به السيد/ آلان دونو من افكار وآراء وازنة محترمه تجاه البحث الذي انجزه تحت هذا العنوان .
لكني أود أن أمآثل كمقارنة موضوعية بين نظام التفاهة كنظام سياسي وأخلاقي وسلوكي لبعض النظم الخليجية العربية ٠ الإسلامية ) ومقارنتها في معايير أخلاقية وإنسانية يستطيع أي قارئ عابر أن يستوعبها وينتقدها لأنها أمثلة غير أخلاقية ولا إنسانية وتتميز بأنها صارخه مزعجه للإنسان السوي.
لنأخذ أمثلة حيّه من فكرة نظام التفاهة أو لنقل قرارات تافهة تم اتخذها من قبل ملوك وأمراء وشيوخ في بعض دول الخليج ( العربي ) ضد أمتهم العربية والإسلامية ، وتتباهى وسائل إعلامها علناً بأنها أتخذت تلك المواقف بقناعة أنظمتها وحكامها وملوكها ، وتعتبر تلك الإجرآءت تافهة حقيره في نظر الأمة العربية والإسلامية من جاكرتا شرقاً وحتى آخر مسلم يعيش على ضفاف المحيط الهادي في غرب الأمريكيتين :
أولا ً : اقدمت المملكة السعودية على تشكيل حلف عسكري معادي لليمن وعاصمتها صنعاء من 17 دولة عربية وإسلامية ، ودكّت العاصمة صنعاء والمدن اليمنية الأخرى بعشرات الأطنان من القنابل والصواريخ والقنابل المحرّمة دولياً طيلة تسع سنوات ، وشكلت عليها طوق بحصار بحري وجوي وبري ، وذهب ضحية هذا العدوان آلاف من الشباب والأطفال والنساء والشيوخ ، ودكت البنية التحتية لليمن وغيرها من الأعمال الإجرامية ضد شعبنا اليمني.
نحن اليوم نكتب مقالنا في أول يوم من العام الجديد ، أي في 1يناير 2024م ، وشاهد العالم العربي والمسلم بأن القنوات التلفزيونية السعودية تنقل حفل فني صاخب جمعت فيه مجموعة من الفنانات المغنيات العربيات السافرات شبه العاريات يتراقصن ويعرضن في مزاد علني على الهواء نوع وكمية اللحم الأبيض لتلك المجموعة من المغنيات من على خشبة المسرح بأحد المسارح بالسعودية ، وفي تلك اللحظات الصعبة يرتقي في قطاع غزة أرواح الشهداء والشهيدات ليصل عدد الشهداء من جراء قصف العدو الصهيوني إلى 65 شهيدة وشهيد غزيين جلها من الأطفال والنساء ، والبعض لا زالوا يأنّون تحت ركام المباني المهدمة جرآء قصف صواريخ وطائرات بني صهيون اليهودي.
أليس هذا الموقف يعبّر عن قمة التفاهة والإنحطاط الأخلاقي والقيمي والإنساني والديني لحكام آل سعود تجاه أهلنا في فلسطين الحرة وتحديداً في قطاع غزة ، وكأنهم فرحين يرقصون ويغنون في حفل مخزٍ لمجموعة من المغنيات السطحيات العربيات ، وأرواح الشهداء في فلسطين تُزهق ليل نهار.
ثانياً : في مشيخة الإمارات العربية المتحدة يتسابق الشيوخ لجعل رأس السنة الميلادية للعام الجديد 2024م عاما مميزاً و أحرقوا مفرقعات نارية تعادل مليار دولار !!! ، وأهلنا في غزة احتفلوا تحت الركام وفي العراء وتحت خيام ممزقة بلا أدنى حماية من البرد القارس لشتاء غزة المميت وبدون ماء ولا كهرباء ولا غذاء !!!. وهناك خبرية تقول أن التاجر الإماراتي / محمد العبار يتبرع بمبلغ 170 مليون دولار للفقراء الصهاينة في فلسطين المحتلة ، تخيلوا ذلك المبلغ الفاحش يتم التبرع به للمحتلين الصهاينة اليهود ، وأهلنا في فلسطين المحتلة وتحديداً في قطاع غزة يتضورون جوعاً ولا يجدوا ما يسد رمقهم ، ماذا عسانا أن نقول لهؤلاء التافهين من حكام الإمارات ورجال المال والأعمال فيها ، أليست هذه التصرفات الرعناء هي قمة التفاهة والإنحطاط الأخلاقي والديني .
ثالثاً : مملكة البحرين الخليجية ( العربية ) دخلت في حلف بحري عدواني في البحر الاحمر تقوده حكومة أمريكا USA ، ذلك الحلف موجّه ضد الجمهورية اليمنية / صنعاء وبهدف حماية الكيان الصهيوني اليهودي ، كيف يمكن أن نقيم ذلك الموقف ؟ أليس قرار ملكهم وحكومته بالمشاركة في ذلك الحلف البحري العدواني من أجل حماية عدو الله وهو كيان إسرائيل الصهيونية اليهودية ، يعد فجور وكفر وإنحطاط سياسي ، وأن قرارهم المنحط يقع في خانة التفاهة والإنحطاط الأخلاقي والديني والإنساني .
وإن بقاء علم الكيان الصهيوني يرفرف في سماء [المنامة] وغيرها من العواصم العربية هو قمة التفاهة والسقوط الأخلاقي والديني والإنساني.
رابعاً : تحاول المملكة السعودية ومشيخة الإمارات أن تمد جسر صحراوي بين ميناء جبل علي في الإمارات العربية المتحدة مروراً بالآراضي السعودية والأردنية وصولاً إلى الآراضي الفلسطينية المحتلة ، ذلك الجسر الأرضي يوفر لسلطات الكيان الصهيوني إحتياجاتها من الطاقة والتجهيزات التي لم يعد بمقدور مينا أم الرشراش ( ميناء إيلات ) الصهيوني أن تلبي احتياجات العدو الصهيوني .
وفي ذات الوقت واللحظة تم إغلاق بوابة رفح ومنع دخول الأغذية والتجهيزات والأدوات الطبية والأدوية والمياة الصالحة للشرب ، تم منعها عن أهلنا في غزة ، ماذا ستخبرنا ضمائرهم عن ذلك السخاء المفرط في التعاون للصهيوني اليهودي ومنع أبسط مقومات الحياة عن أهلنا في قطاع غزة .
ماذا عسانا أن نكتب أو نقراء أو نحلل عن هذا السلوك الشاذ التافه للقادة الخليجيين ، وهل سمعتم ذات يوم عن سلوك القادة المنحرف التافه في أزمنة التاريخ الإنساني كله كهكذا تصرف.
خامساً : التقت سياسة حكومة المملكة السعودية وسياسة حكومة دولة قطر من أجل إسقاط النظام الوطني السوري العروبي في سوريا ودفعوا مليارات الدولارات لتدمير الدولة السورية وإسقاط رئيسها / بشار الأسد وقيادة حزب البعث الإشتراكي العربي.
يقول الشيخ / حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء ووزير خارجية قطر الأسبق في حوار تلفزيوني قبل عدد من السنوات ، بأن قطر أستلمت ملف إسقاط النظام الوطني في الجمهورية العربية السورية ودفعنا أي الحكومة القطرية قد دفعت مبلغ تجاوز 136مليار دولار من أجل مشروع إسقاط سوريا ، لكن وبشكل فجائي تدخلت المملكة السعودية من خلال الأمير / بندر بن سلطان بن عبدالعزيز مدير عام الإستخبارات في المملكة يوم ذآك ، وطلب إستلام الملف لكن طلب لقاء ذلك العمل 2 ترليون دولار وهو سيعمل على إسقاط النظام السوري.
هل عاش العالم كله ليشاهد عمل سياسي إستخباري تافه وحقير كهذا موجه ضد دولة وشعب عربي مسلم محترم لديه نظام وطني عروبي مقاوم ضد المشروع الصهيوني ، مثل هكذا تفاهة وإنحطاط وسقوط أخلاقي لم نشاهد ولم يشاهد العالم مثل هكذا تجربة منحطه تافهة.
سادساً : يتذكر الرأي العام العربي والإسلامي بأن وزير الإعلام اللبناني / جورج قرداحي قد أدلى بتصريح تضامني مع الشعب اليمني ، وقال بأن الحرب على اليمن هي حرب عبثيه ، وبمجرد أنه قال ذلك التصريح الصحفي الإعلامي شنّت عليه أبواق الخزي والعار لمعظم الدول الخليجية وتحديداً أبواق إعلام السعودية والإمارات ومملكة البحرين ، شنّوا على الإعلامي جورج قرداحي هجوم إعلامي بأقذر الجمل والعبارات والموضوعات ، واجبروه على الإستقالة من موقعه حتى قبل أن يتسلمه.
السؤال العريض هنا هل أن كلمة حرب عبثية استطاعت أن تضيع عقل وبصيرة ودهاء متخذ القرار السياسي في دول مجلس التعاون العربي الخلايجي ( الخليجي ) ، أم أن ذلك التصرف الأرعن هي التفاهة بذاتها ؟.
سابعا: منذ أن قامت طلائع المقاومة الفلسطينية من مجاهدي حماس والجهاد والشعبية وبقية الفصائل في 7 أكتوبر 2023 م بغزوة طوفآن الأقصى المبارك ، وبعدها دفع الشعب الفلسطيني مايزيد عن 23 الف شهيدة وشهيد يشكل الأطفال والنساء 70% منهم ، وأزيد من 58 ألف جريحة وجريح ، وأزيد من عشرة آلاف مفقود أي أنهم شهداء تحت أنقاض المباني والأبنية الخرسانية ، وهذا بفعل العدوان الصهيوني اليهودي ، والصهيوني الأمريكي ، والصهيوني الأوروبي.
كل ما حدث وما جرى لم يحرك الحكام العرب والمسلمين سوى إلى رفع بيان باهت صدر من مؤتمر عقد بالرياض ، ذلك البيان كان ممكن أن يصدر من جمعية خيرية تعاونية تهتم بحماية الأشجار النادرة ، الحيوانات أو الطيور المشارفة على الإنقراض ، أو بحماية نوع من التوابل والكحول التي شارفت على الإنتهاء ، أو أو أو .
أما أن يصدر بيان هزيل بعد كل جرايم العدو الصهيوني اليهودي الوحشية على أهلنا في غزة فذلك يعدّ أحد أشكال الضحك على الذقون ، وتعد ممارسة علنية لسياسة التفاهة.
الخلاصة :
لم تتحرر الشعوب المقهورة في العالم أجمع ، والواقعة تحت نيّر الإحتلال الإستعماري الأوروبي الأجنبي البغيض سوى بوسيلة المقاومة المشروعة وباستخدامها لجميع أدوات المقاومة من فكر وثقافه وتربية وأخلاق وبندقية كلاشنكوف ، مستخدمة كل أشكال أسلحة المقاومة في ذلك الصراع مع العدو المحتل ، وستظل فلسطين العربية الحرة آخر معاقل الإستعمار الإستيطاني الأوروبي الصهيوني القذر الذي وجب شرعاً وأخلاقاً مقاومته وقتاله حتى النصر النهائي عليه.
[وَفَوَقَ كُلْ ذِيْ عِلْمٍ عَلَيَمْ]