
لا صوت يعلوا فوق صوت الشعب اليمني.. جبهة جديدة لصد العدوان (*)
بقلم دولة البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور
لا صوت يعلوا فوق صوت الشعب اليمني.. جبهة جديدة لصد العدوان
16 أغسطس 2016م
تنفس اليمانيون الصعداء حينما شاهدوا أيادي ممثلي الشعب ترتفع عالياً للمصادقة على الاتفاق التاريخي بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وانصار الله وحلفائهم في لحظة إستثنائية دقيقة سيسجلها التاريخ اليمني بأحرف من نور، وصل صداها وأثرها إلى مديات بلغت الجهات الأربع لكرتنا الارضيّة، لكن ما يهمنا هنا ان يسمع ويعي جيراننا العرب.
هل تستطيع النخب السياسية من الأمراء والمثقفين والأكاديميين وعلماء الدين المستنيرين في المملكة السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي التي تعاونت لضرب اليمن في هذه الحرب الظالمة، أن تستوعب ما حدث يوم السبت بتاريخ أغسطس 2016م، وما تلاه من أيام من فهم واستيعاب ما حدث، وأن ممثلي الشعب اليمني استعادوا المبادرة السياسية والتشريعية من جديد، وأن أعضاء مجلس النواب اليمني استطاعوا حسم الجدل القائم حول شرعية انعقاد الدورة الاعتيادية بالنصاب القانوني من عدمها، وأن العدد الذي حضر الجلسة أو من ارسل موافقته من الخارج لما سيتمخض عنه هذا الإجتماع التاريخي لتقرير مصير اليمن في قادم الأيام، إجتماع إعتيادي بنصاب قانوني وفقاً لمحضر دورة المجلس المعلن.
لماذا اتجهت بالتساؤلات لهذه النخب في البلدان (الشقيقة)؟.
وهل بيدها شيء كي تعبر به عن ذاتها؟.
سأجتهد في وضع عدد من الملحوظات رأيتها هامة في هذا السياق مبوّبة في الآتي:
أولاً: خلال مسيرتي المهنيّة وزياراتي المتعددة لدول مجلس التعاون صادفت الكثير من الشخصيات المحترمة والمؤثّرة والمؤهلة تأهيلاً عالياً في مجال إختصاصها العام والدقيق ويمتلكون خبرات ومعارف في الحياة تؤهلهم للتمييز بين الحق والباطل ، وقلت في قرارة نفسي هل سيعملون وفقاً لمبدأ تغيير المُنكَر حتى باللسان او القلب في أضعف الحالات، ولا أظن ان هناك من لم يميز بعد بين الدعاية والتضليل الهائل في وسائل الإعلام، وإن عدوان يُشن من قبل حكوماتهم بكل انواع السلاح والمال والتأثير العالمي يصدر من دولهم الغنية ضد جارهم الشقيق الفقير، ولمدة تتجاوز العام والنصف، هل لا زالوا لم يستوعبوا حكاية صدمة العدوان على أشقائهم.
ثانياً: كلنا يدرك بان تجمع مجلس التعاون الخليجي تنعدم فيها الحريات الديمقراطية الشخصية منها والسياسية وحتى إبداء وإظهار الرأي والرأي الآخر، ومن تجرأ بقول رأيه جهاراً يعرّض ذاته للمسائلة والعقاب وفقاً لأحكام ولوائح القرون الوسطى أو لسنن وأعراف بادية الصحراء القادمة من زمن عنترة بن شداد، والغظنفر وطرفه ابن العبد، هذا إذا لم يتم تجريده من جنسيته أو تطبيق حكم الإعدام عليه، صحيح نعرف ذلك، لكن الصحيح ايضاً أنهم يستطيعون إيصال آرائهم عبر القنوات الناعمة وهي عديده.
ثالثاً: هناك شركاء في الملك للأسر التي تملك القرار السياسي في أدارة شؤون الحكم في كل دول مجلس التعاون، مثال الأعمام، الأصهار، أبناء العموم، ونعرف كذلك أن ليس الجميع شريك في قرار العدوان على اليمن، لكن ملحوظاتنا عليهم بأنهم أدمنوا السكوت الأبدي وفضلوا الجلوس طويلاً على كراسي المتفرجين، وهم يدركون أن الدم اليمني المسفوح ظلماً وعدواناً، من أطفال ونساء ورجال اليمن لن تسقط بالتقادم لأنها أرواح تزهق ودماء تراق وكرامه يحاولون العبث بها، كيف سينعكس ذلك غداً في علاقة الجيرة والإخاء، هل سينسى اليمني كل ذلك الظلم وهو يعرف غريمه؟.
رابعاً: أنفقت السعودية ومشيخة الإمارات وإمارة قطر كل هذه المليارات من الدولارات لكي تُخضع الشعب اليمني لإرادتها، ألم يتساءل المواطن الخليجي البسيط بنُخبه العديدة، وتقول في ذاتها هل نجحت حكوماتها فيما ذهبت إليه من خطط وأهداف عسكرية بعد عام ونصف تقريباً؟، أم إنها فوجئت بما شاهدته من على كل القنوات الفضائية التابعة لها والمخالفة لها بالرأي جلسات مجلس النواب اليمني ينعقد برئاسة المجاهد الشيخ/ يحيى علي الراعي – أبو الشهداء حفظه الله، وهو يعلن عن بدء الجلسات وبنصاب لافت له دلالاته الكبيرة، مُعمَّدة بقرارات نوعية ستغير معادلات عديدة في قادم الأيام، على الرغم من كل العراقيل التي مورست بحق ممثلي الشعب اليمني كي لا يصلوا حرم قُبَّة البرلمان، وهي بالتأكيد عديدة ليس أقلها تدمير كل الطرقات والجسور المحيطة بصنعاء ومنع تحليق وهبوط الطائرات بالمطارات اليمنية وبالذات مطار صنعاء الدولي، ومع ذلك لبى أعضاء البرلمان الشجعان نداء الشعب اليمني، وأنجزوا المهمة بمسؤولية عالية.
خامساً:استطاع المال الخليجي المسموم من شراء صمت العديد من قيادات ونُخب الأحزاب السياسية اليمنية والقابعة بفنادق الرياض عن طريق شرائهم بالمال كمُستأجرين منافقين، وشراء مواقف بعض حكومات العالم، وعدد من الدول العربية، والدول الغربية عن طريق صفقات الأسلحة وغيرها، واستطاعت أيضا إسكات عدد من الهيئات الدولية للأسف، لكنها لم تستطع شراء موقف الأحرار اليمنيين من كل الأحزاب تقريباً، ولم تتمكن من إغراء وترهيب أعلى سلطة تشريعية برلمانية في اليمن، فقد اجتمعوا وبواعز من الضمير الجمعي الحُر لليمنيين، ليستأنفوا نشاطهم التشريعي من جديد ليظهروا للعالم أجمع أن لا صوت يعلوا فوق صوت الشعب اليمني، إذ صادقوا وباركوا الاتفاق التاريخي الموقع بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وبين انصار الله وحلفائهم ، وشاهد العالم أجمع أداء اليمين الدستورية من قبل الأخوة رئيس وأعضاء المجلس السياسي الأعلى للجمهورية اليمنية تحت قبة البرلمان اليمني، والأسماء هي:
الأستاذ/ صالح علي الصماد رئيساً
الدكتور/ قاسم محمد لبوزه نائباً للرئيس
الشيخ/ صادق أمين أبو رأس عضواً
الأستاذ/ يوسف عبدالله الفيشي عضواً
الشيخ/محمد صالح النعيمي عضواً
اللواء/ مبارك صالح الزايدي عضواً
الشيخ/ جابر عبدالله غالب الوهباني عضواً
الشيخ/ ناصر بن ناصر النصيري عضواً
وتعذر في الجلسة أداء اليمين الدستورية من قبل الأخوين، الشيخ/ سلطان أحمد السامعي، والأستاذ/ خالد سعيد الديني عضوا المجلس السياسي الأعلى بسبب إغلاق المجال الجوي ومطار صنعاء تحديداً من قبل دول حلف العدوان لمدة تصل إلى 144 ساعه!!!.
ما حدث هو انجاز سياسي نوعي للقوى السياسية المقاومة للعدوان،وصفعة في وجه الدول العربية التي بررت عدوانها على اليمن بأنه من اجل الدفاع عن الشرعية الدستورية للشعب اليمني، ماذا سيقولون الآن بعد هذه القرارات التاريخية التي أعادت إلى الواجهة السياسية والتشريعية الإرادة التشريعية القانونية للشعب، ولا أظن بأن قانوني عاقل واحد في العالم سيخالف ما أقره ممثلو الشعب اليمني.
الخلاصة:
الآن يمتلك الشعب اليمني قيادة شرعية دستورية، أقسمت اليمين الدستوري أمام أعضاء مجلس النواب، أي امام نواب الشعب وبنصاب قانوني ودون خوفٍ أو إكراه من أحد، وبشفافية كاملة، امام أعين المراقبين ووسائل الإعلام، وامام الشعب اليمني كله وهو مصدر السلطة ومالكها، إذاً فالأمم المتحدة ومجلس أمنها الدولي معنية بمراجعة كل الحسابات، والقرارات، والتحدث مع الجهة الشرعية الوحيدة التي تمثل اليمن أرضاً وانساناً. وعلى الدول الحليفة بالعدوان وبالذات دول مجلس التعاون المشاركة في هذه الحرب العدوانية ان تراجع حساباتها ألف مرَّه من الآن وصاعداً لأنها لا تستطيع أن تتستر في عدوانها على أية شرعية خارج نطاق قرار مجلس النواب مطلقاً، والمأمول من القيادة السياسية الجديدة أن تواصل صمودها وثباتها في المقاومة مع فتح نوافذ للحوار مع المعارضين بالخارج والبدء بفتح صفحة جديدة للمصالحة الوطنية لمن أراد العودة إلى وطنه. وهي دعوة صادقة لكل الأخوة الأمراء والشيوخ والمثقفين والأكاديميين الذين لم يكونوا يوماً ضمن دائرة إصدار القرار بالعدوان على اليمن، وهذا أمر بديهي، لكن ما يحزننا كيمنيين أننا نشاهدهم صامتين أو مصدقين بعد سنة ونصف تقريباً بأن حرب حكوماتهم موجة ضد الإيرانيين، أو الحوثيين أو المؤتمريين، لا لا يا ساده يا كرام أن هذه الحرب موجهة ضد الشعب اليمني وتقتل المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، كما حدث في جريمة قصف طيران العدوان مدرسة في محافظة صعده يوم السبت الموافق 13 أغسطس 2016م وقتل عدد من التلاميذ، وقد ادان هذه الجريمة المستر/ بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، وحتى المرضى لم يسلموا من جرائم القصف الوحشي كما حدث يوم الأثنين الموافق 15أغسطس 2016م بمستشفى عبس محافظة حجه ومقتل عدد من المرضى والأطباء وبضمنهم ممرضين وأطباء من منظمة أطباء بلا حدود الدولي في آخر جريمة تقترفها طيران العدوان!!!، إن هذا الغلو في التجبر والتكبر والغطرسة مآلهُ الفشل لا محاله، وسينعكس سلباً على استقرا وأمن ونماء شبه الجزيرة العربية برمتها، والله أعلم من جميعاً.