اراء محليةاراء و اتجاهاتالاخبار

بِالذِّكْرَى اليُوبِيلِيَّةِ الأُولَى لِتَأْسِيسِ دَارِ بِن حَبْتُورَ..  عَشَرَةُ أَعْوَامٍ مِنْ مَسِيرَةِ لَا تُشْبِهُ سِوَى صُنَّاعِهَا

بِقَلَمِ/  الأُسْتَاذ مُحَمَّد عَبْد الْمَجِيد الْجَوْهَرِي

 عَلَى غَيْرِ الْعَادَةِ أَجِدُ نَفْسِي لِأَوَّلِ مَرَّةٍ مزْنُوْقاً فِي كِتَابَةِ مَقَالةٍ احْتِفَالِيَّةٍ مُبَشِّراً بِبَهْجَةِ الْاحْتِفَاءِ بِمُنَاسَبَةٍ فِي غَايَةِ الأَهَمِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِي شَخْصِيَّاً فِي الْغَالِبِ الْأَعَمِّ مِنْ مُنْطَلَقِ الشَّرَاكَةِ وَالتَّشَارُكِيَّةِ الْكِفَاحِيَّةِ مَعَ رَفِيقِ دَرْبٍ مجِيدٍ بِحَجْمِ صَدِيقِي د. عَزِيز بن حَبْتُور، وَقَدْ أَعْيَتْنِي هَذِهِ الزَّنَقَةُ كَثِيراً، حَيْثُ إِنَّهَا أَفْقَدَتْنِي الشُّعُورَ بِالأَرِيحِيَّةِ الَّتِي أَنْطَلِقُ مِنْ خِلَالِهَا فِي كِتَابَةِ مَقَالَاتِي عَادَةً لَا سِيَّمَا تِلْكَ الْمَقَالَاتِ الَّتِي تَحْمِلُ مَوْضُوعَاتٍ مِحْوَرِيَّةً، أَوْ قَضَايَا وَازِنَةً يَسْعَدُ الْمُهْتَمُّونَ بِمُطَالَعَتِهَا، وَلَعَلَّ هَذِهِ الْفَعَالِيَّةَ الْاحْتِفَائِيَّةَ بِالذِّكْرَى الْعَاشِرَةِ لِتَأْسِيسِ “مُؤَسَّسَةِ دَارِ ابن حَبْتُور الْخَيْرِيَّةِ لِلْعُلُومِ وَالثَّقَافَةِ وَالتَّوْثِيقِ” هِيَ وَاحِدَةٌ مِنْ تِلْكَ الْقَضَايَا الْوَازِنَةِ الَّتِي كَانَ يُفْتَرَضُ الْخَوْضُ فِيْهَا وَتَنَاوُلِهَا بِكَثِيرٍ مِنَ الأَرِيحِيَّةِ الْبَاعِثَةِ عَلَى الْبَهْجَةِ الْمُؤَجِّجَةِ لِتَشَظِّيَاتِ الإِبْدَاعِ الَّذِي كَانَ سَيُؤَطِّرُ هَذَا “الْاحْتِفَالَ الْيُوبِيلِيَّ”.

أَرْجُو السَّمَاحَ وَالْمَعْذِرَةَ عَلَى هَذِهِ التَّوْطِئَةِ ذَاتِ النَّكْهَةِ الْمَائِلَةِ لِلدِّرَامَا قَلِيلاً، بَدَلاً مِنْ أَنْ تَكُونَ فَرائحِيَّةً، وَلَكِنَّ مُكْرَهٌ أَخَوكُمْ لَا بَطَل. فَأَنَا رَجُلٌ ذُو غري وَصَرِيحٌ كَمَا عَوَّدْتُكُمْ دَائِماً فِي جُلِّ تَنَاوُلَاتِي مُخْتَلفَ الْمَوَاضِيعِ حَتَّى فِي الرُّدُودِ وَالتَّعْقِيبَاتِ أَسْطِّرُهَا عَلَى بَعْضِ الرِّفَاقِ وَالزُّمَلَاءِ.

وَلْنَغَادِرْ مُرَبَّعَ جَلْدِ الذَّاتِ وَننْطَلِقْ لِلْخَوْضِ فِي ثَنَايَا اللَّحْظَةِ وَالْمُنَاسَبَةِ الِاحْتِفَالِيَّةِ.

السِّيَاقُ هُنَا لَيْسَ تَبْرِيرِيَّاً أَبَداً، بَلْ هُوَ تَوْضِيحِيٌّ لِلْمَلَابِسَاتِ وَالظُّرُوفِ الَّتِي أَحَاطَتْ بِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ الِاحْتِفَالِيَّةِ ،فَكَمَا تَعْرِفُونَ قَدْ سَبَقَتْهَا فَتْرَةُ الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَمَعَهَا الْأَعْيَادُ، وَتَلَتْهَا تِلْكَ الْحَرْبُ الْغَاشِمَةُ الصُّهْيُونِيَّةُ عَلَى الْجُمْهُورِيَّةِ الْإِيرَانِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ حَلِيفتِنَا وَشَقِيقتِنَا الْمُسْلِمِةِ، وَرَأْسِ حَرْبَةِ مِحْوَرِ الْمُقَاوَمَةِ، الَّتِي تُشْكِّلُ الْجُمْهُورِيَّةُ الْيَمَنِيَّةُ وَاحِدَةً مِنْ أَهَمِّ أَرْكَانِهِ وَقُوَاهُ الْفَاعِلَةِ تَنْكِيلاً بِالْعَدُوِّ الصُّهْيُوِأَمْرِيكِيِّ، وَمَعَهُ الْغَرْبُ الْجَمَاعِيُّ بِقِيَادَةِ الْأَنْجْلُوسَكْسُونِ.

وَمُنْذُ بَدَايَةِ الْكِفَاحِ الشَّبَابِيِّ لِدَوْلَةِ الْبُرُوفِ/عَبْدِ الْعَزِيز بن حَبْتُور، وَالشَّابُّ مُهْتَمٌّ بِقَضَايَا وَطَنِهِ وَأُمَّتِهِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ، وَهِيَ نَفْسُ الْحَالَةِ الَّتِي كُنَّا نَعِيشُهَا مَعاً مِنْ مُنْتَصَفِ سَبْعِينِيَّاتِ الْقَرْنِ الْفَارِطِ إِلَى غَايَةِ يَوْمِنَا هَذَا.

هَذِهِ الْمَلَابِسَاتُ وَالظُّرُوفُ جَعَلَتْهُ؛ أَقْصِدُ ابنَ حَبْتُور وَفَرِيقَ عَمَلِ الْمُؤَسَّسَةِ، وَنَحْنُ بمَعِيَّتِهِمْ نغْفِلُ عَنِ الِانْتِبَاهِ الْمُبَكِّرِ لِلِاحْتِفَالِ بِالْعِيدِ الْيُوبِيلِيِّ وَالذِّكْرَى الْعَاشِرَةِ لِتَأْسِيسِ “الدَارِ” كَمُؤَسِسَةٍ خَيْرِيَّةٍ لِلْعُلُومِ وَالثَقَافَةِ وَالتَوثِيقِ”، وَذَلِكَ أَمْرٌ يَحْصُلُ مَعَ أَفْضَلِ صَمَاصِيمِ الرِّجَالِ فِي ظِلِ الْمُدَلْهَمَاتِ مِنَ الْخُطُوبِ الْمُصِيرِيَّةِ، كَالْمُوَاجَهَةِ مَعَ الْعُدْوَانِيَةِ الَّتِي شَنَّهَا الْكِيَانُ الصُّهْيُوأمْرِيكِي عَلَى إِيْرَانَ  الشَقِيقَةِ تَكَبُّراً وَغَطْرَسَةً. وَبِالْعَوْدَةِ إلِى مَوْضُوعِ مُؤَسِسَّةِ دَارِ ابن حَبْتُورِ الْخَيْرِيَّةِ، وَذِكْرَى تَأْسِيسِهَا الْعَاشِرَةِ أَوَدُّ الْقَوْلَ بِصَرَاحَةٍ أَنَنِي أَجْهَلُ كَيْفَ رَسَتْ تَسْمِيَتُهَا عَلَى هَذَا النَحْوِ “الْخَيْرِيَّةِ” هَلْ مِنْ مُنْطَلَقٍ صُوفِيٍّ رُوحَانِيٍّ لَصِيقٍ بِكَيْنُونَةِ الْبُرُوفِ / عَبْد الْعَزِيز صالح بن حَبْتُورِ أَوْ رَغْبَةً مِنْهُ لِمَنْحِهَا كَذَلِكَ بُعْداً إِنْسَانِيَّاً خَيْرِيَّاً سَيَكُونُ رَافِدَ بَرَكَةٍ يُعَزِّزُ دَوْرَهَا الْعِلْمِيَّ وَالثَقَافِيَّ التَوثِيقِيَّ، لَا سِيَّمَا، وَالرَجُلُ صَاحِبُ أَيْدٍ بَيْضَاءَ لَا يُمْكِنُ نُكْرَانُهَا مُطلقاً يُمَكِنُهُ مِنْ اسْتِقْطَابِ أَهْلِ الْخَيْرِ فِي دَعْمِ مَسَاعِيهِ الْخَيْرِيَّةِ، فَهُوَ لَيْسَ مِنْ عَبِيدِ كَنْزِ الْأَمْوَالِ، أَوْ مِنَ الْبَاحِثِينَ عَنْ مُرَاكَمَتِهَا مِنْ خِلَالِ الْمَوَاقِعِ وَالْمَنَاصِبِ الَّتِي تَسَنَّمَ ذُرَاهَا.

 وَبِالْمُنَاسَبَةِ أَذْكُرُ مَثَلاً حِينَ تَمَّ تَعْيِينُهُ وَكِيلاً أَوَّلَ لِوَزَارَةِ التَرْبِيَةِ لِشُؤُونِ تَصْفِيَةِ الْمَعَاهِدِ الْعِلْمِيَّةِ الَّتِي فَرَّخَهَا حِزْبُ التَجَمُّعِ الْيَمَنِيِ لِلْإِصْلَاحِ، كَمْ كَانَتِ الْمُخَصَّصَاتُ الْمَالِيَةُ (مِئَاتُ الْمَلَايِينِ مِنَ الرِيَالَاتِ الَّتِي بَيْنَ يَدَيْهِ؛ لِإِنْجَازِ هَذِهِ الْمُهِمَّةِ الشَدِيدَةِ التَعْقِيدِ وَالْخُطُورةِ، وَلَوْ أُوكِلَتْ هَذِهِ الْمُهِمَةُ بِمُخَصَّصَاتِهَا لِغَيْرِهِ لَخَرَجَ بِحَصَادٍ فِي أَقَلِّ تَقْدِيرٍ ٢٥% مِنْ تِلْكَ الْأَمْوَالِ وَمُعْظَمُنَا يَعْلَمُ ذَلِكَ عِلْمَ يَقِينٍ، فَهِيَ مُهِمَّةٌ يَحْمِلُ مُنْفِّذُهَا كَفَنَهُ فَوْقَ ظَهْرِهِ.

فقط أوردتُ المثالَ للإضاءةِ عَلَى طبيعةِ النزَّاعةِ لفعلِ الخيرِ في مُقاربةٍ؛ للوقُوفِ عَلَى تمسُّكِهِ بمُفردةِ (الخيريَّة)، ولا علمَ لي بنسبةِ التوفيقِ في هذه المُقاربةِ، والأمرُ برهنِ تقديراتِكُم؟؟؟

 لِكَيْ يكونَ لَدَيْنَا مَتْنٌ مُتَمَاسِكٌ فِي مَقَالَتِنَا هَذَه يَجِبُ أَلَّا نَقْفِزَ مِنْ فَقْرَةٍ إِلَى أُخْرَى بِخِفَّةِ التَائِهِ الَّتِي تُفْسِدُ رَصَانَةَ التَنَاوُلِ، لِذَلِكَ لَابُدَّ مِنْ ضَبْطِ الرَتْمِ الْعَامِّ لِلْمَقَالةِ مِنْ خِلَالِ وَضْعِ الْقَارِئِ الْكَرِيمِ فِي صُورَةِ التَّفَاصِيلِ الْمُهِمَّةِ لِصَاحِبِ دَارِ ابن حَبْتُورِ وَالَّتِي عَكَسَهَا جُمْلَةً وَتَفْصِيلاً؛ لِتَرْسُمَ مَلَامِحَهُ الْعَامَّةَ الَّتِي يُرِيدُهَا كَمَا هِيَ لِجِهَةِ طَبِيعَةِ عَمَلِ الدَارِ، وَالْأَدْوَارِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَنْهَضَ بِهَا فِي وَاقِعِ حَيَاةِ الْبِلَادِ كَمَرْكَزٍ تَنْوِيرِيٍّ / ثَقَافِيٍّ وَتَوثِيقِيٍّ مُهِمٍّ فِي مُحَارَبَةِ أَزْمِنَةِ التَصَحُّرِ وَالتَجْرِيفِ لِلْعَطَاءَاتِ الْإِبْدَاعِيَّةِ.

وَلِكَيْ لَا نَبْقى غَارِقِينَ فِي مُرَبَّعِ التَّسْطِيحِ وَالتَّفَاهَةِ الَّذِي يُكَرَّسُ لِنَظَلَّ أَسْرَى مَفَاعِيلِهِ، حَيْثُ لَمْ يَكُنْ تَأْسِيسُ دَارِ ابن حَبْتُورِ فَزْعَةَ مُثَقَّفٍ ثَوْرِيٍّ مُشْتَبِكٍ مَعَ قَضَايَا شَعْبِهِ وَوَطَنِهِ، بَلْ كَانَ تَجْسِيداً وَاعِياً لِبِنَاءِ صَرْحٍ مُؤَسَسِيٍّ ثَابِتِ الْبُنْيَانِ والاستدامةِ فِي خِدْمَاتِهِ، رُكْنٍ أَصِيلٍ وَالْمُرَاكَمَة لِأَنْشِطَتِهِ، وَالْخَبَرَاتِ الَّتِي يَمْنَحُهَا لِرُوَّادِهِ لها هَدَفٌ سَامٍ لَا يَجُوزُ إِهْمَالُهُ، بِعَقْلِيَّةِ الْقَامَةِ الْأَكَادِيمِيَّةِ وَبِخِبْرَةِ رَجُلِ الدَوْلَةِ الذَّكِيِ وَمَعَهُمَا فِكْرُ وَمِنْهَجِيَّةُ السِيَاسِيِّ الشَغُوفِ بِالتَارِيخِ عِشْقاً وَبَحْثاً موسُوعِيَّاً فِي زَوَايَاهُ وَدَهَالِيزِهِ، بَاشَرَ التَّفْكِيرَ فِي مَشْرُوعِ إِقَامَةِ وَتَأْسِيسِ هَذَه الدَارِ الَّتي أَرَادَها أَنْ تكُونَ مُؤَسَّسَةً مُتَعَدِّدَةَ الْأَغْرَاضِ وَالْمَنَافِعِ لَا سِيَّمَا، وَهُوَ ابْنُ وَطَنٍ ضَارِبِ الْعُمْقِ فِي التَّأرِيخِ الْإِنْسَانِيِ، لَا بَلْ أَنَّ مَلَامِحَ الْيَمَنِ الْعَظِيمِ بَارِزَةٌ فِي سِيرَةِ وَمَسِيرَةِ الْحَضَارَةِ الْبَشَرِيَّةِ وَسَرْدِيَّاتِهَا الَّتِي لَا حُدُودَ تَحْصُرُهَا فِي “الزَمَكَنَةِ” يَعْلَمُ الْعَرَبُ، وَالْأَعَاجِمُ وَالْفَرَنْج، وَالْمُهْتَمُّونَ بِالتَّأرِيخِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ جَمِيعاً، حَجْمَ الْآثَارِ وَالنُّقُوشِ وَالْعُمْلَاتِ وَالْأَسْلِحَةِ وَالْمَخْطُوطَاتِ الْجِلْدِيَّةِ وَالْوَرَقِيَّةِ الَّتِي ما تَزَالُ مَوْجُودَةً فِي الْيَمَنِ بِرَغْمِ نَزِيفِ السَّرِقَةِ وَالتَّهْرِيبِ وَالْمُتَاجَرَةِ الَّتِي تَعَرَّضَتْ لَهَا الْآثَارُ الْيَمَنِيَّةُ، لَا بَلْ أَنَّ الزَائِرَ لِلْيَمَنِ يَجِدُ نَفْسَهُ فِي صَنْعَاءَ الْقَدِيمَةِ (آزَال) مَدِينَةِ سَامِ بْنِ نُوحٍ عَالِقاً فِي قَلْبِ التَّأرِيخِ، وَكَأَنَّهُ يعيشُ فِي أَغْوَارِ مَشَاهِدَ فِي فِيلْمٍ مِنْ أَفْلَامِ فَنْتَازِيَا الْخَيَالِ الْعِلْمِيِ.

مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الرُؤْيَةِ الَّتِي اجْتَهَدْنَا فِي شَرْحِ تَفَاصِيلِهَا لَكَ عَزِيزِيَ الْقَارِئَ الْكَرِيمَ لَطَالَمَا اجْتَهَدَ دَوْلَةُ الْبُرُوفِ / عَزِيزِ بن حَبْتُورِ عَلَى تَجْسِيدِهَا مِنْ خِلَالِ مَشْرُوعِهِ الْخَيْرِيِ “مُؤَسَّسَةُ دَارِ ابن حَبْتُورِ الْخَيْرِيَّةِ لِلْعُلُومِ وَالثَقَافَةِ وَالتَّوثِيقِ”، لَرُبَّمَا كَانَ لِنَشَأَتِهِ الْأُولَى فِي مَدِيرِيَّةِ حَبَّانَ بِبِلَادِ الْوَاحِدِيِ، وَمَا تَشْتَهِرُ بِهِ حَبَّانُ كَحَاضِرَةٍ لِسُكْنَى السَّادَةِ وَالْأَشْرَافِ، وَمَنَاصِبِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ السُّنِيِ النَبَوِيِّ تَأْثِيرُهُ الْوَاضِحُ فِي بِنَاءِ كِينُونَتِهِ الصُّوفِيَّةِ وَالرُّوحَانِيَّةِ كَمَا أَسْلَفْتُ بِعَالِيهِ، وَمَرْوِيَّاتِ الصُّوفِيَّةِ وَسَرْدِيَّاتِهَا الَّتِي لَا عَدَّ وَلَا حَصْرَ لَهَا كَانَتِ الزَّادَ الْمَعْرِفِيَّ الَّذِي بَنَى اللَّبِنَاتِ الْأُولَى الَّتِي شَغَلَتْ مَدَارِكَهُ بِهَاجِسِ الْعِشْقِ لِلْتَّارِيخِ وَصَقَلَتْ مَوَاهِبَهُ فِي خَلْقِ مَهَارَاتِ الْغَوْصِ وَالْإِبْحَارِ فِي فَضَاءَاتِهِ الْوَاسِعَةِ، وَلَعَلَّ مِنْ لُطْفِ اللَّهِ بِهِ أَنَهُ كَانَ غَيْرَ مُولَعٍ بِالْمَصَائِبِ الثَّلَاثِ الَّتِي ابْتُلِيَ بِهَا أَعْدَادٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْيَمَنِيِّينَ وَهِيَ: تَدْخِينُ السَّجَائِرِ + مَضْغُ الْقَاتِ + مُعَاقَرَةُ الْخَمْرِ، وَتِلْكَ نِعْمَةٌ كَبِيرَةٌ لَا يَعْلَمُ بِحَجْمِهَا وَأَهَمِيَّتِهَا إِلَّا الَّذِينَ ابْتُلُوا بِهَا وَذَاقُوا حَجْمَ وجَحِيمَ مَضَارِّهَا وَتَكَالِيفِهَا الماديَّةِ وَالْجَسَدِيَّةِ وَالنَفْسِيَّةِ، لِذَلِكَ حِينَ تَمَّ إِيفَادُهُ لِلدِرَاسَةِ إِلَى جُمْهُورِيَّةِ أَلْمَانِيَا الدِيمُقْرَاطِيَّةِ لِلدِرَاسَاتِ الْعُلْيَا لَمْ يَكُنْ شَغُوفاً فِي ارْتِيَادِ الْبَارَاتِ وَمَرَاقِصِ الدِيسْكُو، وَحَفَلَاتِ الْمَجُونِ وَالتَّرَفِ، بَلْ كَانَ مُهْتَمَّاً بِزِيَارَةِ الْمُتَاحِفِ وَالْمَوَاقِعِ الْأَثَرِيَّةِ وَدُورِ الْأُوبِرَا وَالْمَسَارِحِ التَارِيخِيَّةِ الَّتِي تَشْتَهِرُ بِهَا الْإِمْبِرَاطُورِيَةُ الْبْرُوسِيَّةُ، كَمَا كَانَ حَرِيصاً عَلَى اقْتِنَاءِ كُلِّ مَا يَقَعُ بِيَدَيْهِ مِنْ أَعْمَالٍ فَنِيَّةٍ وَتُحَفٍ وَعُمْلَاتٍ قَدِيمَةٍ وَغَيْرِهَا مِنْ الْإِنْتِيكَاتِ وَالسَّفِينِيرِ”، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ كَانَ عَلَى مَوْعِدٍ لِإِنْجَازِ مَشْرُوعٍ سَخَّرَهُ اللَّهُ لِلنُهُوضِ بِهِ، وَطَبْعاً كُلُّ تِلْكَ الْأُمُورِ لَا تَأْتِي عَشْوَائِيَّاً، بَلْ تَكُونُ لَهَا مُمَهِّدَاتُهَا الْوَازِنَةُ بِتَوَاتُرٍ يُرَاكِمُ الْمُعْطَيَاتِ وَظُرُوفَ التَوَافُرِ عَلَيْهَا وَامْتِلَاكِ خَزِينَتِهَا اللَّازِمِة، وَبَعْدَ الْعَوْدَةِ مِنَ الدِّرَاسَةِ وَنَيْلِ شَهَادَةِ الدُكْتُورَاة بَاشَرَ عَمَلَهُ بِجَامِعَةِ عَدَن الَّتِي كَانَ لَهَا الْفَضْلُ الْكَبِيرُ فِي تَصْوِيبِ بُوصَلَةِ اهْتِمَامِهِ لِلتَفَرُّغِ لِمَشْرُوعِهِ الْإِنتَاجِيِّ الْفِكْرِيِّ / الْمَعْرِفِيِّ، وَلَمْ يَغِبْ عَنْ ذِهْنِهِ كَذَلِكَ الشِّقُ التَكْمِيلِيُّ فِي جَدَلِيَّةِ الْمَعْرِفَةِ كَتَجْسِيدٍ حَيٍٍّ مِنْ خِلَالِ رِبْطِهَا بِدُنْمِيَّاتِهَا الْأَصِيلَةِ عَبْرَ دَارِ ابنِ حَبْتُورَ كِرَافِعَةٍ مُؤَسَّسِيَّةٍ مَادِيَّةٍ تَحْتَوِي بِإِحَاطَةٍ حَمِيمِيَّةٍ كَافَةَ طُمُوحَاتِهِ وَرِسَالَتِهِ الْأَكَادِيمِيَّةِ وَمَعَهَا اقْتنَاعَاتُهُ الصُّوفِيَةُ الْخَيْرِيَّةُ … مَتْرُوكٌ لِلْقَارِئِ الْكَرِيمِ تَخَيُّلُ حَجْمِ الْعَمَلِ وَالْجَهْدِ اللَّذَيْنِ تَمَّ بَذْلُهُمَا ذَاتِيَّاً مِنْ قِبَلِ شَخْصٍ بِمُفْرَدِهِ تَحَدَّى نَفْسَهُ وَانْتَصَرَ عَلَيْهَا؛ لِإِنْجَازِ مِثْلِ هَذَا الْمَشْرُوعِ الْعِمْلاقِ بَلْ وَالْأَمْوَالِ الَّتِي تَمَّ صَرْفُهَا مِنْ حُرِّ مَالِهِ لِتَأْسِيسِ “مُؤَسَّسَةِ دَارِ ابنِ حَبْتُورِ الْخَيْرِيَّةِ لِلْعُلُومِ وَالثَّقَافَةِ وَالتَّوثِيقِ” طَبْعاً فِي الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ كَانَتِ الْمَشِيئَةُ الرَّبَّانِيَّةُ هِيَ الْأَسَاسَ كَمَا أَشَرْنَا، وَحَيْثُ كَانَتْ عَصْمَتْهُ مِنَ التَّوَلُّع بِالْقَاتِ + تَدْخِينِ السَّجَائِرِ + مُعَاقَرَةِ الْخَمْرِ، وَبَقِيَّةِ الْمَلَاذِ الْمَعْرُوفَةِ، لَيْسَ مَا ذُكِرَ تَزْكِيَةً مِني لِشَخْصِ صَدِيقِي الْفَذِّ، لَا بَلْ هِيَ تَمْكِينٌ رَبَّانِيٌّ لَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَلَّ.. كُلُّنَا فِي الْيَمَنِ الْعَظِيمِ نَعْرِفُ مِقْدَارَ الصَّرْفِيَّاتِ الْمَالِيَّةِ الَّتِي يُتَبَذَّرُ فِيهَا لِتَوْفِيرِ مُتَطَلَّبَاتِ “الْكَيْفِ وَالْمِزَاجِ” خَاصَّةً مِنْ لَدُنِ كِبَارِ مُوَظَفِي الدَّوْلَةِ لِشُخُوصِهِمْ وَحِمَايَتِهِمْ وَبَقِيَّةِ الْحَاشِيَةِ… عَشَرَاتُ الْمَلَايِينِ لَوْ لَمْ نَقُلْ مِئَاتِ الْمَلَايِينِ، وَهَذَا لَيْسَ سِرَّاً نَبُوحُ بِهِ بَلْ هِيَ حَقِيقَةٌ مُطْلَقَةٌ يَعْلَمُهَا الْقَاصِي وَالدَّانِي فِي الْيَمَنِ وَخَارِجِهَا، بَلْ إِنَّهَا وَاحِدَةٌ مِنْ مَنَافِذِ اسْتِقْطَابِ الْجَوَاسِيسِ وَالْعُمَلَاءِ الْمَحَلِيِّينَ، وَتَجْنِيدِ الْمُرْتَزَقَةِ.

خِتَاماً:

أُودُّ التَنْوِيهَ مُقَدَّماً أَنَّنِي كُنْتُ قَدْ سَطَرْتُ مَقَالةً مُعْتَبَرةً عَنِ “الْمَوْقِعِ الْأَلِكْتْرُونِيِّ لِمُؤَسَّسَةِ دَارِ ابنِ حَبْتُورِ” قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَسَابِيعَ تَقْرِيباً، تَنَاوَلْتُ فِيها الْكَثِيرَ مِنَ الْجَوَانِبِ عَنْ دَارِ ابن حَبْتُورِ” بِمَا فِيهَا الْفِكْرَةُ وَالنَشَأَةُ وَالتَأْسِيسُ بِكَثِيرٍ مِنَ التَّفَاصِيلِ حتَّى مَا يَخُصُّ فَرِيقَ الْعَمَلِ مِنَ الشَّبَابِ الْمُجْتَهِدِ الَّذِي سَاهَمَ فِي تَأَلُّقِهَا، وَلَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ بِأَنَّنِي سَأُضْطَرُ كَذَلِكَ لِكِتَابَةِ هَذَه الْمَقَالةِ الَّتي يَفْتَرِضُ بِهِ أَنْ يَكُونَ احْتِفَالِيَّاً أَيْضاً لِدَوَاعٍ يوبيليَّةٍ بِمُنَاسَبَةِ الذِكْرَى الْعَاشِرَةِ لِتَأْسِيسِ دَارِ ابْنِ حَبْتُورِ، وَبِحُكْمِ أَنَّنِي لَسْتُ فِي شَيْءٍ مِنَ “الذَّكَاءِ الْإِصْطِنَاعِيِ” وَلَا أُحِبُّ الِاقْتِرَابَ مِنْهُ بِالْمُطْلَقِ الْأَعَمِّ لِإِعْتِبَارَاتٍ كَثِيرَةٍ لَا يَتَّسِعُ الْمَجَالُ لِلْخَوْضِ فِي تَفَاصِيلِهَا، كَمَا أَنَّنِي مِنَ الرََافِضِينَ تَكْرَارَ ذَوَاتِهِمْ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ فِي الْأَحَادِيثِ وَالنِّقَاشَاتِ الْجَدَلِيَّةِ الْهَادِفَةِ، فَقَدْ عَمِدْتُ إِلَى اتِّخَاذِ مِنْحَىً مُخْتَلِفٍ عَمَّا سَبَقَ تَنَاوَلَهُ فِي مَقَالةٍ سَابِقِةٍ مُتَنَاوِلاً تَفَاصِيلَ جَدِيدَةً وَشُؤُوناً أُخْرَى لَمْ أَخْطُطْ لِتَسْطِيرِهَا بَلْ كَانَتْ بِنْتَ لَحْظَتِهَا بِكُلِّ صِدْقٍ وَصَرَاحَةٍ.

وَتَأْسِيساً عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَعَوْدَاً عَلَى بَدْءٍ تَجْدُرُ الْإِشَارَةُ إِلَى الْأَهَمِيَّةِ الَّتِي يُعَوِّلُ عَلَيْهَا دَوْلَةُ الْبُرُوفِ / عَزِيزِ بْنِ حَبْتُورِ فِي عَمَلِ (الدَّارِ) حَالِيَّاً وَفِي قَادِمِ الْأَيَّامِ بِعَوْنِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِ رِضْوَانِهِ، فِي أَنْ تَكُونَ “مُؤَسَّسَةُ دَارِ ابْنِ حَبْتُورِ الْخَيْرِيَّةِ لِلْعُلُومِ وَالثَّقَافَةِ وَالتَّوثِيقِ” إِلَى جَانِبِ مَهَامِّ عَمَلِهَا التَنْوِيرِيِ / التَوثِيقِيِّ، مِنْ خِلَالِ مُسَاهَمَتِهَا فِي حِفْظِ وَعَرْضِ مَوْجُودَاتِهَا الْمُتَوَاضِعَةِ مِنَ التُرَاثِ وَشُذَرَات مِمَّا تَيَسَّرَ التَارِيخُ الْحَضَارِيُّ الْيَمَنِيُّ، أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ حَافِظَةً لِإِرْثِهِ الْفِكْرِيِّ / الْمَعْرِفِيِّ الَّذِي قَضَى جُلَّ عُمُرِهِ إِلَى الْيَوْمِ فِي تَسْطِيرِ أَسْفَارِهِ مِنْ خِلَالِ “مَجْمُوعَةِ أَعْمَالِهِ الْكَامِلَةِ” الَّتِي تَجَاوَزَتِ الثَلَاثِينَ مُجَلَّداً حتَّى الْيَوْمِ…. وَلَا يَفُتْنَا أَنْ نَتَضَرَّعَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَمُدَّ فِي عُمُرِهِ وَيُمَتِّعَهُ بِالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ لِيُكْمِلَهَا لِتَبْلُغَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَهَا مِنَ الْعَدَدِ، كَمَا وَيُعِينَهُ عَلَى صَالِحِ الْأَعْمَالِ وَالطَّاعَاتِ الَّتِي يَرْضَاهَا لَهُ.. إِنَّهُ سَمِيعٌ قَدِيرٌ وَبِالْإِجَابَةِ جَدِيرٌ.

مِسْكُ الْخِتَامِ:

كُلِي أَمَلٌ فِي أَنَّنِي لَمْ أَكُنْ مُمِلاً بِكُلِّ مَا سَطَرْتُهُ مِنْ سَرْدٍ وَتَفَاصِيلَ لَرُبَّمَا أَحْيَاناً شَذَّتْ خَارِجَ السِّيَاقِ بِغَيْرِ مَا قَصَدٍ مِنّي؛ نَتِيجَةً لِعَدَمِ التَخْطِيطِ وَالتَهَيُؤِ لِكِتَابَةِ الْمَقَالةِ، كَمَا سَلَفَ أَنْ أُخْبِرْتُكَ عَزِيزِيَ الْقَارِئَ… وَلَا أَنْسََ بِالْمُنَاسَبَةِ شُكْرِي وَعَظِيمَ تَقْدِيرِي لِفَرِيقِ الْعَمَلِ الْقَائِمِ عَلَى إِدَارَةِ مُؤَسَّسَةِ دَارِ ابْنِ حَبْتُورِ مِنَ الشَّبَابِ الرَائِعِ وَالْمُجْتَهِدِ الَّذِينَ أَتَوَقَعُ لَهُمْ مُسْتَقْبَلاً زَاهِراً فِي قَادِمِ الْأَيَّامِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ.

مُحَمَدُ الْجَوْهَرِي – جَامِعَةُ عَدَن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى