البروفيسور بن حبتورالمقالاتمكتبة القلم

الفقيد محمد العبد علي العولقي في موكب الخالدين

بقلم دولة البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور

الفقيد محمد العبد علي العولقي في موكب الخالدين

 

ودعت شبوة ومديرية الصعيد أحد أبرز أبنآئها الأفذاذ الذين رافقوا مسيرة رحلتها الممتد من بدء تأسيس الدولة الوطنية الثورية في جنوب اليمن ، أي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، ودعوه في مدينة عدن في يوم ………. بتاريخ 30 /سبتمبر / 2023 م . ، أهله واحبابه ورفاق دربه ومحبيه بألم بالغ ، ووجع غائر بالنفس وحزن عميق على فراقه الأبديّ رحمه الله عليه.

كان الفقيد / محمد العبد واحداً من أبرز شبابها الثوريين المتحمسين الجادين لتأسيس أركان دولة العمال والفلاحين ، وكما كانوا يسمونها دولة البروليتاريا ، وساهم بشكل نشط في نشؤئها والحفاظ على مكتسباتها الثورية ، كيف لا وهو أحد الشباب الفدائيين المقاتلين في صفوف التنظيم السياسي للجبهة القومية ضد المستعمر المحتل البريطاني ، واستمر عضواً نشطاً فاعلاً في الخلآيا السياسية السرية للجبهة القومية وبعد الإعلان الرسمي عن نشاط التنظيم السياسي للجبهة القومية ، كان الفقيد العزيز أحد أبرز قادتها في الهرم التنظيمي الحزبي في المحافظة الرابعة ( شبوة حالياً ).

تميز موقفه السياسي الحزبي بإنحيازه الكامل لطبقة الفقراء من العمال والفلآحين ، وكنّا في مراحل أعمارنا الفتيّة نمازحه في مواقفه الصارمة إلى جانب الفقراء والمعدمين ، وبأنه ( الأب الروحي ) للكادحين من طبقة البروليتاريا المعدمة ، وهذا الموقف آمن به منذ تكونه الفكري والعقائدي في زمن مقاومته لظلم وجبروت المحتل البريطاني في مدينة عدن وأعوانه وركائزه في الريف اليمني الجنوبي الممتد من لحج غرباً وحتى محافظة المهرة شرقاً.

بداء حياته المهنية في سلك التربية والتعليم موجهاً ومشرفاً تربوياً في منطقته صعيد يشبم الى جانب كوكبة من رفاقه التربويين الآوآئل امثال المعلم الكبير/حجيري مسعود علي، متّعه الله بالصحة وآطال في عمره ،

وهو المنتمي لجبآل الكور وتحديداً صبر آل غُسيل العولقيّة وهو من أوآئل من قاد حركة التربية والتعليم التنويري في المحافظة الرابعة كمدير عام التربية والتعليم ، والأستاذ / أحمد علي عليوه ،كأبرز من قاد التربية والتعليم المنتمي لمدينة حبان الوآحدية الذي ترك بصمة تربوية بآرزه في المحافظة كقائد إداري و تربوي على مستوي جنوب الوطن آنذاك ، إلى جانب مجموعة تربوية مستنيرة أسّسوا المدْمَاك التربوي الأول في المحافظة الرابعة كلها.

كنّا يوم ذاك تلاميذ يافعين في مدارس المحافظة متنقلين من مديرية إلى مديرية أخرى لجمع صفوف المراحل الإبتدائية والإعدادية وحتى منتصف المرحلة الثانوية ، واتذكر أننا انتقلنا كمجموعة طلآبية من مدرسة الغُرير الإبتدائية إلى مدينة عزان وبعدها إلى مدرسة نصاب الإعدادية ومن ثم تم نقلنا إلى مدرسة ثانوية حنيشان في العاصمة عتق من جميع مديريات المحافظة الرابعة .

وكان إسم ونشاط وشخصية الرفيق / محمد العبد علي أبا شفيع ، حاضر بيننا ، ومرافق لنا وبالفعل كان قريب من فئة الطلاب وطبقة المثقفين الشباب ، وبالذات مجموعتنا الطلّابيّة التي كانت نشطه نقابيّاً وحزبيّاً ، وكان يقود منظمتنا الشبابية يوم ذاك في الصفوف الأولى في النشاط كل من الرفيق /محمد أحمد الحمش المدحجي ،رئيس منظمة أشيد بالمحافظة وهو شقيق الشهيد المناضل / هادي أحمد ناصر العولقي ، والرفيق / أحمد سالم الجرباء البابكري رئيس الإتحاد الوطني للطلآب في المحافظة الرابعة وهو قريب النسب للمنآضل / علي مسعد البابكري الذي شغل منصب رئيس الوزراء أبآن الحكم الإستعماري البريطاني لعدن ، والرفيق / علي حسن الأحمدي رئيس الهيئة العليا المركزية وهو رفيق المجاهد المنآضل / أحمد مساعد حسين المرزقي.

كنّا كمجموعة أخرى شبابية طلابيّة نساهم في القيادة في الصف القياديّ الثاني واتذكر منهم الزملاء ،/محسن أحمد الشُكليه القميشي ،/أحمد محمد ثابت ،/و أحمد سالم الحامد ،/وناصر محسن باعوم ،/ومبروك عبدالله سعيد ، /وناصر الشكليه القميشي ،/ومحمد حسين باعينين بن فهيد ،/ وحقروص الخليفي ،/وصالح علي الدويل بارآس ،/وحسن عبدالله عبدالحق،/وأحمد علي لحلص،/وعلي محمد ثابت ، /وعبدالله محسن طالب باسردة، /وعبدالله سالم لملس ،/وحجيري الطوسلي العولقي ،/وصالح علي السدْله الخليفي ،/وحسين أحمد لقور بن عيدان ، وآخرين كُثر من الزملاء والأصدقاء وللأسف لم تعد تسعفني الذاكرة في إستذكار وتذكر أسمائهم العطرة ، لأننا نستذكر أحداث ومواقف قديمة نسبياً ، وهي الفترة الممتدة من عام 1972 وحتى 1974 م ، لأن بعد هذا التاريخ انتقلنا كمجموعة طلآب المرحلة الثانوية ( ثالث ثانوي ) إلى ثانوية بأجدار في مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين.

لماذا تذكرت هذه الكوكبة الهامة من الزملآء والأصدقاء في المراحل المتقدمة من عمر الدراسة الإعدادية والثانوية ، وقد فقدت الذاكرة للأسف العديد من الأصدقاء والزملآء الأحباب ، تذكرتهم لأن الفقيد والصديق محمد العبد علي كان وآخرين يلآزمون مجاميع الطلاب أنشطتهم و فعالياتهم النقابية والطلآبية والشبابية ، وكأنهم مكلفين تنظيمياً من قبل التنظيم السياسي للجبهة القومية يوم ذآك برعايتنا والإهتمام بنا أو مراقبتنا والله اعلم.

اتذكر أننا اقمْنَا وادرْنَا ونظْمنَا المعسكرات الطلآبية والشبابية الصيفية في كل من منآطق بيحان ، وعتق ، ونصاب وجبال بني هلال وأمكنة فرعية عديدة ، كنّا نحن الطلاب فحسب نقودها ونترأسها ونتدبر شؤون أمورها وإدارتها ، وتموينها وكنّا ننسق مع أعلى الجهات على مستوى المحافظة الرابعة ومن بين المشرفين يقف الفقيد البروليتاري النشط / محمد العبد في طليعة من يتم التنسيق معهم من جهة المسؤلين بالمحافظة ، ولهذا رحمة الله عليه كان قريب من الوسط الشبابي الطلآبيّ.

أتذكر أننا كنا ندير الحوارات الثقافية والفكرية وكان نجمآ تلك الأمسيات الرفيقان العزيزآن / محمد العبد علي العولقي رحمة الله عليه ، والرفيق أحمد سالم الجرباء البابكري ، متعه الله بالصحة والعافية وآطال الله في عمره. بعد دخولنا الجامعة للدراسة والبعض منّا غادر لخارج الوطن للدراسة في الجامعات العربية والأجنبية ، وانقطعت علاقتنا المباشرة بالعديد من الزملآء على مستوى المحافظة ومنهم الأستاذ / محمد العبد علي .

بعد الوحدة اليمنية المباركة عُدنا إلى أرض الوطن العزيز بعد أن أنهينا دراساتنا العليا في الخارج ، وصادف أننا عدنا والوطن دخل مرحلة تعدد الأزمات الداخلية ، وتعددت مرحلة الإعتكافات لقيادة الحزب الإشترآكي في عدن ، وبدء تلك الأزمة السياسية ستتمخض عنها معارك لا محالة بين أبناء الوطن الوآحد ، نحن بدورنا كمجموعة من الخريجين حديثاً من أبناء محافظة شبوة والقاطنين بحكم أعمالنا في عدن ، قمنا بمبادرة شعبية لوقف التدهور الحاصل في عدد من مناحي الحياة السياسية في اليمن ، تلك المبادرة التي كان محتوآها إبتعاد أبناء محافظة شبوه من الصراع العسكري ، وقدمنا وثيقة عاقلة محتواها بأن تكون شبوه وأهلها محايدة في صراع وحرب الصقور بين صنعاء والضالع ويافع، وتم إقرار الوثيقة السياسية في حشد جماهيري كبير في مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة ، وكان الأستاذ محمد العبد علي العولقي من بين قيادات محافظة شبوه الفاعلة في إقرار الوثيقة السياسية بعد مناقشات جادة استغرق النقاش حولها أسابيع ، وهنا التقينا بالأستاذ محمد العبد للمرة الثانية كشركاء صادقين في إنقاذ محافظة شبوه من أيّة انتكاسه عسكرية بالمحافظة كان يخطط لها خبثاء السياسة وتجار الحروب والأزمات ، وبالفعل تم تجنيب شبوة وأبنآئها من تلك المحطة الدامية.

إن أهمية أن تضاف إلى سيرة الفقيد محمد العبد تلك السرديات الجانبية والقصص والروايات الإيجابية عنه في أثناء مسيرة حياته لأبراز مواقفه الإيجابية في نشاطه ومزاملته لزملائه ورفاقه كي تعطي القصة مدلول السرديات التاريخية عنه ونضاله وجهده كي تبقى دروس للأجيال ، ومواعظ للأبناء وللأحفاد من المصاريف والأقارب والمهتمين من طلاب الجامعات المتخصصين للدراسات العليا وكتاب السير الذاتية ، هؤلاء الشخصيات والقادة والمؤثّرين في محيطهم تبقيهم مثل تلك الكتابات أحياء يرزقون بيننا على مدى الأزمان .

رحم الله العلي القدير فقيد اليمن كل اليمن الأستاذ/ محمد العبد علي أبا شفيع ، كواحد من حملة مشعل الفكر اليساري الإشتراكي ، واسكنه الله فسيح جناته ، والهم اهله ورفاقه ومحبيه وانصاره الصبر والسلوان ، إنا لله وإنا إليه لراجعون ،

بسم الله الرحمن الرحيم [ [ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ] ،صدق الله العظيم.

 (وفَوُقَ كُلْ ذِيْ عِلْمٍ عَلْيِم)

 

 أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور 

رئيس مجلس وزراء تصريف الأعمال في الجمهورية اليمنية / صنعاء 

ورئيس جامعة عدن السابق، ومحافظ مدينة عدن الأسبق. الجمعة بتاريخ/3 /نوفمبر / 2023 م.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى