البروفيسور بن حبتورالمقالاتمكتبة القلم

مقدمة كتاب محافظ محافظة عدن تحديداً  [عبدالعزيز صالح بن حبتور]

بقلم دولة البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور

مقدمة كتاب محافظ محافظة عدن تحديداً

      [عبدالعزيز صالح بن حبتور]

طلب مني الإخوة في مؤسسة دار ابن حبتور الخيرية للعلوم والثقافة والتوثيق بأن أكتب مقدمة ليوميات محافظ محافظة عدن تحديداً، لما لهذه المرحلة من خصوصية سياسية وعسكرية وأمنية استثنائية من تاريخ المدينة، حيث شهدت أحداث داميه ومواقف متناقضة واضطرابات أمنية خطيره قد تكون هي الأهم والأصعب في عُمر تاريخ المدينة مُنذ زمن طويل قد خلى.

ومن خلال متابعة سريعة لتصفح اليوميات المكتوبة الموثقة التي تحكي سيرة من نوع خاص مرت بها المدينة في تلك الأيام والأسابيع والأشهر سيجد القارئ بأنه أمام حشد هائل من الأخبار والتقارير الإعلامية والمواقف والأحداث تم توثيقها، وما تم رصده في اشهرٍ معدودة من قبل الفريق الإعلامي المرافق لي وعلى رأسهم الصديق فقيد الإعلام والصحافة عبدالله محمد علي العُديني، العدني المولد والهوى، يماني الهوية والعقيدة، المتخصص المجتهد في قضايا التوثيق السياسي والإعلامي لمدينة عدن، لقد ثابر العديني في جمع ذلك الكم الكبير من الوثائق الإعلامية في زمن قياسي وكأنه يسابق الزمن بساعاته وأيامه ولياليه لكي يحفظ للأجيال جزأً هاماً من تاريخ المدينة التي عشقها حتى الثمالة بأحداثها وتناقضاتها وشخوصها، وكان بالفعل يردد مقولة شائعه ويعرفها المقربون منه بأنه لا يريد أن يموت إلاّ وقد جمع ما استطاع أن يجمعه عن حركة ونشاط هذه المدينة الحية والمتألقة بأناسها وشخصياتها ومثقفيها ومنتدياتها ونواديها وحوافيها، إنها عدن المدينة التي أغرت أباطرة العالم لغزوها والاستحواذ على خيراتها وموقعها الاستراتيجي والاستمتاع بالعيش والاستحمام بالقرب من مياهها الدافئة، وهنا يتبادر لذهن الإنسان العادي سؤال منطقي وفحوى تساؤله يقول: ما فائدة جمع ذلك الكم الهائل من الورق والصحف وحتى المجلات والمجلدات وهي تحمل أخبارٍ عتيقه قد لاتسمن ولا تغني من جوع؟ وما هو الهدف من ذلك التوثيق؟.

الهدف من التوثيق لأي عمل كان يتمثل في الآتي:

أولاً: هو الحفاظ على شكل ومضمون الوثيقة أو الوثائق كما هي من الضياع والتلف.

ثانياً : إبراز شكل ومحتوى الوثيقة للباحثين المهتمين بالبحث العلمي حينما تستدعي الضرورة لذلك.

ثالثاً : حفظ الوثيقة كما هي يمنع محترفي التزوير والتلاعب من التعديل في سير الأحداث كما حدثت، لا كما يرغبون في تزويره.

رابعاً: طبيعة الأشياء حين حدوث الأحداث الجسام يكون له طرفين متعارضين ومتناقضين، ولضمان بقاء سرد الأحداث والمواقف ونتائجه في إطارها بصدق وبأمانة يكون التوثيق هو معيار تحديد الصواب من عكسه.

خامساً: مع ازدياد هيمنة تكنولوجيا المعلومات وسيطرتها على مفاصل حياة الأمم. الشعوب بالعالم أجمع قد سهل أمران هما: سرعة وسهولة الرصد والتوثيق لأية (خبرية) يراد توثيقها، لكن في ذات الوقت قد سهل على لصوص المعلومة ومحترفي التزوير إمكانية فعل أي شيء في التلاعب بالمعلومة والوثيقة والصورة والصوت وهنا مكمن الخطر.

وللضمان النسبي من عدم التزوير ومصادرة المعلومة اجتهد الإخوة بدار ابن حبتور وعملوا على تسجيل ورصد وتوثيق الأحداث والمواقف أولاً بأول بالصوت والصورة والكتابة المطبوعة في تاريخ وزمن الحدث لكي يقدموا تلك الوثائق سليمة وصادقة لجميع المهتمين من طلاب علم، باحثين جادين عن المعلومة الصحيحة، للمؤرخين الثقات الذين يهتمون ويعتنون بالرصد والتحليل من واقع المصادر التاريخية الحقيقية وليست تلك المصادر المزورة وهذا هو الهدف الأسمى من  عملية التوثيق المُضنية وجوهر العملية برمتها.

لقد شهد تاريخ مدينة عدن الطويل لمراحل متعددة من الإهمال والتسيب في حفظ الوثائق وصيانتها، وقد تعرض العديد منها للتلف والضياع، وقوبل تاريخ المدينة للتهميش وحتى التزوير في بعض الأزمنة الغابرة، ولكونها منطقة ساحلية حاره تزداد بها درجة الحرارة وارتفاع مستوى الرطوبة مما يجعل للقوارض بيئة خصبة للانتشار والتكاثر لجميع القوارض (كالنمل الأبيض والفئران وغيرها)، جميعها عوامل مساعدة في تلف الوثائق الورقية أو الخشبية أو حتى الجلدية وهي مواد متاحة لمن كان يوثق الأحداث في زمن غابر و “ثالثة الأثافي” هي في الإهمال الإنساني بغياب الوعي بأهمية الوثيقة والتوثيق والحفاظ عليها، وسيادة غياب الوعي بأهمية هذا الجانب الهام، وهي للأسف حالة مُنتشرة ومتكررة في العديد من البلدان النامية الفقيرة.

اليوم أصبحت التكنولوجيا الرقمية هي المنتشرة والمسيطرة على حياة المجتمعات في المدن والأرياف وهي طوع أهل الاختصاص في التوثيق وحفظ الوثيقة بدءاً بطباعة ونسخ الوثيقة ورقياً ونسخها إلكترونياً في (الذواكر “فلاشات”، الأقراص الصلبة “الهارد ديسك Hard Disk”، التخزين السحابي iCloud، في بريدك الالكتروني e-mail، في الموقع الالكتروني Web Site، الفيس بوك Facebook، التويتر Twitter ….. الخ) وسيجد الإنسان المهتم بالوثيقة الموثقة أين ما ذهبت بالعالم وجميعها تستوعب مليارات الوثائق إن لم نقل أزيد منها بكثير.

الحمد و الشـكر لله رب العالمين على ما نحن فيه من نعم العلم والمعرفة.

 

البروفيسور/ عبدالعزيز صالح بن حبتور

رئيس حكومة الإنقاذ الوطني

صنعاء – يونيو 2019م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى