
قِرَاءَةٌ فَاحِصَةٌ لِمَقَالِ الْبُروفِيسُور/ بِنْ حَبْتُور عَنْ تَحَرُّرِ الْمُنَاضِلِ الثَّوْرِيِّ/ جُورْج عَبْدِاللهِ
بقلم الاستاذ / محمد عبدالمجيد الجوهري
كَعَادَتِهِ يَأْبَى صَدِيقِي الصَّمْصُومُ أ.د. عَبْدُالعَزِيزِ بِنْ حَبْتُور تَرْكَ الْمُنَاسَبَاتِ الْمُحْزِنَةِ أَوِ الْمُبْهِجَةِ الَّتِي تَقَعُ فِي نِطَاقِ فَضَاءَاتِ الْمَشْهَدِ الْعَامِّ عَلَى امْتِدَادَاتِهِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ، بَلْ وَحَتَّى الدَّوْلِيَّةِ. نَعَمْ، يَأْبَى أَنْ تَمُرَّ عَلَيْنَا مُرُورَ الْكِرَامِ، فَهُوَ حَرِيصٌ بَلْ يُصِرُّ عَلَى تَوْظِيفِهَا التَّوْظِيفَ الْمُنَاسِبَ، “إِيجَابًا” لِرَفْعِ الْمَعْنَوِيَّاتِ وَشَحْذِ الْعَزَائِمِ وَالْهِمَمِ وَإِدْخَالِ الْبَهْجَةِ فِي قُلُوبِ وَعُيُونِ الْأَحْرَارِ أَيْنَمَا وُجِدُوا، وَ”سَلْبًا” تَنْكِيلًا بِالْأَشْرَارِ وَالْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ يَتَلَبَّسُهُمُ الِاسْتِكْبَارُ وَالْغَطْرَسَةُ وَالتَّنَمُّرُ عَلَى الْبَشَرِ فِي كُلِّ أَرْجَاءِ عَالَمِنَا.
بَعْدَ هَذِهِ التَّوْطِئَةِ التَّوْضِيحِيَّةِ الْمُقْتَضَبَةِ، دَعُونَا نَلِجُ فِي مَقَالِ رَفِيقِنَا الْمُنَاضِلِ وَالْمُثَقَّفِ الثَّوْرِيِّ دَوْلَةِ الدُّكْتُورِ/ بِنْ حَبْتُور مُبَاشَرَةً، وَالَّذِي حَمَلَ عُنْوَانًا صَرِيحَ النَّبْرَةِ، مُبَاشِرًا فِي صُلْبِ دَلَالَتِهِ التَّهَكُّمِيَّةِ عَلَى أَدْعِيَاءِ (النُّورِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْحَدَاثَةِ) مِنْ خِلَالِ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ فِي ذَلِكَ الْعُنْوَانِ الَّذِي أَجَادَ فِي نَحْتِ مُفْرَدَاتِهِ “الزَّنَازِينِ الْفَرَنْسِيَّةِ” لِيُخْبِرَنَا عَنْ كَمِّ اسْتِهْجَانِهِ لِلِاسْتِغْفَالِ الَّذِي يُمَارِسُهُ الْغَرْبُ الِاسْتِعْمَارِيُّ عَلَى شُعُوبِنَا الْعَرَبِيَّةِ/الْإِسْلَامِيَّةِ، لَا بَلْ عَلَى كَافَّةِ شُعُوبِ الْعَالَمِ.
وَمِنَ الْعُنْوَانِ يَمْرُقُ الْكَاتِبُ الْفَذُّ وُلُوجًا إِلَى مُقَدِّمَةِ مَقَالِهِ الَّذِي حَرَصَ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ كَذَلِكَ نَفَسًا هُوَ أَقْرَبُ إِلَى التَّوْضِيحِ التَّنْوِيرِيِّ/التَّعْبَوِيِّ، الَّذِي يُعْلِي الْقِيَمَ الْكِفَاحِيَّةَ وَأَهَمِّيَتَهَا فِي صِنَاعَةِ الْوَعْيِ وَالْمَعْرِفَةِ بِمَكَانَةِ النِّضَالِ فِي سَبِيلِ إِرْسَاءِ وَتَرْسِيخِ الْقَنَاعَاتِ الْأَسَاسِيَّةِ فِي عُقُولِ وَقُلُوبِ عَامَّةِ الْبَشَرِ، بَلْ وَدَفْعِ النُّخَبِ لِعَدَمِ التَّرَاخِي أَمَامَ مِثْلِ هَذِهِ الضَّرُورَاتِ التَّحْشِيدِيَّةِ وَالتَّعْبَوِيَّةِ، خَاصَّةً وَهُوَ يُشَاهِدُ اتِّسَاعَ مَسَافَةِ الِابْتِعَادِ الَّتِي أَصْبَحَتْ إِحْدَى سَلْبِيَّاتِ الْغَفْلَةِ عَنِ الدَّوْرِ الرِّيَادِيِّ الَّذِي يُفْتَرَضُ أَنْ تُمَارِسَهُ النُّخَبُ فِي قِيَادَةِ الْجَمَاهِيرِ الشَّعْبِيَّةِ فِي بُلْدَانِهَا، حَتَّى بِمَا فِيهَا تِلْكَ الْأَحْزَابُ اللِّيبِرَالِيَّةُ وَالْيَسَارِيَّةُ فِي الدُّوَلِ الْغَرْبِيَّةِ أَيْضًا، وَالَّتِي تَمَّتْ فِي بِيئَاتِهَا عَمَلِيَّةُ التَّجْرِيفِ السِّيَاسِيِّ وَالِاجْتِمَاعِيِّ وَالْفِكْرِيِّ، خَاصَّةً بَعْدَ (سُقُوطِ جِدَارِ بَرْلِينَ وَانْهِيَارِ الْمَنْظُومَةِ الِاشْتِرَاكِيَّةِ) كَقُطْبٍ عَالَمِيٍّ وَازِنٍ فِي مُوَاجَهَةِ الْإِمْبِرْيَالِيَّاتِ الْغَرْبِيَّةِ وَفِي مُقَدِّمَتِهَا الْإِمْبِرْيَالِيَّةِ الْأَمْرِيكِيَّةِ أَثْنَاءَ الْحَرْبِ الْبَارِدَةِ.
نَعَمْ، لَقَدْ أَسْهَبَ الْكَاتِبُ فِي مُقَدِّمَتِهِ هَذِهِ وَالَّتِي أَلْتَمِسُ لَهُ الْعُذْرَ فِيهَا؛ لِأَنَّنِي أَشْعُرُ صَرَاحَةً أَنَّهُ كَانَ مَضْغُوطًا بِفِعْلِ ثِقْلِ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ الْفَرَائِحِيَّةِ، وَالَّتِي لَيْسَتْ بِبَسِيطَةٍ، خَاصَّةً وَنَحْنُ نَعِيشُ فِي زَمَنٍ تَتَوَاكَبُ فِيهِ الِانْتِصَارَاتُ مَعَ الْهَزَائِمِ تَوَازِيًا، لَكِنَّهُ زَمَنٌ شَهِدَ عُلُوَّ كَعْبِ التَّغَوُّلِ الصَّهْيُوأَمْرِيكِيِّ الَّذِي زَادَ إِسْرَافًا فِي التَّقْتِيلِ وَالْإِبَادَاتِ الْجَمَاعِيَّةِ بِمَا فِيهَا إِبَادَةِ التَّجْوِيعِ وَالتَّعْطِيشِ وَالْحِرْمَانِ مِنْ كَافَّةِ مُقَوِّمَاتِ الْحَيَاةِ الطَّبِيعِيَّةِ لِلْبَشَرِ. كَمَا سَيُلَاحِظُ الْقَارِئُ الْكَرِيمُ لَاحِقًا أَنَّ الْكَاتِبَ الْفَذَّ كَانَ يَقِظًا كَذِئْبٍ أَرْهَفَ كَافَّةَ حَوَاسِّهِ مُتَحَيِّنًا الْفُرَصَ لِجِهَةِ الِانْقِضَاضِ عَلَى فَرِيسَتِهِ (الْعَدُوِّ الصَّهْيُوأَمْرِيكِيِّ) لِإِثْخَانِهِ جِرَاحًا وَتَنْكِيلًا قَبْلَ إِخْمَادِ أَنْفَاسِهِ، حَيْثُ جَاءَتِ الْمَشِيئَةُ الرَّبَّانِيَّةُ لِتُسْعِفَهُ وَنَحْنُ فِي مَعِيَّتِهِ جَمِيعًا – مِحْوَرُ الْمُقَاوَمَةِ وَأَحْرَارُ الْعَالَمِ.
بَعَثَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِلْأُمَّتَيْنِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ بِتِلْكَ الْفُرْصَةِ وَهِيَ رُضُوخُ الدَّوْلَةِ الْفَرَنْسِيَّةِ بِإِصْدَارِ قَرَارِ الْإِفْرَاجِ عَنِ الْمُنَاضِلِ الثَّوْرِيِّ/جُورْج عَبْدِاللهِ، وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي الْتَقَطَهُ دَوْلَةُ الْبُرُوفِيسُورِ/بِنْ حَبْتُور كَكَاتِبٍ فَطِنٍ بِكُلِّ عَزِيمَةٍ وَرُوحٍ كِفَاحِيَّةٍ خَبِيرَةٍ تَعْلَمُ أَهَمِّيَّةَ مَا وَقَعَ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ فُرْصَةٍ، فَذَهَبَ يَبْنِي عَلَيْهَا مَقَالَهُ التَّعْبَوِيَّ وَالتَّحْشِيدِيَّ، تَنْوِيرًا بِعَظَمَةِ الِانْتِصَارِ الْمُحَقَّقِ مِنْ خِلَالِ “قَرَارِ الْإِفْرَاجِ” عَنْ أَيْقُونَةٍ كِفَاحِيَّةٍ ثَوْرِيَّةٍ أُمَمِيَّةٍ مَلَأَتِ الْأَسْمَاعَ وَالْأَبْصَارَ بِرَمْزِيَّتِهَا النِّضَالِيَّةِ وَعَدَالَةِ قَضِيَّتِهَا، فِي مُوَاجَهَةِ السَّرْدِيَّةِ الظَّالِمَةِ الَّتِي يُرَوِّجُهَا الْفَرَنْسِيُّونَ تَحْتَ الضَّغْطِ الصَّهْيُوأَمْرِيكِيِّ الرَّافِضِ لِإِطْلَاقِ سَرَاحِهِ بِهَدَفِ الِابْتِزَازِ السِّيَاسِيِّ، بِاسْتِعْرَاضٍ لِقُوَّةِ هَيْمَنَتِهِمُ الْعَالَمِيَّةِ حَتَّى عَلَى أَقْرَبِ حُلَفَائِهِمُ الْغَرْبِيِّينَ. فَجَاءَ مَقَالُ كَاتِبِنَا الْهُمَامِ فَاضِحًا كَاشِفًا وَمُنَكِّلًا بِالْغَطْرَسَةِ وَالتَّنَمُّرِ الْإِمْبِرْيَالِيِّ الْمَقِيتِ وَالدَّوْسِ عَلَيْهِمَا.
وَفِي سَبِيلِ تَحْقِيقِ ذَلِكَ عَمَدَ دَوْلَةُ الدُّكْتُورِ/بِنْ حَبْتُور إِلَى اسْتِدْعَاءِ حَوَادِثِ التَّارِيخِ وَوَقَائِعِهِ الْمُلْهِمَةِ كَجُرْعَاتٍ تَبْصِيرِيَّةٍ مُبْهِرَةٍ لِتَبَنِّي “أَهَمِّيَّةِ الْحُرِّيَّةِ” كَوَاحِدَةٍ مِنْ أَهَمِّ الْقِيَمِ وَالْحُقُوقِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَكَذَلِكَ مُظْهِرًا رَوْعَةَ الِانْتِصَارِ الْحَتْمِيِّ الَّذِي تَمَّ لِلْحَقِّ الْإِنْسَانِيِّ بِالرَّغْمِ مِنْ طُولِ زَمَانِ الضَّيْمِ وَالْعَسْفِ وَالِاسْتِكْبَارِ الَّذِي ظَلَّتْ تُمَارِسُهُ طَوَاغِيتُ الْعَصْرِ بِقُبْحٍ وَصَلَفٍ، حَاشِدًا أَمْثِلَةً وَنَمَاذِجَ كِفَاحِيَّةً تَحَرُّرِيَّةً خَاضَتْهَا الشُّعُوبُ الْمَقْهُورَةُ تَحْتَ قِيَادَةِ نُخَبِهَا الْبَاسِلَةِ فِي الْعَدِيدِ مِنْ بُلْدَانِ الْعَالَمِ، وَكَانَ النَّصْرُ الْمُؤَزَّرُ حَلِيفَهَا.
وَفِي انْدِفَاعَةٍ حَمَاسِيَّةٍ يَتَطَوَّعُ كَاتِبُنَا الْمُثَقَّفُ الثَّوْرِيُّ الْمُشْتَبِكُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ بِتَقْدِيمِ حَشْدٍ وَازِنٍ مِنَ النَّمَاذِجِ وَالْأَمْثِلَةِ التَّحَرُّرِيَّةِ الثَّوْرِيَّةِ فِي عَدَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ الَّتِي انْتَفَضَتْ بِثَوْرَاتٍ شَعْبِيَّةٍ، يَطُولُ شَأْنُ اسْتِعْرَاضِهَا فِي طَيِّ قِرَاءَتِنَا هَذِهِ، لِذَا نَسْتَسْمِحُكَ عُذْرًا أَيُّهَا الْقَارِئُ الْكَرِيمُ وَنَرْجُو تَكَرُّمَكَ بِالرُّجُوعِ إِلَى النَّصِّ الْأَصْلِيِّ لِمَقَالِ دَوْلَةِ الْبُرُوفِيسُورِ هَذَا الَّذِي هُوَ مَنْشُورٌ فِي مَوْقِعِ مُؤَسَّسَةِ دَارِ بِنْ حَبْتُور الْخَيْرِيَّةِ لِلتَّوْثِيقِ. وَسَوْفَ نَضَعُ لَكَ رَابِطَ الْمَوْقِعِ فِي نِهَايَةِ الْمَقَالِ لِتَيْسِيرِ زِيَارَتِكَ لِلْمَوْقِعِ.
بَعْدَ تِلْكَ الْمُقَدِّمَةِ التَّوْثِيقِيَّةِ لِلْوَقَائِعِ وَالْأَحْدَاثِ الثَّوْرِيَّةِ وَالتَّحَرُّرِيَّةِ الَّتِي اجْتَهَدَ الْكَاتِبُ بِمِهْنِيَّةٍ فِي اسْتِعْرَاضِهَا كَأَدِلَّةٍ عَلَى صِدْقِ مَا يُسَطِّرُ مِنْ مُحْتَوًى، نَجِدُهُ يَلِجُ مَتْنَ مَقَالِهِ بِرَشَاقَةٍ وَسَلَاسَةٍ مَشْهُودٍ لَهُ فِيهَا بِـ “الرَّبْطِ وَالتَّعْشِيقِ” الَّذِي يَشْتَهِرُ بِهِ (فَنُّ الْمُنَمْنَمَاتِ وَالْأَرَابِيسْكِ الْقَمَرِيَّاتِ الْيَمَنِيَّةِ)، مِنْ خِلَالِ التَّأْطِيرِ الرَّصِينِ مُنْذُ بِدَايَةِ الْأَسْطُرِ الْأُولَى لِمَتْنِ الْمَقَالِ مَعَ مُرْتَكَزَاتِهِ السَّبْعَةِ وَالْخُلَاصَةِ، رَاسِمًا بِدِقَّةٍ مَلَامِحَ الْمَشْهَدِ الْعَامِّ. هَذَا الْمَشْهَدُ الَّذِي كَانَ مَطْلَعُهُ – حَسْبَمَا حَمَلَتْهُ تِلْكَ الْأَسْطُرُ – انْطِلَاقَةَ طُوفَانِ الْأَقْصَى الْمُبَارَكِ، الَّتِي خَلَقَتْ مَفَاعِيلُهَا أَجْوَاءً وَمُنَاخَاتٍ يَفُوحُ مِنْ قَلْبِهَا وَعَلَى جَنَبَاتِهَا عَبَقُ أَرِيجِ الْمَلْحَمَةِ، وَتَتَقَافَزُ فِي فَضَاءِ الْمُلْتِيمِيدْيَا عَالَمِيًّا صُوَرُهَا الَّتِي كَانَتْ تَنْقُلُهَا الْقَنَوَاتُ الْفَضَائِيَّةُ، نَعَمْ صُوَرُ التَّنْكِيلِ وَالْإِذْلَالِ “لِلْجَيْشِ الصَّهْيُونِيِّ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ ذَاتَ يَوْمٍ إِنَّهُ لَا يُقْهَرُ”. كُلُّنَا شَاهَدْنَا تِلْكَ الصُّوَرَ وَالْمَشَاهِدَ وَكَيْفَ تَمَّ تَمْرِيغُ وَجْهِهِ بِوَحْلِ غَزَّةَ وَغِلَافِهَا الْمُتَرَوِّسِ بِتِرْسَانَةٍ مِنْ مُخْتَلِفِ أَنْوَاعِ الْأَسْلِحَةِ الْقِتَالِيَّةِ الْحَدِيثَةِ وَأَعْقَدِ مُعِدَّاتِ وَأَجْهِزَةِ الرَّصْدِ وَالْمُرَاقَبَةِ وَالتَّنَصُّتِ. فَلَمْ يَسْتَبْخِسِ الْكَاتِبُ جُهْدَ السَّرْدِ النَّوْعِيِّ، مُوَضِّحًا ضَخَامَةَ الِاحْتِشَادِ الَّذِي أَشْعَلَتْهُ نِيرَانُ الطُّوفَانِ الْمُبَارَكِ فِي تِلْكَ الْمُوَاجَهَةِ الْمَلْحَمِيَّةِ بَيْنَ طَرَفَيِ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.
وَهُنَا أَيْضًا أُكَرِّرُ الرَّجَاءَ لِلْقَارِئِ الْكَرِيمِ بِالْعَوْدَةِ إِلَى النَّصِّ الْأَصْلِيِّ لِلْمَقَالِ حَسْبَمَا أَشَرْتُ آنِفًا إِلَى الْمَوْقِعِ الْإِلِكْتْرُونِيِّ لِمُؤَسَّسَةِ دَارِ بِنْ حَبْتُور الْخَيْرِيَّةِ لِلتَّوْثِيقِ، لِلِاطِّلَاعِ عَلَى سَلَاسَةِ وَدِقَّةِ التَّوْثِيقِ وَرَوْعَةِ رَسْمِ الْمَشَاهِدِ الَّتِي تَرْفَعُ الْمَعْنَوِيَّاتِ وَتُذْكِي مَشَاعِلَ الْحَمَاسَةِ فِي قُلُوبِ الْأَحْرَارِ.
لَعَلَّ الْقَارِئَ الْفَاضِلَ قَدْ لَاحَظَ حِرْصَ الْكَاتِبِ وَفِطْنَتَهُ الْوَاضِحَةَ فِي تَنَاوُلِ الْمُنَاضِلِ الثَّوْرِيِّ الْمُشْتَبِكِ/جُورْج إِبْرَاهِيمَ عَبْدِاللهِ، لَيْسَ كَرِوَايَةٍ أَوْ كَسَرْدٍ تَعْرِيفِيٍّ بِقِصَّةِ حَيَاتِهِ أَوْ كَسِيرَةٍ ذَاتِيَّةٍ صِرْفَةٍ تُوَثِّقُ تَارِيخَ الْمِيلَادِ ثُمَّ النَّشْأَةَ وُصُولًا إِلَى اللَّحْظَةِ الرَّاهِنَةِ، بَلْ جُورْج عَبْدِاللهِ الْمُنَاضِلُ الثَّوْرِيُّ وَحَجْمُ اشْتِبَاكِهِ مَعَ قَضَايَا وَهُمُومِ وَتَطَلُّعَاتِ شَعْبَيْهِ اللُّبْنَانِيِّ/الْفِلَسْطِينِيِّ، نَعَمْ اشْتِبَاكٌ بِهَوِيَّتِهِ الْكِفَاحِيَّةِ الْأَيْقُونِيَّةِ وَدَلَالَتِهَا الرَّمْزِيَّةِ كَعُنْوَانِ بُطُولَةٍ أُسْطُورِيٍّ وَثَبَاتِ مَوْقِفٍ إِعْجَازِيٍّ عَلَى الْحَقِّ، أُنْبِنِيَ مُؤَسَّسًا عَلَى رُسُوخِ قَنَاعَاتٍ مَبْدَئِيَّةٍ وَقِيَمِيَّةٍ نَبِيلَةٍ فِي بُعْدِهَا الْأَخْلَاقِيِّ وَالْإِنْسَانِيِّ الثَّوْرِيِّ. أَمَّا مَوْضُوعُ سَرْدِيَّةِ قِصَّةِ حَيَاتِهِ وَتَفَاصِيلِ تَارِيخِ الْمِيلَادِ وَالنَّشْأَةِ فَهُوَ أَمْرٌ يَسِيرُ الْحُصُولِ عَلَيْهِ وَقِرَاءَتُهُ فِي الْإِنْتَرْنِتْ بِكُلٍّ مِنْ جُوجِلَ وَالْوِيكِيبِيدْيَا وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَوَاقِعِ الْإِلِكْتْرُونِيَّةِ الْمُتَخَصِّصَةِ مِثْلِ مَوْقِعِ الْجَبْهَةِ الشَّعْبِيَّةِ لِتَحْرِيرِ فِلَسْطِينَ أَوْ مَوْقِعِ الْحِزْبِ الشُّيُوعِيِّ اللُّبْنَانِيِّ.
لِلتَّذْكِيرِ مِنْ بَابِ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ فَقَطْ لِمَنْ اعْتَادَ أَوْ بَاشَرَ مُتَأَخِّرًا قِرَاءَةَ الْمَقَالَاتِ السِّيَاسِيَّةِ الَّتِي دَأَبَ عَلَى كِتَابَتِهَا الْبُرُوفِيسُورُ/بِنْ حَبْتُور كَقَامَةٍ أَكَادِيمِيَّةٍ وَرَجُلِ دَوْلَةٍ يَحُوزُ رُوحَ الْمُنَاضِلِ الثَّوْرِيِّ الْمُشْتَبِكِ، نَعَمْ تِلْكَ الْمَقَالَاتُ كَانَ قَدْ دَشَّنَهَا بِانْتِظَامٍ وَفِي دَيْمُومَةٍ لَمْ تَنْقَطِعْ بُعَيْدَ “الْعُدْوَانِ الْغَاشِمِ” عَلَى وَطَنِهِ الْيَمَنِ الْعَظِيمِ بِالرَّغْمِ مِنْ زَحْمَةِ انْشِغَالَاتِهِ الَّتِي لَا عَدَّ لَهَا أَوْ حَصْرَ بِسَبَبِ الْمَهَامِّ وَالْمَنَاصِبِ الْعُلْيَا الَّتِي تَسَنَّمَ مَقَاعِدَهَا بِمَا فِيهَا رِئَاسَتُهُ لِحُكُومَةِ الْإِنْقَاذِ بِصَنْعَاءَ لِمُدَّةِ أَعْوَامٍ ثَمَانِيَةٍ. فَجُلُّ مَقَالَاتِهِ لَا مَجَالَ فِي ثَنَايَاهَا لِلشَّخْصَنَةِ أَوْ مَوْضُوعَاتِ الْمُكَايَدَةِ بِغَرَضِ تَحْقِيقِ انْتِصَارَاتٍ ذَاتِيَّةٍ، لَكِنَّهَا مَقَالَاتٌ مَمْلُوءَةٌ بِنَفَسٍ ثَوْرِيٍّ وَطَنِيٍّ – قَوْمِيٍّ وَكَذَلِكَ أُمَمِيٍّ نِضَالِيٍّ/إِنْسَانِيٍّ وَلَا يَغِيبُ عَنْهَا النَّفَسُ التَّنْكِيلِيُّ لِأَعْدَاءِ الْبَشَرِيَّةِ مِنَ الْقُوَى الصَّهْيُوأَمْرِيكِيَّةِ وَالِاسْتِعْمَارِيَّةِ الْغَرْبِيَّةِ تَحْدِيدًا، وَقَدْ كَانَ لِي شَرَفُ زَمَالَتِهِ بِهَذَا الْمَجَالِ مِنْ خِلَالِ كِتَابَتِي لِقِرَاءَاتٍ مُتَأَنِّيَةٍ أَوْ فَاحِصَةٍ لِجُلِّ مَقَالَاتِهِ تَقْرِيبًا، وَذَلِكَ بِحُكْمِ مَا بَيْنَنَا مِنْ صَدَاقَةٍ يَزِيدُ عُمْرُهَا عَنِ الْأَرْبَعِينَ عَامًا بِالْإِضَافَةِ إِلَى حَجْمِ الْمَعْتَرَكَاتِ وَالْمُشْتَرَكَاتِ الْكِفَاحِيَّةِ الَّتِي جَمَعَتْنَا فِيمَا مَضَى وَالَّتِي تَجْمَعُنَا الْيَوْمَ.
وَبِالْعَوْدَةِ إِلَى بَعْضِ فِقْرَاتِ ذَلِكَ التَّأْطِيرِ الْمُهِيبِ الَّذِي احْتَوَاهُ مَتْنُ مَقَالِهِ هَذَا عَنِ الْفِدَائِيِّ الْمُنَاضِلِ الثَّوْرِيِّ الْمُشْتَبِكِ/جُورْج إِبْرَاهِيمَ عَبْدِاللهِ، نَجِدُ الْكَاتِبَ يَقُولُ بِالنَّصِّ:
(هَذِهِ الْمُقَاوَمَةُ الَّتِي تَكَالَبَتْ عَلَيْهَا الصُّهْيُونِيَّةُ الْعَالَمِيَّةُ بِقِيَادَةِ أَمِيرْكَا الْمُتَوَحِّشَةِ وَالْكِيَانِ الْإِسْرَائِيلِيِّ الصُّهْيُونِيِّ الْعُدْوَانِيِّ، وَالَّتِي تَقُودُ عُدْوَانًا عَلَى قِطَاعِ غَزَّةَ مُنْذُ 8 أُكْتُوبَرَ 2023 وَحَتَّى لَحْظَةِ كِتَابَةِ مَقَالَتِنَا هَذِهِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ الْمُوَافِقِ 19 يُولْيُو 2025م)، هَذَا أَصْدَقُ دَلِيلٍ أَنَّ الْكَاتِبَ انْقَضَّ انْقِضَاضَ عَلَى قَرَارِ الْمَحْكَمَةِ الْفَرَنْسِيَّةِ بِالْإِفْرَاجِ عَنْ (صِنْدِيدِنَا جُورْج) الصَّادِرِ بِتَارِيخِ 17 يُولْيُو 2025م لِيَقُومَ بِتَسْطِيرِ مَقَالِهِ فِي 19 يُولْيُو 2025م أَيْ بَعْدَ يَوْمَيْنِ مِنْ صُدُورِهِ، وَلَمْ يَنْتَظِرْ حَتَّى يَتِمَّ الْإِفْرَاجُ الْفِعْلِيُّ وَالرَّسْمِيُّ عَنْ هَذَا الطَّوْدِ الْكِفَاحِيِّ وَالْمُنَاضِلِ الَّذِي أَصْبَحَ الْأَشْهَرَ عَالَمِيًّا فِي الْعَشْرِيَّةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْأَلْفِيَّةِ الثَّالِثَةِ الَّتِي تَعِيشُ الْبَشَرِيَّةُ الْيَوْمَ خَيْبَاتِ إِرْهَاصَاتِهَا.. لَكِنَّهَا إِلَى جَانِبِهَا تَجِدُ كَذَلِكَ مَسَاحَةَ بَهْجَةٍ عَظِيمَةٍ لِانْتِصَارَاتٍ بِحَجْمِ قَرَارِ الْإِفْرَاجِ عَنْ (الْمِغْوَارِ لَيْثِ الْعُرُوبَةِ/جُورْج إِبْرَاهِيمَ عَبْدِاللهِ) لِيَتِمَّ الِاحْتِفَاءُ بِهَا وَجَعْلُهَا يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ الْعَرَبِ فِي الْأَلْفِيَّةِ الثَّالِثَةِ.
وَقَبْلَ الِانْتِقَالِ إِلَى الْمُرْتَكَزَاتِ السَّبْعَةِ وَالْخُلَاصَةِ نُورِدُ آخِرَ اقْتِبَاسٍ يُوَضِّحُ حَجْمَ سُرُورِ وَبَهْجَةِ الِانْتِصَارِ بِقَرَارِ الْإِفْرَاجِ ذَلِكَ الَّذِي يُؤَكِّدُ أَنَّنَا نَعِيشُ لَحْظَةَ انْتِصَارٍ اسْتِثْنَائِيٍّ حَيْثُ كَتَبَ كَاتِبُنَا الْفَذُّ بِالنَّصِّ مَا يَلِي:
(فِي خِضَمِّ الْعُدْوَانِ، وَالْمُؤَامَرَةِ الْأَمْرِيكِيَّةِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ الصُّهْيُونِيَّةِ ضَدَّ شُعُوبِنَا الْعَرَبِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ، يَحُلُّ يَوْمُ الْفَرَجِ عَلَى الْمُجَاهِدِ الْفِدَائِيِّ الْأَسِيرِ فِي سُجُونِ فَرَنْسَا الْمُتَصَهْيِنَةِ الْمُنَاضِلِ/جُورْج إِبْرَاهِيمَ عَبْدِاللهِ، ذَلِكَ الْمُنَاضِلُ الصُّلْبُ اللُّبْنَانِيُّ الْمَسِيحِيُّ الْمَارُونِيُّ الَّذِي أَمْضَى وَاحِدًا وَأَرْبَعِينَ عَامًا فِي سُجُونِ وَمُعْتَقَلَاتِ جُمْهُورِيَّةِ فَرَنْسَا الصُّهْيُونِيَّةِ، ذَلِكَ الشَّابُّ الْمَسِيحِيُّ الْمَارُونِيُّ الْمُنْتَسِبُ إِلَى عُضْوِيَّةِ الْجَبْهَةِ الشَّعْبِيَّةِ لِتَحْرِيرِ فِلَسْطِينَ، وَالَّذِي قَاتَلَ بِبَسَالَةٍ مَعَ الثُّوَّارِ الْمُقَاوِمِينَ الْفِدَائِيِّينَ الْفِلَسْطِينِيِّينَ مُنْذُ سَبْعِينِيَّاتِ الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ).
أَوَدُّ قَوْلَ مُلَاحَظَةٍ لَرُبَّمَا ضَرُورِيَّةٍ لِجِهَةِ التَّدَبُّرِ فِي مَضْمُونِ هَذِهِ الْمُرْتَكَزَاتِ الَّتِي جَاءَ بَعْضُهَا مُفَارِقًا لِلْإِسْهَابِ بَلْ وَمُكَثَّفًا وَلَكِنْ بِمِهْنِيَّةٍ بِاسْتِثْنَاءِ (الْمُرْتَكَزَيْنِ الثَّالِثِ/الرَّابِعِ) الَّذِي فِيهِمَا تَعَمْلَقَ الْكَاتِبُ، لَكِنَّهَا مُرْتَكَزَاتٌ تُفْضِي كُلٌّ مِنْهَا إِلَى مَا يَلِيهَا مِنْ مُرْتَكَزٍ، وَحَتَّى لَا نُطِيلَ فِي الشَّرْحِ الَّذِي يُفْقِدُ الْقِرَاءَةَ الْفَاحِصَةَ جَمَالَهَا وَمَا يَكْتَنِفُهَا مِنْ سَلَاسَةٍ وَتَشْوِيقٍ، لِذَلِكَ دَعُونَا نَنْطَلِقُ إِلَى الْمُرْتَكَزَاتِ السَّبْعَةِ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ الْخُلَاصَةُ.
الْمُرْتَكَزُ الْأَوَّلُ:
يُشِيرُ الْكَاتِبُ بِكُلِّ وُضُوحٍ وَبِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ أَنَّ مِقْيَاسَ الْوَلَاءِ وَجَوْهَرَ الِانْتِمَاءِ لِلْأُمَّتَيْنِ الْعَرَبِيَّةِ/الْإِسْلَامِيَّةِ يَتَحَدَّدُ مِنْ خِلَالِ الْمَوْقِفِ مِنَ الْقَضِيَّةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ، بِإِنْهَاءِ وَرَفْعِ الْمَظْلُومِيَّةِ عَنْهَا كَوَطَنٍ يَحْتَضِنُ أُولَى الْقِبْلَتَيْنِ وَأَرْضِ مَسْرَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ أَفْضَلُ صَلَوَاتِ اللهِ وَسَلَامِهِ، وَعَنْ شَعْبِهَا كَأَشْقَاءٍ تَمَّ تَشْرِيدُهُمْ وَنَهْبُ حُقُوقِهِمْ وَمُمْتَلَكَاتِهِمْ، وَشُنَّتْ عَلَيْهِمْ حَرْبُ إِبَادَةٍ مِنْ زَمَنٍ مُبَكِّرٍ بِدَايَةَ الْقَرْنِ الْفَارِطِ، وَالْفِدَائِيُّ وَالْمُنَاضِلُ/جُورْج إِبْرَاهِيمَ كَانَتْ فِلَسْطِينُ تُمَثِّلُ لَهُ خُلَاصَةَ كُلِّ تِلْكَ الْقِيَمِ.
الْمُرْتَكَزُ الثَّانِي:
بِدَفْعٍ مِنَ الْقُوَى الْمَاسُونِيَّةِ وَالصَّهْيُونِيَّةِ الْعَالَمِيَّةِ حَرِصَ الْغَرْبُ الِاسْتِعْمَارِيُّ فِي الْبِدَايَةِ وَلَحِقَتْ بِهِ الْإِمْبِرْيَالِيَّةُ الْأَمْرِيكِيَّةُ، لِزَرْعِ الْكِيَانِ الصَّهْيُونِيِّ وَمِنْ ثَمَّ تَثْبِيتِهِ بِأَرْضِ فِلَسْطِينَ الْعَرَبِيَّةِ رَغْمَ أَنَّهَا كَأَرْضٍ وَمُجْتَمَعٍ وَبِيئَةٍ وَثَقَافَةٍ وَدِيَانَةٍ لَا تَصْلُحُ لِإِقَامَتِهِ فِيهَا مِنْ جَمِيعِ النَّوَاحِي، وَظَلَّ الْكِيَانُ طَارِئًا بِفِلَسْطِينَ مِثْلَ الْمَرِيضِ فِي غُرْفَةِ الْإِنْعَاشِ بِدَعْمِ كَافَّةِ الْقُوَى الِاسْتِعْمَارِيَّةِ الْغَرْبِيَّةِ وَالْأَطْلَسِيَّةِ الْأَمْرِيكِيَّةِ فَقَطْ.
الْمُرْتَكَزُ الثَّالِثُ:
هَذَا الْمُرْتَكَزُ لَنْ تُقَدِّمَ الْقِرَاءَةُ الْفَاحِصَةُ لَهُ أَيَّ إِضَافَةٍ أَوْ حَتَّى إِضَاءَةٍ تَنْفَعُ الْقَارِئَ الْكَرِيمَ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ الْخَوْضُ شَرْحًا لِتَفَاصِيلِهِ، “لِذَلِكَ أَنْصَحُ الْقَارِئَ” مَرَّةً أُخْرَى بِالذَّهَابِ إِلَى نَصِّ الْمَقَالِ الْأَصْلِيِّ فِي الْمَوْقِعِ الْإِلِكْتْرُونِيِّ الْمُشَارِ إِلَيْهِ آنِفًا… إِنْ أَرَادَ الْمُتْعَةَ وَالِاسْتِزَادَةَ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ التَّوْثِيقِيَّةِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْكَاتِبُ الْفَطِنُ، الَّذِي عَادَةً مَا يَذْهَبُ إِلَى اسْتِحْضَارِ وَقَائِعِ التَّارِيخِ وَحَوَادِثِهِ سَعْيًا لِتَأْصِيلِ مَضَامِينِ سَرْدِيَّاتِهِ وَمَا يُسَطِّرُهُ فِي جُلِّ مَقَالَاتِهِ، وَفِي أَحَادِيثِهِ بِمُقَابَلَاتِهِ وَفِي مُحَاضَرَاتِهِ كَذَلِكَ كَقَامَةٍ أَكَادِيمِيَّةٍ مَشْهُودٍ لَهَا بِالتَّمَيُّزِ، لِنَجِدَهَا تُفْضِي إِلَى إِعْلَاءِ تِلْكَ الْقِيَمِ النَّبِيلَةِ الَّتِي كَانَ الْمُنَاضِلُ وَالْفِدَائِيُّ الْجَسُورُ/جُورْج إِبْرَاهِيمَ عَبْدِاللهِ أَيْقُونَتَهَا الْبَاذِخَةَ.
الْمُرْتَكَزُ الرَّابِعُ:
لَنْ نُكَرِّرَ مَا جَاءَ فِي الْمُرْتَكَزِ الثَّالِثِ مِنْ تَوْصِيفٍ بَلْ إِنَّنِي سَأُضِيفُ مَعْلُومَةً هَامَّةً مَفَادُهَا أَنَّ الْمُرْتَكَزَ الثَّالِثَ تَضَمَّنَ التَّأْصِيلَ فِيهِ ذِكْرَ الرُّؤَسَاءِ وَقَادَةِ الدُّوَلِ الْعَرَبِيَّةِ، أَمَّا فِي التَّأْصِيلِ الْخَاصِّ بِالْمُرْتَكَزِ الرَّابِعِ فَإِنَّهُ قَدْ أَفَاضَ فِي ذِكْرِ أَسْمَاءِ الْقِيَادَاتِ الرَّئِيسِيَّةِ وَالْمِحْوَرِيَّةِ فِي الْعَمَلِ الثَّوْرِيِّ الْمُقَاوِمِ مُنْذُ بِدَايَةِ انْطِلَاقَةِ الثَّوْرَةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ الْمُسَلَّحَةِ ضِدَّ الْعَدُوِّ الصَّهْيُونِيِّ، وَفِي هَذَا السِّيَاقِ لَا نَمْلِكُ سِوَى شُكْرِ الْكَاتِبِ الْفَذِّ عَلَى مَا بَذَلَهُ مِنْ جُهْدٍ مُضْنٍ بِاسْتِحْضَارِ وَذِكْرِ أَسْمَاءِ تِلْكَ الْكَوْكَبَةِ مِنْ شُهَدَاءِ الثَّوْرَةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ، وَنَشْكُرُ كَذَلِكَ رُوحَهُ الطَّيِّبَةَ بِتَوْجِيهِ الِاعْتِذَارِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذِكْرِ أَسْمَاءٍ وَرُمُوزٍ ثَوْرِيَّةٍ لَمْ تُسْعِفْهُ الذَّاكِرَةُ كَمَا هُوَ الْحَيِّزُ الْمُتَاحُ فِي مَقَالٍ تَحْشِيدِيٍّ تَعْبَوِيٍّ.
الْمُرْتَكَزُ الْخَامِسُ:
هَذَا الْمُرْتَكَزُ اسْتَعَانَ الْكَاتِبُ بِالْمَنْهَجِ الْفَلْسَفِيِّ/الْقِيَمِيِّ لِلْمُقَارَنَةِ وَالْمُقَارَبَةِ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ سُلُوكِ الْأَفْرَادِ وَالْجَمَاعَاتِ سَوَاءٌ تِلْكَ الْقَابِعَةِ فِي رَأْسِ هَرَمِ السُّلْطَةِ أَوِ النُّخَبِ الْمُتَمَوْضِعَةِ بَيْنَ صُفُوفِ الْجَمَاهِيرِ، وَمَوْقِفِ كِلَيْهِمَا مِنْ مَظْلُومِيَّةٍ لَا تَحْتَاجُ لِلتَّبْيِينِ وَالْإِيضَاحِ مِثْلِ مَظْلُومِيَّةِ الْقَضِيَّةِ وَالشَّعْبِ الْفِلَسْطِينِيِّ، فَلَعَنَ أَجْدَادَ الْأُولَى وَأَعْلَى مَقَامَ الثَّانِيَةِ الَّتِي يَقِفُ الْمُنَاضِلُ الثَّوْرِيُّ/جُورْج عَبْدِاللهِ فِي صَدَارَتِهَا.
الْمُرْتَكَزُ السَّادِسُ:
أَبْحَرَ الْكَاتِبُ فِي هَذَا الْمُرْتَكَزِ بِاسْتِعْرَاضٍ قَشِيبٍ لِأَثَرِ عَدَالَةِ الْقَضِيَّةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ عَلَى سُلُوكِ وَمَوَاقِفِ أَحْرَارِ الْعَالَمِ فِي كَافَّةِ قَارَّاتِهِ، لَا سِيَّمَا وَهُمْ يَرَوْنَ تَغَوُّلًا وَوَحْشِيَّةً لَا حُدُودَ لَهَا يُمَارِسُهَا الْعَدُوُّ الصَّهْيُوأَمْرِيكِيُّ بِدَعْمٍ حُكُومِيٍّ غَرْبِيٍّ، حَيْثُ ارْتَجَّتِ الْعَوَاصِمُ وَالْمُدُنُ الرَّئِيسِيَّةُ بِالتَّظَاهُرَاتِ الِاحْتِجَاجِيَّةِ وَالْمَسِيرَاتِ الصَّاخِبَةِ تَنْدِيدًا بِحُكُومَاتِ بُلْدَانِهِمُ الْمُتَوَاطِئَةِ مَعَ جَرَائِمِ الْإِبَادَةِ بِالنِّيرَانِ أَوْ تِلْكَ الَّتِي اسْتُجِدَّتْ فِي مُمَارَسَتِهَا بِحِصَارِ التَّجْوِيعِ وَالتَّعْطِيشِ وَمَنْعِ الدَّوَاءِ وَحَلِيبِ الرُّضَّعِ، وَكَانَ جُلُّ قِوَامِهَا طُلَّابَ الْجَامِعَاتِ الْأَمْرِيكِيَّةِ مَعَ طُلَّابِ الدُّوَلِ الْأُورُوبِيَّةِ، مُنْهِيًا ذَلِكَ الِاسْتِعْرَاضَ بِفَضْحِ مَوْقِفِ وَرَأْيِ الْمُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ الَّذِي ظَلَّ صَامِتًا بِإِزَاءِ كُلِّ تِلْكَ الْجَرَائِمِ الْوَحْشِيَّةِ.
الْمُرْتَكَزُ السَّابِعُ:
وَالْمُرْتَكَزُ السَّابِعُ هُنَا يَأْتِي عَلَى وَزْنِ (الْبَنْدِ الْأُمَمِيِّ السَّابِعِ) بِقَسَاوَتِهِ الْقَسْرِيَّةِ الْفَاضِحَةِ وَالْمُتَمَاهِيَةِ مَعَ سُلُوكِ الْحُكَّامِ الْخَلِيجِيَّةِ، كَمَا أَسْمَاهُمُ الْكَاتِبُ فِي مَوَاقِفِهِمْ مِنْ كُلِّ مَا يَجْرِي مِنْ جَرَائِمَ بِحَقِّ الشَّعْبِ الْفِلَسْطِينِيِّ يُمَارِسُهَا الْعَدُوُّ الصَّهْيُوأَمْرِيكِيُّ وَبِدَعْمٍ غَرْبِيٍّ وَخَلِيجِيٍّ صَرِيحٍ، لَا بَلْ وَفِي مَوَاقِفِ خِيَانَةٍ وَمُدَاهَنَةٍ وَصَلَتْ إِلَى حَدِّ الرِّشْوَةِ اسْتِمْزَاجًا فِي الْعَيْشِ تَحْتَ عُبُودِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ لِلْأَمْرِيكِيِّ دُونَالْد تِرَامْب الَّذِي جَاءَ إِلَى الْمِنْطَقَةِ جَابِيًا فَعَادَ مُحَمَّلًا بِتِرِيلْيُونَاتِ الْأَنْذَالِ مَزْهُوًّا بِغَطْرَسَتِهِ الْفَجَّةِ، وَهُمْ عَلَى يَقِينٍ عِلْمٍ بِحَجْمِ تَوَرُّطِهِ إِيغَالًا بِالْإِبَادَةِ لِلشَّعْبِ الْفِلَسْطِينِيِّ، وَبِهَذَا الْفِعْلِ يُصْبِحُ الْخَلِيجِيَّةُ مَعَ قِيَادَةِ دُوَلِ الْأَطْلَسِيِّ شُرَكَاءَ أَنْدَادٍ فِي جَرِيمَةِ الْعَصْرِ الَّتِي يَنْدَى لَهَا جَبِينُ أَحْرَارِ الْعَالَمِ.
الْخُلَاصَةُ:
بِهَذِهِ الْخُلَاصَةِ يُفَاخِرُ الْكَاتِبُ الْفَطِنُ بِرَوْعَةِ وَبَلَاغَةِ الدَّرْسِ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُنَاضِلُ الْجَسُورُ وَالثَّوْرِيُّ الْمُشْتَبِكُ/جُورْج عَبْدِاللهِ وَهُوَ الْمَسِيحِيُّ الْمَارُونِيُّ الْمِقْدَامُ، نُصْرَةً لِعَدَالَةِ الْقَضِيَّةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ وَالَّتِي تُمَثِّلُ الْيَوْمَ أَنْبَلَ قَضَايَا الْعَصْرِ وَأَقْدَسَ مَا يَسْتَوْجِبُ التَّضَامُنَ وَالدَّعْمَ الْأُمَمِيَّ، مُقَابِلَ لَيْسَ الْخِذْلَانِ فَقَطْ بَلْ وَالتَّآمُرِ وَالشَّرَاكَةِ الْمُقَزِّزَةِ لِلْحُكَّامِ الْعَرَبِ وَالْمُسْلِمِينَ مَعَ الْعَدُوِّ الصَّهْيُوأَمْرِيكِيِّ الْأَطْلَسِيِّ الِاسْتِعْمَارِيِّ… وَلَكِنَّهُمْ – أَقْصِدُ الْعُرْبَانَ – لَنْ يَتَمَكَّنَ أَكْبَرُ قَامَةٍ وَأَغْزَرُهُمْ مَالًا مِنْ فَهْمِ ذَلِكَ الدَّرْسِ الْبَلِيغِ.
انْتَهَتِ الْقِرَاءَةُ بِعَوْنِ اللهِ وَتَوْفِيقِ رِضْوَانِهِ.
مُحَمَّد الْجَوْهَرِيّ
جَامِعَةُ عَدَن