اخبار متنوعةاراء محليةاراء و اتجاهاتالاعلام المكتوبالمقالاتتقارير وتحقيقاتشؤون فلسطينفيديو

المهندسة المغربية التي هزت مايكروسوفت: ابتهال أبو السعد تكشف عن تورط الذكاء الاصطناعي في جرائم غزة

عبدالقادر بجاش الحيدري

تقرير وتحليل خاص
مؤسسة دار بن حبتور الخيرية
للعلوم والثقافة والتوثيق

الأربعاء، 11 يونيو 2025م

ومضة
…………
في عالم تتسارع فيه وتيرة الابتكارات التكنولوجية وتتسابق الشركات العملاقة نحو السيطرة على المستقبل، يكاد يغيب السؤال الأخلاقي وسط ضجيج الأرباح والخوارزميات، لكن في مشهد نادر خرج صوت أنثوي عربي من قلب إحدى كبرى هذه الشركات، ليكشف المستور، ويضع العالم أمام مرآة الحقيقة المُرّة.
ابتهال أبو السعد، مهندسة مغربية شابة وإحدى موظفات شركة مايكروسوفت، فاجأت الرأي العام في مطلع أبريل 2025، خلال احتفالية مرور خمسين عاما على تأسيس الشركة، عندما وجهت اتهامات مباشرة لإدارتها بالتورط في دعم الاحتلال الإسرائيلي عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي وخدمات الحوسبة السحابية.

لم تكن هذه المهندسة تبحث عن شهرة أو مجد شخصي وهي تفقد وظيفتها في هذه الإمبراطورية الرقمية العالمية، بل عن موقف يُقال فيه الحق مهما كانت التبعات ما فعلته لم يكن مجرد صرخة احتجاج، بل هزة عنيفة لمنظومة كبرى تُشارك في تمكين آلة القتل ضد الأبرياء في قطاع غزة.

من داخل مايكروسوفت:
صرخة كشفت المستور
………………………….
في لحظة بدت عادية على خشبة المسرح، وقفت ابتهال أمام المدير التنفيذي لقسم الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت، مصطفى سليمان، وواجهته باتهامات مباشرة بالتواطؤ مع آلة الاحتلال. الحدث الذي بدأ باحتفال داخلي، تحوّل إلى موجة رقمية عارمة، بعد أن تم تسريب المقطع المصوّر للحظة المواجهة وانتشر بشكل واسع على شبكات التواصل.

كشفت ابتهال اسرار خدمات الشركة المقدمة للاحتلال الإسرائيلي بأنها مشاركة مباشرة في الجرائم ضد الإنسانية لم تتحدث بلغة تقنية فقط، بل بلغة الضمير، وقالت إن مايكروسوفت تسهل للاحتلال الوصول إلى المدنيين، من خلال البنية التحتية التكنولوجية والخدمات السحابية التي تُستخدم لتعقب الأفراد وتوجيه الضربات وقتل الأبرياء.

من موظفة إلى رمز إنساني
…………………………………..
ما حدث لم يكن خسارة لوظيفة، بل ولادة لرمز جديد من رموز الوعي والكرامة في زمن تحكمه الصفقات والمصالح فتاة عربية مسلمة، قالت “لا” وهي داخل واحدة من أضخم كيانات القوة الرقمية في العالم.

في ظل صمت الكثير من الموظفين والمختصين داخل كبريات الشركات الغربية، جاءت ابتهال لتعيد تعريف دور الإنسان المهني، وتجدد معنى أن يكون للمهندس والتقني موقف أخلاقي، لا مجرد امتثال إداري.

أصبحت ابتهال، خلال ساعات، أيقونة للملايين من الشباب والفتيات، خاصة من العالم العربي والإسلامي، إذ جسّدت نموذجا نادرا في الشجاعة والوفاء للقيم، والتضحية من أجل الحقيقة.
كان لافتا أن ابتهال لم تكن فقط صوتا تقنيا واعيا، بل صوتا نسائيا مسلما قويا حضورها، وثقتها أثناء المواجهة، رسما صورة جديدة للمرأة المسلمة داخل مؤسسات القرار العالمي.

صرخة ضمير عالمي
…………………………..
قضية ابتهال ليست حدثا معزولا، بل جزء من تساؤل عالمي متصاعد حول أخلاقيات التكنولوجيا: إلى أي مدى تُسهم شركات الذكاء الاصطناعي في تأجيج الحروب؟ وهل تتحمل هذه الشركات مسؤولية إنسانية تجاه توظيف أدواتها؟

الاحتلال الإسرائيلي استخدم أدوات التحليل الرقمي، وأنظمة الرؤية عبر الأقمار الصناعية، وخدمات التعرّف على الوجوه، وأنظمة التتبع عبر الذكاء الاصطناعي لاستهداف الأبرياء في غزة، او تستخدم في غيرها من الحروب العبثية التي تفتك بالإنسان.
كل هذه الأدوات وفرتها شركات كبرى مثل مايكروسوفت وغيرها، دون اعتبار للنتائج الأخلاقية أو المآلات الإنسانية.

وماذا بعد؟
………………
ما قامت به ابتهال أبو السعد لا يجب أن يُختزل في كونه “حادثة فردية”، بل يجب أن يكون بداية لتحوّل أعمق ومراجعة داخلية على مستوى مجتمعاتنا ومؤسساتنا.
وهنا يأتي الدور على المبرمجين والمهندسين والمختصين في التقنية الى أن يسألوا أنفسهم: لمن نبرمج؟ ولأي أهداف نُسخّر ابتكاراتنا؟ وهل التقنية أداة محايدة، أم أنها خاضعة لمن يمتلكها ويوجهها؟

إن صرخة ابتهال هي دعوة للجميع، من داخل العالم الإسلامي وخارجه، لإعادة تعريف علاقة الإنسان بالتكنولوجيا من منظور أخلاقي وإنساني.

الخلاصة
…………..
في زمن تهيمن فيه الخوارزميات على القرارات، وتغيب فيه الأسئلة الأخلاقية وسط وهج الابتكار، جاءت صرخة المهندسة المغربية ابتهال أبو السعد لتضع النقطة على الحرف، وتفضح التواطؤ المخفي خلف واجهات التقنية البراقة.

لقد أربكت مايكروسوفت، وهزت صورة الذكاء الاصطناعي كمجرد أداة تقدم، وكشفت كيف يمكن أن تتحول هذه الأداة إلى سلاح دمار إذا أُطلقت بلا ضمير صرختها لم تكن نهاية، بل يجب ان تكون بداية لمسار جديد من الوعي، تسير فيه التكنولوجيا جنبا إلى جنب مع القيم، أو تسقط سقوطا أخلاقيا مدويا.

وفي الوقت ذاته، كشفت صرخة ابتهال للرأي العام الدولي خفايا التقدّم التكنولوجي حين يُوظف لخدمة أجندات الهيمنة، ويُستخدم كأداة لفرض الإرادة الجيوسياسية للدول المصدّرة للتقنية. فرغم ما تقدّمه هذه الأدوات من خدمات للبشرية، إلا أنها سلاح ذو حدين، يتطلب منا نحن كمجتمعات مسلمة أن نواجه هذا التحدي بجدّية.

اذ يتوجب علينا البدء بتأهيل كوادرنا البشرية علميا وتقنيا في المسار التعليمي لدى الجامعات والمؤسسات التعليمية ومواكبة التخصصات ذات العلاقة به وبالمستقبل ، كي لا نكون فقط مستهلكين وتابعين، بل مساهمين فاعلين في تحليل وتطوير وصناعة التكنولوجيا.

وتقع هنا مسؤولية كبرى على صُنّاع القرار، ومؤسسات التعليم، ورؤوس الأموال العربية والإسلامية، للاستثمار في بناء كوادر بشرية قادرة على مواكبة هذه الثورة الرقمية، والانخراط في صناعتها لا فقط الاكتفاء باستهلاكها، وذلك بما يضمن تحقيق السيادة التقنية، ويقلل من تبعية مصيرية قد تُهدد هوية مجتمعاتنا وقراراتها وموقعها في قرية العالم التكنولوجي.

إن تأخرنا في دخول هذا المضمار يجعلنا مهددين بأن نُستبعد من معادلات المستقبل، ونبقى مجرد سوق استهلاكي تموّله ثرواتنا، وتتحكم فيه تقنيات الآخر، ونُدار عبر أدوات لم نُساهم لا في صناعتها ولا في أخلاقيات توجيهها.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى